الأمير فهد بن سلطان يطلع على نتائج القبول بجامعة تبوك.    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأمريكي تطوير الشراكة الإستراتيجية    وصول قافلة مساعدات سعودية إلى درعا السورية    إقامة بطولة "Six Kings Slam" العالمية للتنس في الرياض أكتوبر المقبل    السعودية والعراق توقعان اتفاقية في مجال مكافحة المخدرات    مصليات متنقلة بواجهات جازان    أخضر اليد يتعادل مع البرازيل في انطلاق بطولة العالم للناشئين    وصول جثمان الطالب محمد القاسم إلى المملكة غدا    العلا يوقع مع المجحد    البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يضع حجر الأساس لمشروع تعليمي بالمكلا    إحباط تهريب (10) كيلوجرامات من مادة الحشيش المخدر في جازان    ارتفاع عدد وفيات سوء التغذية في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلاً    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الجوهرة العساف    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10946) نقطة    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    أمير القصيم يفتتح مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم    تفعيل الشراكات.. ركيزة لتحقيق المنجزات..    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    الخارجية الفلسطينية تطالب بإجراءات دولية فاعلة لوقف إرهاب الاحتلال والمستوطنين    إجراء أول زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي في المملكة    ارتفاع مؤشر نضج التجربة الرقمية لعام 2025 إلى86.71%    اتفاقية تعاون بين الصين و مصر بشأن إدارة مواقع التراث الثقافي العالمي    البريد السعودي ‏يُصدر طابعًا تذكاريًا بمناسبة تكريم أمير منطقة ⁧‫مكة‬⁩ المكرمة ‬⁩تقديرًا لإسهاماته    هبوط اسعار الذهب    أمير تبوك يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    تأهل 4 أندية إلى ربع النهائي    سيرة من ذاكرة جازان.. إياد أبوشملة حكمي    موسكو تعلن حرية نشر الصواريخ المتوسطة.. استهداف روسي أوكراني متبادل يعطل الإمدادات العسكرية    بعد 80 عاما من قصفها هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي    «إنسان» تودع 10 ملايين ريالٍ في حسابات المستفيدين    «الفصلان الدراسيان» يعودان برؤية تطويرية.. رضا مجتمعي واسع واستجابة للمتغيرات التعليمية    الموارد: نخطط لنموذج مستدام لرعاية كبار السن    حوت غاضب يقذف سيدة من قارب    أداء قوي رغم تقلبات الأسواق.. أرامكو السعودية: 80 مليار ريال توزيعات أرباح الربع الثاني    والد ضحية حفل محمد رمضان: أموال الدنيا لن تعوضني عن ابني    هيئة التراث ترصد (24) حالة تعدٍ على مواقع وقطع أثرية    معرض «المهمل»    من تنفيذ تعليمات إلى الفهم والقرارات.. سدايا: الذكاء الاصطناعي التوكيلي يعزز الكفاءة والإنتاجية    الرياض تصدرت معدل الامتثال ب92 %.. 47 ألف مخالفة للنقل البري في يوليو    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    نوتنجهام ينافس أندية سعودية على نجم اليوفي    برشلونة يفتح إجراء تأديبياً بحق تيرشتيغن    سرد تنموي    احذروا الثعابين والعقارب ليلاً في الأماكن المفتوحة    سعود بن نايف يشدد على الالتزام بأنظمة المرور    صحن المطاف مخصص للطواف    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    فيصل بن مشعل: المذنب تشهد تطوراً تنموياً وتنوعاً في الفرص الاستثمارية    "الإسلامية" تنفذ برنامجاً تدريبياً للخُطباء في عسير    النقد السلبي    اتحاد المنطاد يشارك في بطولة فرنسا    الانضباط تغرم الهلال وتحرمه من المشاركة في السوبر المقبل    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    لجنة الانتخابات تعتمد قائمة نواف بن سعد لرئاسة الهلال    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتغيِّرُ إيجابياً والمتلوِّنُ سلبياً
نشر في الشرق يوم 26 - 03 - 2014

من مشكلات المجتمعات المنغلقة أنها تعيب على المتغير إيجابياً؛ لكنها في الوقت نفسه تدافع وربما تنافح عن المتلون سلبياً، والسؤال: لماذا تحضر هذه الظاهرة؟ أو بعبارةٍ أخرى: لماذا تكون مثل تلك الظواهر حاضرة وموجودة؟ أعتقد من الأسباب الرئيسة في ذلك: إشكالية التكوين العلمي والعقلي في تلك المجتمعات الذي يُخلَطُ فيه بين كثيرٍ من الأمور، من المعلوم أن المتغيّرَ إيجابياً هو الذي يتغيرُ للأحسن والأفضل، والسؤال المطروح هنا: ماهي المعايير الأولية للتغيير للأحسن؟ بكل بساطة فإنَّ المتغيرَ للأحسن هو ذلك الشخص الذي اعترفَ بجهله؛ فالاعتراف بالجهل بوابة التغيير للأفضل؛ الشافعي كان يردد عبارته الشهيرة: «كلما ازددتُ علماً ازددتُ علماً بجهلي»، فالذي يعترفُ بجهله هو العالِم المتغيِّر كما فعل الشافعي، أما الذي لا يعترفُ بجهله فهو الجاهل الحقيقي بامتياز، فحقيقة الجهل تكمن في الجاهل المركب الذي يجهل ويجهل أنه يجهل، أما الجاهل البسيط فحقيقته ليس بجاهل؛ لأنه يجهل لكنه يعلم أنه يجهل، وبالتالي سيتغيرُ إيجابياً وسيتعلم وربما يكون عالماً؛ فابن حزم الظاهري وهو الفقيه المعروف تحوَّلَ من جاهلٍ بسيط إلى عالمٍ فيلسوف من علماء الشريعة، وأصبح رأيُه رقماً صعباً مهماً في الفقه الإسلامي وكان سببُ تحوله وتغيره جهله بصلاة تحية الدخول للمسجد، وقد كان للشافعي مذهبان: مذهبه القديم ومذهبه الجديد المتغيِّر، ولماذا كان للشافعي مذهبان؟ لقد تغيَّرَ الشافعي باعتبار الحقيقة النسبية التي توصَّلَ إليها من خلال نظرته للأدلة والمصالح الشرعية العامة، وكذلك يقال عن أحمد بن حنبل في رواياته الفقهية المتعددة التي اختلفت بسبب تغييرٍ ظاهرٍ في آرائه.
لقد قيل: «الذي لا يتغير اثنان: الجاهل والميت» العلماء والمثقفون والمفكرون هم من يتغيرون إيجابياً للأفضل؛ الجاهلُ الجامد لا يمكن أن يتغير؛ لأنه عدوٌّ لما يجهله، أما العالمُ المفكر فهو يبحث عن الحقيقة ويبذلُ قصارى جهده متقصِّياً ومستخدِماً كلَّ الوسائل لأجل الوصول إليها، فهو يعلم أن الحقيقة -غير اليقينية- ليست حكراً على أحد، وبمجرد وصوله لتلك الحقيقة المثبتة بالأدلة والبراهين فإنه يعزمُ على تغيير موقفه مهما كانت النتيجة العلمية، فيا لعظمة من قال:«الذي لا يتغير اثنان: الجاهل والميت» الجاهلُ الذي يرفض التغيير قد مات قلبُه حتى وإن لم يمت جسده:{فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}الجاهلُ المركب بمعناه الأوسع الذي يشكل المتعصبُ والمتعنصرُ جزءاً منه لا يمكن لهذا أن يتغير؛ لأنه متيقنٌ من كل شيء، فقد وضعَ اليقين في غير موضعه، فلم يدرك أن اليقين – في غير الأمور اليقينية- حالة هستيرية جهلية تنتشر في المجتمعات المتخلفة المنغلقة وهي منافية للعلم والعقل كما قال ذلك الفيلسوف المعروف فولتير، معيار التغيُّر للأحسن: أن تتغيرَ بقناعاتك العقلية عن علمٍ وفكر وِفقَ براهين وحقائق، وبالطبع لا يتمُّ ذلك إلا بالانفتاح المعرفي وبالبحث والسؤال والتقصي العلمي والتخلص من سيطرة الرغبة والتبعية والتقليد الأعمى، المتغيرُ إيجابياً لا يمكن أن يكون متلوناً في آرائه؛ لأن المتغير إيجابياً صاحب مبدأ يعتمد الحقائق والبراهين وينظر في مصلحة مجتمعه ووطنه، عكسُهُ المتلون الذي يخلو من مبدأ الحقيقة والبرهان، وتتحكمُ في آرائه وتصرفاته المصلحة الذاتية والرغبة، التلوُّنُ لا يكونُ حسناً البتة؛ فليس من المحتمل أن يقال عن التلوُّن بأنه نوعان: أحدهما للأحسن والآخر للأسوأ؛ التلونُ نفاقٌ محض، المتلونُ المتثعلبُ الماكرُ -بزعمه- من أسباب تأخر المجتمعات، وهو عنصرٌ رئيس في انتشار الجهل والفتنة في البلاد؛ هو جزءٌ من الفساد في التعليم والفكر؛ لأنه لا يعبرُ عن حقيقة رأيه؛ إنما يتحدثُ في مكانٍ بحديث ثم ينقضُ ما تحدَّثَ عنه في مكانٍ آخر؛ المتلونُ لا ينطلق من الحجج والبراهين والأدلة؛ إنما ينطلق من مصالحه الشخصية التي تجعل أفكاره تتبدلُ وتتناقضُ باعتبار مصالحه الشخصية والفئوية زماناً ومكاناً، المتلونُ -في الغالب- لا يتلون عن جهل؛ إنما يتلون عن سبق إصرارٍ وقصدٍ وترصد، يقع المتلون في المتناقضات كثيراً، فلقد رأينا من يرفضُ عمل المرأة داخل الوطن بدعوى الاختلاط؛ لكنه لا يرى مشكلةً في اختلاطه – أثناء المحاضرات والندوات – مع النساء خارج الوطن.
أخيراً أقول: التلوُّنُ ظاهرةٌ مَرضية يُظهر فيها الشخص عكس ما يبطنُ من الآراء، ومن المؤسف أن هناك من المتعلمين من يُسمي ذلك فناً للتعامل مع الآخرين؛ ذلك كلُّه من أجل كسب الجماهير أو لأجل الوصول لدنيا، فانقلبت الأمور، واختلفت الموازين، فأصبح بعض المتعلمين ينشدون رأي الجماهير أكثر من نشدانهم الحقائقَ والبراهين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.