تزامنًا مع ذكرى الرؤية.. جهود تطويرية للنهوض بقطاع التنمية الاجتماعية في المملكة    حماس تراجع اقتراحا إسرائيليا مع اقتراب الهجوم على رفح    الأخدود يتغلب على أبها برباعية في دوري روشن    ضبط 19050 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    ملتقى مرض الباركنسون يستكشف أحدث تطورات العلاج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري جراحة معقدة لعلاج جنف مضاعف بدرجة "120"    حرس الحدود: القبض على (9) إثيوبيين بجازان لتهريبهم (180) كجم "قات"    برعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح مؤتمر «دور الجامعات في تعزيز الانتماء والتعايش» الدولي    رئيس الشورى اليمني يشيد بجهود السعودية لإحلال السلام في اليمن    الأعاصير تسوي المنازل بالأرض في نبراسكا وأيوا    برعاية ولي العهد.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتوج الفائزين بكأس العلا للهجن في نسخته الثانية    «الثقافة» و«الصحافة» ينعيان الأديب عبدالرحمن المعمّر    رونالدو يقود النصر ضد الخليج بعد عودته من الإيقاف    كلوب يستبعد تعثر أرسنال وسيتي بالجولات الأخيرة    أمير الرياض يوجه بسرعة الرفع بنتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    رئيس دولة فلسطين يصل إلى الرياض    هاري كين يقود بايرن ميونيخ للفوز على فرانكفورت    418 مليون دولار من البنك الإسلامي للتنمية لتمويل مشاريع في الدول الأعضاء    تركي بن طلال يلتقي أهالي عسير ويشيد بالإنجازات التعليمية في المنطقة    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على منصور بن بدر    القصاص من مواطن أنهى حياة آخر بإطلاق النار عليه بسبب خلاف بينهما    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة إلى 34388    أمير عسير‬⁩ يشكر القيادة على ما توليه من اهتمام بالتعليم ومنسوبيه    وزير الاقتصاد والتخطيط: الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض يمثل فرصة فريدة لإعادة رسم مسارات التنمية    هندوراس تعفي السعوديين من تأشيرة الدخول    تحديد مواعيد التقديم على بوابتي القبول الموحد للجامعات الحكومية والكليات التقنية بالرياض    مدرب توتنهام: لا يهمني تعطيل آرسنال نحو التتويج    تكريم الطلبة الفائزين بجوائز "أولمبياد أذكى"    نقل حالتين طبيتين حرجتين لمواطنين من مصر    المالية تعدل اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    إبداعات 62 طالبًا تتنافس في "أولمبياد البحث العلمي والابتكار"غدا    الحقيل يبدأ زيارة رسمية إلى الصين الأسبوع المقبل    "911" يتلقى أكثر من 30 مليون مكالمة خلال عام 2023    قطاع صحي خميس مشيط يُنفّذ فعالية "النشاط البدني"    المكتب التنفيذي لجمعية الكشافة يعقد اجتماعه الأول الاثنين القادم    ترقية الكميت للمرتبة الحادية عشر في جامعة جازان    جعجع: «حزب الله» يعرّض لبنان للخطر    «الاحتياطي الفدرالي» يتجه لتغيير لهجته مع عودة التضخم    زلزال بقوة 6.5 درجة يهز جزر بونين باليابان    ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي    عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»    فرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    كبار العلماء: من يحج دون تصريح "آثم"    الأهلي والترجي إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا    فريق طبي سعودي يتأهل لبرنامج "حضانة هارفرد"    بينالي البندقية يزدان بوادي الفنّ السعودي    "طفرة" جديدة للوقاية من "السكري"    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    رؤية الأجيال    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    مقال «مقري عليه» !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أردوغان ليس نصير الإسلام.. ولا عدوه
نشر في الشرق يوم 09 - 12 - 2016

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رجل متدين، هذه معلومة لا يشكك فيها أحد، فمواقع الإنترنت مليئة بمقاطع الفيديو التي يقرأ فيها القرآن بصوت رخيم وتجويد متقن.
أردوغان رجل له مواقف بطولية في نظر كثير من محبيه، فهو الذي وقف في وجه النظام السوري منذ البداية، وهو الذي فتح الحدود للاجئين السوريين وأحسن ضيافتهم واستقبالهم.
وهو الذي وقف في وجه إسرائيل وحصارها الغاشم لقطاع غزة، وهو الذي سمح لأسطول الحرية بالانطلاق من الموانئ التركية ليكسر الحصار وقاد حملة دبلوماسية لمعاقبة إسرائيل.
لكنه رغم مواقفه البطولية تلك التي تجعله في نظرهم يعيد أمجاد الخلافة الإسلامية يصيبهم بالحيرة والارتباك، جراء ما يتهمه به خصومهم من تناقضات في مواقفه السياسية؛ فهو وبعد موقفه الصلب ضد بشار الأسد وإسقاط الجيش التركي طائرة روسية مقاتلة دخلت الحدود التركية، عاد وقام بزيارة لموسكو وقدم الاعتذار للدب الروسي حتى يسمح بعودة السياح الروس إلى تركيا، في خطوة اعتبرها خصومه مهانه كبيرة وتنازلاً عن مبادئه التي كان ينادي بها. فكيف تحتضن اللاجئين بذراع وتمد ذراعك الأخرى لتصافح قاتليهم؟
مثال آخر على ذلك التناقض في تعاطيه مع دولة الكيان الصهيوني، فبعد الغضبة العارمة وتجميد العلاقات، عادت المياه لمجاريها، وتم تطبيع العلاقات مجدداً، بل وقامت الحكومة التركية بإرسال فرق من الدفاع المدني لمساعدة حكومة نتنياهو في السيطرة على سلسلة الحرائق التي اندلعت هناك مؤخراً، وقام نتنياهو شخصياً بشكر الحكومة التركية على موقفها الإنساني. هل أردوغان رجل متناقض بالفعل؟ هل هو مجرد سياسي انتهازي يتلاعب بمشاعر المتدينين كما يتهمه خصومه؟ أم أنه قائد إسلامي عظيم له أخطاء كما يراه محبوه؟
في وجهة نظري أن أردوغان ليس هذا ولا ذاك، وأن كلتا الصورتين صور متخيلة صنعتها الآراء المسبقة والقوالب الجاهزة التي تربت عليها الذهنية العربية.
ولنفهم حقيقة الأمر ربما يفيدنا إلقاء الضوء لمحة من ماضي أردوغان، نشأ أردوغان في حي للطبقة المتوسطة، وتخرج في مدرسة دينية للأئمة والخطباء، ثم سرعان ما دخل المعترك السياسي وهو طالب في الجامعة تحت مظلة معلمه ووالده الروحي نجم الدين أربكان، في حزب أربكان ترشح لمنصب عمدة إسطنبول وفاز بالانتخابات، وخلال ثلاثة أعوام تمكن من تحقيق نجاح باهر على مستوى الخدمات وسداد ديون المحافظة، كان الرجل في قمة نجاحه العملي، ولكنه فوجئ بنفسه يُجَرَّد من منصبه ويزج به في السجن لمجرد أبيات شعرية تلاها في إحدى خطبه تتحدث عن المساجد والقباب والمآذن وجيش المصلين الذي لا يهزم. ليس ذلك فحسب، بل سرعان ما تم تجريم وحظر حزب الرفاه الحاكم في ذلك الوقت وإجبار رئيس الوزراء نجم الدين أربكان على الاستقالة بحجة مخالفته للقيم العلمانية، وهي نفس التهمة التي سجن بسببها رئيس البلدية الشاب الناجح أردوغان. بعد خروجه من السجن أدرك أردوغان أن الحديث عن حزب إسلامي ودولة إسلامية هو مناطحة للصخر في تركيا، وأن تهمة الإسلامية تلك هي الحجة التي أطاحت بكل نجاحاته التي حققها، هنا قرر الانشقاق على والده الروحي وتأسيس حزب العدالة والتنمية الحالي، وكانت أهم ركيزة في سياسة الحزب هي الحفاظ على علمانية الدولة وعدم فرض أجندة دينية أو تمييزية عليها، وظل أفراد الحزب الجديد ينفون في كل مناسبة صفة الإسلامية عن حزبهم، وأنه مجرد حزب ليبرالي علماني لا علاقة له بالدين، وأن هدفهم الأساسي هو إصلاح ونهضة تركيا بدون الخروج عن الإطار العلماني الذي يسع الجميع، طبعاً ورغم تمسكهم الشديد بهذا الخط الحذر لم يسلم الحزب من الاتهامات والمحاكمات لكنه استطاع الصمود. والآن تعال لنسترجع مواقف أردوغان السابقة هنا، تأمل كل موقف اتخذه ستجد أنه يقع دائماً تحت إطار احترام علمانية الدولة؛ لذلك تجد مبرراته عندما ينتقد ويهاجم إسرائيل ليس لأنها دولة يهودية تحتل المسجد الأقصى، بل لأنها خالفت القانون الدولي ولم تحترم قرارات الأمم المتحدة، ولذلك يرسل لها مساعدات إنسانية وقت الحاجة؛ لأنها دولة جارة مرتبطة بعلاقات دبلوماسية مع بلاده، ولا يستطيع معاملتها بطريقة تمييزية على أساس ديني وإلا تم اتهامه بأنه يخرق علمانية الدولة. قس على ذلك موقفه من روسيا، فهو يرفض العدوان على الشعب السوري؛ لأن هناك سنداً دولياً يجرم ذلك، لكنه يتوقف عن التمادي في ذلك عندما يتضرر اقتصاد بلاده، ويضطر لمصالحة الدب الروسي حفاظاً على مصلحة البلاد؛ فهي أهم من المبدأ الإنساني في نظر الدستور العلماني الذي تعهد بالحفاظ عليه وتطبيقه.
خذ أي موقف من مواقف الرجل خلال السنوات الماضية، ستجده لا يخرج أبداً عن هذا الإطار، فمهما بدا الموقف نصيراً للإسلام أو معادياً له ستجده في كل الحالات لا يخرج عن إطارين أشبه بقضبان القطار، مصلحة البلاد المادية واحترام علمانية الدولة.
في المحصلة أردوغان أشبه برجل يقود قطاراً، ويحاول أن يجعل رحلة الركاب ممتعة وسعيدة لكنه لا يملك بحال من الأحوال الخروج عن القضبان ولا تغيير اتجاه القطار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.