عاد الجدل حول تسييس المساجد وخُطَب الجمعة إلى المشهد السياسي التونسي بعد الخطبة التي ألقاها القيادي في حركة النهضة الإسلامية، الحبيب اللوز، أمام جمعٍ من المتظاهرين المؤيدين لحكومة حمادي الجبالي الجمعة الماضية في ساحة القصبة وسط العاصمة. وخلال هذه الخطبة، شن اللوز هجوما حادا على المعارضة بشقيها الليبرالي واليساري كما انتقد الإعلام بشدة واصفا إياه ب “إعلام الثورة المضادة”. وتسييس خُطب الجمعة في تونس قديم، إذ يعود إلى بداية الاستقلال حيث استُغِلَّت بيوت الله لتمجيد أول رئيس لتونس الراحل الحبيب بورقيبة، فكان يوصف داخلها ب “المجاهد الأكبر”، واستمرت هذه الممارسات في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، إذ كان خطباء الجمعة في مساجد تونس يدعون “للسيد الرئيس وحرمه بالخير والتوفيق ويعظمون أعماله”. و بعد ثورة 14 يناير التي أطاحت ب “بن علي”، غاب النظام عن المساجد فأصبحت تحت سيطرة المجموعات الأقوى والأكثر انتشارا بين المصلين، ولم يعد للدولة أي سيطرة على مئات المساجد في البلاد بعد أن قامت عدة مجموعات دينية بتغيير الأئمة وطردهم والتحكم في مضمون خُطب الجمعة. من جانبها، أصدرت وزارة الشؤون الدينية عديداً من البيانات التي دعت من خلالها إلى الكف عن المساس بحرمة المساجد، منبهة أنها جزء من المؤسسات العامة فلا يجوز أن تكون خارجة عن القانون. وأكد المستشار السياسي والإعلامي لوزير الشؤون الدينية، علي اللافي، أن أكثر من 400 مسجد شَهِدَ مثل هذه الإشكالات رغم تقلص الظاهرة مؤخرا، وأفاد اللافي أن “تونس الكبرى وخاصة الضاحية الجنوبية وأيضا بنزرت هي المناطق التي شهدت أكثر من غيرها مثل هذه الأحداث”. وفي حين أصدرت حركة النهضة بيانا بعد أسابيع قليلة من سقوط نظام بن علي أكّدت خلاله على تحييد المساجد عن العملية السياسية ودعت فيه إلى عدم توظيف بيوت الله سياسياً، إلا أن الأمر تواصل حتى بعد وصولها إلى سدة الحكم، بل إن عددا من قوى سياسية تقول إن أنصارا للحركة شاركوا في خلع وتنصيب الأئمة بجانب التيارات الإسلامية الموجودة في الساحة. وكان زعيم حزب العمال التونسي، حمة الهمامي، اتهم حركة النهضة باستغلال المساجد أثناء حملتها الانتخابية الأخيرة واعتبر أن فوزها في الانتخابات يعود في جزء كبير منه إلى استغلال الدين من أجل أهداف سياسية وانتخابية. وشَهِدَت الأسابيع القليلة الماضية تطرقاً لموضوعات سياسية في خُطَب الجمعة، حيث أكد علي اللافي أن وزارة الشؤون الدينية تبيَّنت أن عددا من الأئمة ألقوا خطبا معادية للسياحة ودعوا إلى مقاطعتها بل إن عدداً منهم دخل في جدل أزمة الاتحاد العام التونسي للشغل مع الحكومة وأعطى مواقف وآراء سياسية. وتعتبر وزارة الشؤون الدينية أن الجامع كما يدل عليه اسمه هو مركز وحدة للأمة “فهو يجمع ولا يفرّق”، ودعا وزير الشؤون الدينية، نور الدين الخادمي، خطباء المساجد إلى الاستزادة في العلم واحترام القانون. بدورها، أعلنت نقابة الصحفيين، في بيانٍ لها، أنها ستتخذ كل الإجراءات القانونية الواجبة لتتبع القيادي في “النهضة”، الحبيب اللوز، قضائياً على خلفية دعوته إلى “ضرب الإعلام في خطابه أمام آلاف المتظاهرين المساندين للحكومة الجمعة الماضية في ساحة القصبة ووصفه للصحفيين بالمعادين للثورة”. زعيم حركة النهضة يصلي بأنصاره