فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    معالي وزير الخارجية والسياحة بجمهورية سريلانكا يزور مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة    مستقبلنا الآن.. ريادة سعودية في التحول الرقمي عالمياً    انخفاض الطلب على وقود الطائرات في ظل تقييم فائض النفط    غزة بين هدنة هشة وأزمة خانقة.. القيود الإسرائيلية تفاقم المعاناة الإنسانية    كيسيه: الدربي يُكسب ولا يُلعب    رينارد يغلق تدريبات «الأخضر»    إنزاغي يرفض إجازة اللاعبين    القبض على مروجين في جازان    مستشفى الملك فهد بالمدينة صديق للتوحد    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تحقق 37 ألف ساعة تطوعية    تناولوا الزنجبيل بحذر!    تعزيز تكامل نموذج الرعاية الصحية الحديث    الائتمان السعودي يواصل استقراره في الربع الثالث 2025    فيفا يُعلن إيقاف قيد نادي الشباب    تداولات الأسهم تنخفض إلى 2.9 مليار ريال    انطلاق مناورات "الموج الأحمر 8" في الأسطول الغربي    بغداد: بدء التصويت المبكر في الانتخابات التشريعية    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج 2025 .. جهود ومبادرات أمنية وإنسانية لخدمة ضيوف الرحمن    على وجه الغروب وجوك الهادي تأمل يا وسيع العرف واذكر الأعوام    معجم الكائنات الخرافية    حرف يدوية    الأهلي يتوج بالسوبر المصري للمرة ال 16 في تاريخه    الأخضر يدشن تدريباته في معسكر جدة استعداداً للقاء ساحل العاج    حرب موسكو وكييف انقطاع للكهرباء ودبلوماسية متعثرة    علماء روس يبتكرون عدسة نانوية قادرة على تغيير مستقبل الطب الحديث    الشرع في البيت الأبيض: أولوية سوريا رفع قانون قيصر    82 مدرسة تتميز في جازان    هدنة غزة بوادر انفراج تصطدم بمخاوف انتكاس    وزير الحج: موسم الحج الماضي كان الأفضل خلال 50 عاما    إنفاذًا لأمر الملك.. تقليد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    (إثراء) يشارك في أسبوع دبي للتصميم 2025 بجناح الخزامى    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة توثق ركن الحج والرحلات إلى الحرمين    أمير تبوك يشيد بحصول إمارة المنطقة على المركز الأول على مستوى إمارات المناطق في المملكة في قياس التحول الرقمي    اختتام بيبان 2025 بحصيلة إطلاقات واتفاقيات تتجاوز 38 مليار ريال    200 سفيرة للسلامة المرورية في الشرقية بجهود لجنة أمهات ضحايا الحوادث    ورشة عمل لدعم وتطوير الباعة الجائلين بحضور سمو الأميرة نجود بنت هذلول    "أشرقت" الشريك الاستراتيجي للنسخة الخامسة من مؤتمر ومعرض الحج 2025    أكثر من 11 ألف أسرة محتضنة في المملكة    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    ترتيب هدافي دوري روشن بعد الجولة الثامنة    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة في ديربي جدة    انطلاق أعمال مؤتمر ومعرض الحج والعمرة 2025 في جدة بمشاركة 150 دولة.. مساء اليوم    مبادرة تصنع أجيالا تفتخر    83 فيلما منتجا بالمملكة والقصيرة تتفوق    مسؤولون وأعيان يواسون الدرويش    أكاديميون: مهنة الترجمة تبدأ من الجامعة    تحت رعاية الملك ونيابةً عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر دورة ألعاب التضامن الإسلامي    تفاقم موجات النزوح من الفاشر.. تصاعد المواجهات في كردفان ودارفور    واتساب يطلق ميزة لوقف الرسائل المزعجة    أكد دعم المشاريع الصغيرة.. الخطيب: قطاع السياحة محرك رئيسي للازدهار العالمي    رحلة رقمية للمستثمرين والمصدرين..الخريف: تعزيز الاقتصاد الصناعي المستدام في المملكة    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    ديوانية الأطباء تكرم القحطاني    «أمن الحج والعمرة».. الإنسانية بكل اللغات    الشؤون الإسلامية في جازان تنفّذ أكثر من (40) ألف جولة رقابية على الجوامع والمساجد خلال شهر ربيع الثاني 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصورة والحقيقة
نشر في الشرق يوم 17 - 02 - 2014

ما هي صورتك الحقيقية عن نفسك؟ هل شاهدت صورتك الحقيقية؟ هل صورتك الحقيقية الداخلية تطابق صورتك الخارجية؟ بعض الأفراد لا يشاهد صورته الحقيقية الداخلية العميقة وهي جوهر الذات، وبعضهم يستطيع أن يشاهد هذا الجوهر الداخلي بقناعة وأحياناً بعدم قناعة وبعضهم كما ذكرت لا يشاهد نهائياً ولا يدرك ذلك.
نجد من يشاهد نفسه بصورة قبيحة وهو في الواقع عكس ذلك تماماً، ونجد من يشاهد نفسه بصورة كاملة رأيه هو الصائب وكلمته هي الأرجح ولكن صورته الداخلية لذاته ناقصة وفي قرارة نفسه لا يدرك ذلك ولا يستوعبه، فيقوم بترميم صورته الذاتية بصورة خارجية كمالية بحتة على حساب الآخرين، إما بالتسلط، أو بالحكم على الأشياء من منظوره فقط دون مراعاة الآخرين وتوجهاتهم ورغباتهم، وهنا لابد أن أذكر نمطين، نمط من الشخصية لا تدرك عيوبها وصورتها الحقيقية، ونمط من الشخصية التي تدرك جيداً أين هو الخلل، لكنها رسمت صورة مغايرة ومختلفة عن الجوهر لكي ترضي غرورها ونزواتها، ولو كان على حساب الآخرين.
نجد بعضهم صورته الخارجية قيادية وقوية، تجده في المحافل الاجتماعية والمجتمعية والمهنية سليط اللسان، يهاجم، ينتقد، عدوانياً بذريعة أنه يحمي ويراعي حقوق الآخرين، وأن كلامه ووجهة نظره هما الأصح، لذلك يجب على الآخرين أن يحترموه ويطبقوا كل ما يقوله بذريعة مصلحتهم، لكنه في الأساس لا يخدم إلا نفسه ومصالحه الشخصية فقط، يعوض كل النقص الذي يشعر فيه، يدرك في نفسه أن هناك شيئاً ينقصه، يظل غير مرتاح في داخله، وغير سعيد، يشعر بضيق لأنه ضد طبيعة الحياة وقوانينها، عبر الاعتداء على حقوق الآخرين، ونشاهد هنا الصورة الخارجية غير الصورة الداخلية الحقيقية.
كثيراً ما نجهل الصورة والحقيقة من الداخل، من شوه هذا الداخل؟ هل هي نتيجة تراكمات معينة في التربية الخاطئة للفرد منذ الصغر، أو نتيجة مواقف في الحياة أو بسبب الأنانية المفرطة، تشكّلت صور خاطئة عن الذات ومفهوم الذات؟.
الطفل ينشأ حراً طليقاً يركض يلعب لا يهاب لا يخاف تلقائياً في كلامه، في تعبيره عن نفسه، يكون قريباً جداً من الصدق والوضوح والشفافية، أحياناً مع الأسف لا يستمر هذا الوضع، بسبب تربية الأهل التي تؤثر في شخصية الطفل، إذ إن تزويده بالمهارات المتعلمة والمكتسبة من التجارب والخبرات والمعتقدات، أحياناً تكون هزيلة، غير ناضجة، غير واعية، معتقدين أن هذه هي التربية الصحيحة، فكم مرة سمعنا أن أحد الآباء يقول للمدرسين (لكم اللحم ولنا العظم) ما هو شعور هذا الطفل عندما يسمع هذه العبارات؟ كيف تكون شخصيته فيما بعد؟
ربما تكون الصدف وحدها من تحميه، وأحياناً لا توجد فرص، فيتعرض الطفل في المدرسة إلى ممارسة هذه الأساليب الخاطئة في التعامل معه بصورة غير جيدة كالعقاب أمام الآخرين أو الاستهزاء أمام الطلاب أو التوبيخ والتجريح. هناك من يعتقد أن التربية الصحيحة تكون بهذا الشكل، وهذا يجعلنا نتأكد أكثر أن مفهوم الرجولة في مجتمعنا خاطئ تماماً، المفهوم السائد للرجولة أن نقسو على هذا الطفل لكي يصبح قوياً ويتحمل الحياة ومصاعبها. الاعتقاد السائد في التربية أن القسوة والضرب والتهكم والحرمان تعتبر من الأساليب الجيدة والمفيدة لصقل شخصية رجولية بمعنى الكلمة، ولكن الحقيقة هي العكس، لأن ذلك يشكل خطراً كبيراً يحدث اهتزازاً في الصورة الداخلية للطفل على أنه شخص ضعيف وهزيل، وتثبت هذه الصورة وتتراكم مع الزمن لتتحول فيما بعد إلى أبعد من ذلك. نجد الصورة لديه غير صحيحة، الصورة الخارجية رجل يقوم بكل واجباته ومتطلبات الحياة (الواجبات المطلقة) على أحسن وجه، كل ما تعلمه من اعتقادات عقلانية حقيقية واقعية واعتقادات لا عقلانية لا تمثل الواقع أبداً وأقصد هنا (الواجبات المطلقة) التي هي عبارة عن متطلبات وقناعات ترضي الآخرين اكتسبها الفرد من تربيته ومحيطه رسخت عنده الكمالية والمثالية بأن يطبق كل ما تعلمه وإذا لم يستطع تطبيق كل هذه الواجبات المطلقة والاعتقادات اللاعقلانية الراسخة يتعرض إلى التدمير الذاتي والشعور بالنقص والدونية وتأنيب الضمير لأنه لم يطبق ذلك، تصبح هنا الصورة مهزوزة وغير حقيقية، وفي الخارج إنسان عادي يمارس دوره الطبيعي، مجتهد لكنه غير سعيد، وغير راضٍ، وربما تشكّلت على المدى البعيد اضطرابات وصراعات لا تنتهي.
يصادفنا في الحياة بعض النساء في مقتبل العمر يعشن بصورة آلية كامرأة في الستين، تجتهد، تساعد وتعطي لكل من حولها، وقد كبلتها كل الواجبات المطلقة وقيدتها، لكنها مع نفسها لا تشاهد صورتها الحقيقية، بل تجاهلت الصورة الحقيقية، ماذا تحب؟ وماذا تريد؟ ووضعت الصورة المطلوبة، وهي ممارسة دور الضحية للجميع، تساعد الآخرين لكنها تأبى أن تساعد نفسها، لأنها لم تعرف حقيقة الذات واحترام الذات، بعضهم مرغم وبعضهم مخير وبرضاه، لكنها بعد مضي السنوات ستكتشف صورتها وجوهرها الحقيقي، لكن بعد فوات الأوان، وعندما ترغب أو تطلب من الجميع مساعدتها، لن تجد أحداً، هنا ستعيش المرارة أضعافاً لأنها أهملت حقيقتها كإنسانة لها أهداف ورغبات وحياة تعيشها.
ومن المفاهيم الخاطئة نبذ حب الذات، واعتبار حب الذات والنفس أنانية، والحقيقة من لا يحب نفسه لا يستطيع أن يحب الآخرين، فكم من فرد أعطى وساعد لكن دون رضا حقيقي، بل هي مجاملة للآخرين، أو شعور بدونية الذات، فيتم جلدها وإخضاعها لمتطلبات الآخرين، أو الخضوع للواجبات المطلقة دون قناعة، وهنا الإشكالية عندما يولد الصراع والاضطراب، فتصبح الحقيقة مفقودة، وتضيع النفس بين الصورة الخارجية وبين الجوهر الداخلي.
ربما علينا تأمل صورنا الداخلية، ما هو جوهرها؟ هل الصورة الداخلية مطابقة للصورة الخارجية؟ هل أنا راض عن صورتي وحقيقتي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.