أثار انتباهي إعلان لإحدى جمعيات البر الخيرية في احدى محافظات المملكة، تدعو من خلاله إلى المساهمة بالتبرع لتشييد مبنى ثان لها في أحد الأحياء، ليتداعى إلى ذهني عدد من الاسئلة والتساؤلات حول هذه الجمعيات والعمل الاداري الممارس فيها، وعن كيفية اداراتها لإيراداتها ومصروفاتها. جمعيات البر الخيرية في وضعها الراهن أشبه ما تكون –في مجالس إدارتها- بحال الأندية السعودية لدينا، نفس الوجوه تتكرر في كل إدارة، مع تطعيمها بشخص أو اثنين، وكأن البلد يخلو من الكفاءات الإدارية والمالية القادرة على إحداث تغيير وطفرة في عمل هذه الجمعيات، وخصوصاً أنه لا يشترط التفرغ الكامل من أجل العمل فيها. أيضاً في الجانب المالي والمحاسبي، هناك هدر في عملية الصرف وعدم ضبط لمصروفاتها الخاصة بها، كحال الجمعية المشار إليها في بداية المقال، وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى!! في جميع المنشآت التي يكون فيها ممارسات مالية، لا بد من وجود شفافية كاملة، تبيّن التدفقات النقدية الداخلة والخارجة الخاصة بها بالقدر الذي يوفر عامل الاطمئنان لملاك وممولي هذه المنشآت، وهو الأمر الذي يفتقده المتبرع لهذه الجمعيات!. نعم هناك قوائم مالية مدققة لهذه الجمعيات ترفع إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، ولكن الذي أعنيه أن تقدّم البيانات والمعلومات للمواطن بشكل مباشر ومبسط. المفترض كذلك أن تنتقل هذه الجمعيات من وضعها الحالي –كوسيط بين المتبرع والمحتاج- لتنطلق إلى فضاء أرحب وأوسع في العمل الخيري والاجتماعي والتنموي، تكون فيه رافداً لجهود الدولة، وهو ما سوف يتحقق لو طُعّمت إداراتها بوجوه جديدة. بقي تساؤل أخير حول مساهمة هذه الجمعيات في السعودة، في ظل عددها غير البسيط -510 جمعيات خيرية- وفقاً لبيانات وزارة الشؤون الاجتماعية، فكم عدد موظفيها وكم نسبة السعوديين فيها؟! ختاماً..أرجو أن لا يفهم من كلامي هذا التشكيك في نزاهة القائمين على هذه الجمعيات، أو التقليل من جهودهم، ولكن أقول إن التغيير أمر صحي.