لماذا انخفضت أسعار السلع على مستوى العالم ولم تنخفض في أسواقنا؟ الإجابة ليست صعبة إذ يعرفها حتى الانسان العادي الذي لم يدرس اقتصاد. لكن أتمنى أن لا يكون التحقيق في خفايا الإجابة أمراً صعباً يحال إلى لجان تضيع أوقاتنا. فالإجابة لا تحتمل إلا سببين الأول الجشع المحلي والثاني المصدر الخارجي الذي يريد مشاركة التاجر المحلي في المكسب الزائد. لذا فإن أي حل لا يعالج هذين السببين، سوف يسهم في بقاء الأسعار على ارتفاعاتها التي سجلتها قبل ستة أشهر رغم ما تؤكده جميع المؤشرات أن انخفاض الأسعار سوف يزداد خاصة مع توقع حدوث موجات كساد قادمة أسوأ مما عليه الآن. في كل يوم تردد الصحافة وشاشات التلفزيون حتى مواقع الشركات أخبار انخفاض أسعار السلع. ومع ذلك نبدو كأننا ( نتفرج ) على أمر لا يعنينا وكأنه لا يمس أموال المواطنين خاصة أصحاب الدخل الثابت والمحدود. فهذه أسعار الأرز على سبيل التمثيل وليس الحصر سجلت انخفاضا جوهرياً من 1600 دولار للطن إلى 1100 دولار وهي مرشحة أيضاً لتصل إلى 1000 دولار وكذلك زيوت الطعام انخفضت 500 دولار. ومع ذلك فأسعار الزيوت والأرز مرتفعة في أسواقنا 100% عن أسعار العام الماضي. من البديهي أن يستنتج أي مراقب لأسواقنا أن هذا التلاعب ( واستغفال ) المستهلك هما نتيجة لضعف المراقبة وغياب المساءلة والعقاب. فلم نسمع عن إجبار أحد من التجار على إعادة تسعير سلعة ما ولم نسمع عن معاقبة موردين من العيار ( الثقيل ). ولم نسمع وقف التعامل مع شركات أجنبية تغالي في الأسعار المرسلة إلينا. فهل يعقل أن يعلن أحد مصانع السيارات عن عدم تخفيض أسعار منتجاته للمملكة رغم تخفيضه لها في المنشأ وفي أوروبا وأمريكا ! لذلك نحن بحاجة إلى آليات جديدة لمراقبة الأسعار. وهذه لا تتطلب مراقبين ميدانيين يجوبون الأسواق ومحلات السوبر ماركت. أهم هذه الآليات هو أن تتفاوض وزارة التجارة مع حكومات الشركات المصدرة والضغط عليها لمساواة السوق المحلي بالأسعار التي تتعامل بها مع سائر دول العالم . طبعاً لا يتنافى هذا العمل مع حرية واستغلالية الشركات ولنا في دول أوروبا وأمريكا التي تتفاوض وتضغط على دول أوبك لتخفيض أسعار بترولها مثال على تدخل الحكومات في المفاوضات التجارية. ثاني أهم آلية تتمثل في دراسة الأسعار العالمية ومقارنتها مع الأسعار التي يبيع بها كبار المستوردين المحليين وبعد ذلك تتم مراقبة السوق ومن ثم المساءلة والعقاب. طبعاً سوف نسمع حججاً واهية عن عدم انخفاض الأسعار عالمياً. ولكن أمامنا أدلة وشواهد تدحض آراء الجشعين. فأسعار البترول انخفضت من 160 دولاراً للبرميل إلى 40 دولاراً وهذا بدوره قد خفض كلفة الإنتاج. إضافة إلى أن موجة تسريح عشرات الآلاف من العمال والموظفين في العالم أسهمت في نقص القوة الشرائية الأمر الذي ينعكس على زيادة العرض وانخفاض السعر. ولنا في انخفاض أسعار الطيران بنسبة ال 50% مؤشر على عالمية نزول الأسعار الأمر الذي لابد أن تتعامل معه وزارة التجارة بما يخدم جيب المواطن. د. راكان عبدالكريم حبيب