هل الوردة التي قطفتَها قبل قليل – قبل ثوانٍ معدودةٍ – هي الوردةُ التي كانت تقف على هامة الغصن كأنّها التاج أو كأنها العمامة؟ وهل الغصن الذي يحملها كما يحمل أبٌ طفله الغضَّ ليبصرَ جيداً من كان يرقص في غبار الحشد هو الغصنُ نفسه بعد أن امتدّتْ إلى تلك الوردة أصابعُك؟.. ترى هل شعر الغصنُ بالضياع، بالفقد، بالوحدة ؟ هل أدركه القبحُ فيما غادرتْهُ وردة الجمال؟ وهي (أعني الوردة) هل مسّها اليتمُ؟ هل شعرت بأنها مغتصبة؟ وهي بعد القطف هل أحست بأنها هي نفسها من كانت قبل القطف؟ هل شعرت بأنها باتت أكثر حريةً؟ هل ضحكت كما تضحك فتاةٌ لعوبٌ ....؟ أم ناحت كما تنوح امرأةٌ ثكلى على مشارف ضريح؟ هل سقط الغصن في الضجر؟ أم شعر بأنه أضحى متخففاً وهوى في المسرّة؟ هل تحسس رأسه؟ هل بكى في صمتٍ؟ هل أطرق نادماً؟ هل شعر بأن قلبه انكسر؟ هل شعر متأخراً بأنه خسر العطرَ وعبقَ الأنوثة؟ وهي هل باتت على يقين بأنها في عداد الذابلين أو الآيلين للذبول؟ هل سيذهب بها القاطف إلى حفلة عرسٍ؟ أم سيضعها برفقٍ على صدر ضريحٍ بارد؟ هل سيُجَمِّل بها قميص امرأةٍ يخبئها عميقًا في القلب؟ أم سيخبئها في عتمة كتابٍ ويحتفظ بها على سبيل الذكرى؟ هل سينشد الغصنُ مرثية الغياب؟ أم سيبتكرُ قصيدةً في مديح أنوثةٍ آفلة؟ هل سيحفظُ لها الود؟ أم سيخبئها في خسّةٍ؟ هل الوردة هي الوردة قبلاً والآن وعما قليل؟ وهل الغصن هو الغصن قبلاً والآن وعما قليل؟ وهل حبري الذي كتب هذا النص هو حبري قبل الكتابة وحين الكتابة والآن وعما قليل؟