يسهم حضور المملكة العربية السعودية كضيف شرف في معرض الدارالبيضاء الدولي للكتاب في دورته ال18، الذي سيقام الأسبوع المقبل، في مشاركة عدد كبير من المثقفين السعوديين بشكل موسع وشامل يسمح بتبادل المعرفة والخبرات الثقافية بين البلدين. «الشرق» التقت عدداً من المثقفين والمثقفات في البلدين، للتحدث عن مشاركات المثقف السعودي، وتطلعات قرينه المغربي. كتب الجناح سيقدم الروائي عبده خال ورقة في المعرض تتحدث عن أثر الرواية المغربية في المشرق، متخذاً المملكة العربية السعودية أنموذجاً. ويقول خال عن ورقته «الورقة التي سأشارك بها تظهر التزاوج ما بين الروايات في جناحي الأمة العربية، الجناحان المفصولان بفعل الواقع السياسي، أصبحنا كأننا ننتج أعمالاً من أمم أخرى، ولكننا أمة واحدة». ويرى خال أن انشطار الحدود لم يمس الكتاب العربي والثقافة العربية، فهو شبيه بالمياه التي تتلاقى عند بعضها في امتزاج طبيعي «الفصل السياسي غير موجود ثقافياً». ويؤكد خال أنه ليس هناك تميز لطرف على طرف، إنما هناك أسبقية في الفعل الروائي «إننا تتلمذنا على عديد الكتابات في المغرب العربي». حيث يسمح القرب الجغرافي لدول المغرب العربي من أوروبا باطلاع المثقف المغربي على أحدث المدارس، وبسرعة فائقة، فيتأثر بها قبل المشرق، الذي ينتظر الفرصة لتوفر نسخة مترجمة من الكتاب. ويسهم وجود الروائيين في مواقع مختلفة من العالم العربي في إدخال السرور والبهجة في قلوب المشاركين، ثم ينعكس سلباً على البلد؛ كونها أصبحت تحضر في المحافل الدولية، حسبما يرى خال.وأشار خال إلى ملاحظة قد تغضب من يبذلون جهداً حسب تعبيره، فهو يرى أن تلك الكتب التي تحمل من معرض دولي إلى آخر لا تمثل الثقافة السعودية خير تمثيل، فهي ناقصة، وليست ذات شمولية للخارطة الثقافية، «خصوصاً إذا علمنا أن أغلب الكتب السعودية تطبع وتنشر في الخارج، ولا تدخل ضمن الكتاب السعودي، وكأن كل هؤلاء ليسوا منتمين لهذه الأرض». ويؤكد خال أن ما يحدث يشطر مسمى الكتاب السعودي، فهو حاضر في جناح، وكضيف شرف، لكن القراء لا يجدون الكتاب السعودي فيه، فيبحثون عنه في الدور الدولية المختلفة، كدار الآداب، أو الساقي، أو منشورات الجمل، أي في أماكن أخرى، بعيداً عن المكان المخصص للكتاب السعودي. وعدّ خال ما يحدث تبرؤاً مضاعفاً من الكتب السعودية، فهي تنشر في الخارج، ولا يسمح لها بدخول البلاد، علاوة على كونها لا تعرض في الأمكنة المخصصة للكتاب السعودي في المعارض. واقترح خال أن تقوم الأجنحة السعودية، بالتعاون مع دور النشر، بتوفير الكتب السعودية، أو أن تقوم بنشر مجاميع تحوي المؤلفات. تجربة غنية وستطرح الروائية أميمة خميس ورقتها «من سرب خريطة وادي عبقر للرواية: كيف استطاعت الرواية أن تلتهم المشهد الثقافي المحلي»، تتضمن الطفرة الروائية السعودية، وتبدلاتها وتحولاتها وإشكالياتها. وتعدّ هذه الزيارة الأولى لخميس إلى المغرب، التي ترى أن تجربة الأدب المغاربي تجربة غنية، ولم يكن هذا الحضور طارئاً، بل فرصة لتعميق المعرفة والاطلاع على البلد وثقافته.وتسمح هذه المشاركة بمد جسور التواصل بين الأقطار العربية، من خلال هذه الأيام، وقد تغيرت الأطر التي كان يتحدث من خلالها المثقف السعودي، الذي كان على ضفاف المشهد الثقافي في الوطن العربي. الفن والسياسة وستشارك الشاعرة أشجان هندي في أمسية شعرية، إضافة إلى حضورها لندوات ومحاضرات المعرض. وترى هندي أن الأمر المبهج هو المشاركات الثقافية بين أدباء ومثقفين مغاربة وسعوديين، حيث سيتم الاشتراك في بعض الندوات. وأثنت هندي على الجهود التي بذلتها الملحقية الثقافية السعودية لإنجاز مشاركة المملكة كضيف شرف هذا العام. وبدت هندي سعيدة بمشاركتها في هذه الدورة «أتمنى لجميع المشاركين ولنفسي أن يكون أداؤنا وحضورنا مواكباً لحجم هذه الفعالية الكبيرة». وتعتقد هندي أن المشاركات ستقرب العلاقات، لأن الأدب والفن يستطيعان ما لا تستطيعه السياسة من التقريب بين وجهات النظر. وترى هندي أن وصول الكتاب المغربي إلى المملكة ليس وليد اللحظة «هو موجود، وكثير من كتب الأدب السعودي موجودة في مكتبات المغرب كذلك، وعلاقتنا بالكتاب والنقاد المغاربة علاقة وطيدة وقديمة». وعدت هندي المشاركة تتويجاً لما هو موجود، وزيادة للجمال، وتوثيقاً للعرى السابقة. نقص الأسماء ويعتقد الصحافي والشاعر المغربي ياسين عدنان أن المشاركة السعودية تمت تهيئتها خارج المعرفة، بالتفاعل القائم أصلاً بين مثقفي هذين البلدين. واستغرب غياب عدد من المثقفين السعوديين الفاعلين عن جدول البرنامج «وإلا كيف نفسر غياب لقاء مشترك يحتفي برجاء عالم ومحمد الأشعري في جلسة واحدة، وهما اللذان منحا الأخوة الأدبية المغربية السعودية فرصة أن تتحقق بشكل جميل متألق في (بوكر) العام الماضي، حينما تقاسما معاً في أبوظبي هذه الجائزة الأدبية الرفيعة؟». مضيفاً «كنتُ أتمنى أن يحتضن المعرض كلاً من الأشعري ورجاء عالم في لقاء مشترك، ومن المؤكد أنه كان سيحقق نجاحاً إعلامياً خاصاً سيفيد المعرض، ويضيف له قيمة إشعاعية جميلة». وتفاجأ عدنان من غياب الناقد الدكتور عبدالله الغذامي، «لا أفهم كيف يغيب ناقد إشكالي مرموق مثله، وهو الذي يحظى بكثير من الاحترام هنا في المغرب، مع أن له خصوماً فكريين من أمثال الدكتور سعيد علوش، الذي خصص كتاباً كاملاً لنقد أطروحته في مجال النقد الثقافي (ثقافي أم حداثة سلفية)». ويرى عدنان أن البرنامج بدا رمزياً تمثيلياً، ومن النوع الناعم الذي لا يشتبك مع الأسئلة الشائكة، ولا يبذل مجهوداً للذهاب إلى الجوهر، والنفاذ إلى العمق الثقافي الذي نريده، الذي يمكنه أن يصنع الحدث فعلاً في مناسبة كهذه. وبالرغم من فرح عدنان بعدد من الأسماء المهمة التي يضمها البرنامج الثقافي السعودي في المعرض، إلا أنه يشعر بأن معدي هذا البرنامج ضيعوا فرصة ذهبية لإعطاء صورة أقوى عن المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية، صورة كنا نتمنى لو عكست الجانب الحي المتوثب لهذه الثقافة. احتفال متأخر بينما ترى القاصة والكاتبة المغربية منى وفيق أن وجود المملكة كضيف شرف احتفاء طبيعي ومتوقع، وتراه تأخر نظراً للعلاقات التي تربط البلدين. وتؤكد وفيق أنه من الجميل مشاركة المملكة بعدد من الندوات التي تعتقد أنها ستسمح بتقريب المثقفين. وأشارت وفيق إلى الاطلاع الواسع والمعرفة الثقافية والأدبية بين البلدين، مبدية توقعاتها بأن تكون المشاركة السعودية متميزة وجديدة ومثمرة. أشجان هندي ياسين عدنان