في ذاكرتي الاعلامية اهم حدثين كان لهما وقع الصدمة على المجتمع السعودي مع تطور تقنية الاتصال، حادثة جوال البنده الشهيرة، وحادثة رسالة البلوتوث في احدى اسواق الدمام وضرب الزوج زوجته امام المتسوقين في حينها، هنا لن اعيد الذكريات للحديث بتفاصيل عن هاتين الحالتين، ولكن ماذا بعد ذلك!. سبق ومنذ سنين ان قلت ان كل مواطن صحفي مؤثر ما دام يمتلك جهاز جوال متطورا، الامر لم يعد يحتاج إلى دورات متخصصة او خلافها، انما لحظة الاحساس الانسانية وليست الصحفية التي تحدد نجاح مهمة هذا الصحفي الذي يعمل بلا قيود وبلا مقص رقيب، تطور الامر في المجتمع السعودي واصبح ناقلاً ومزوداً للخبر بالصوت والصورة لأشهر وكالات الانباء واعرق القنوات الفضائية وليس العكس كما كان في السابق. مهمة الاعلامي - وخصوصا بالقنوات الفضائية - اصبحت السهل الممتنع، لا يحتاج الامر الا إلى احساس صحفي لاختيار اهم مشهد تم تناقله بين السعوديين في ذلك اليوم، وتقديمه من خلال تقرير تلفزيوني محترف، هل شاهدتم مؤخرا ذلك الانسان البسيط والعفوي المحب لإبله (جمع جمال) وهو يرد بعفوية على بيان وزارة الصحة بخصوص أن الأبل من الاسباب الرئيسة لانتشار فيروس كورونا؟. هل استمتعتم به وهو يهز رأس الناقة يميناً ويساراً عندما يسألها انها سبب كورونا ويحاول ان يقول لنا انها تقول: لا لا، في اسلوب متطور سبق دبلجة السوريين للمسلسلات التركية والكويتيين للمسلسلات الهندية والسعوديين للمسلسلات الكورية؟!!. قنوات كثيرة تناقلت هذا المقطع، هو تعبير عفوي وبسيط لبيان وزارة الصحة، الامر لم يحتج لمؤثرات صوتية او استديو خاص او جمل مدرب، حضور عدد من الجمال حول صاحبها وخاطب هذا المحب لجماله وزير الصحة المكلف مباشرة ومن دون قيود، او بروتوكلات ومواعيد، انه زمن الاعلام السريع، ولكن هل كانت سلبيات الانفتاح الاعلامي بالسعودية اكثر من ايجابياته؟؟ لم يحدث يوما أن اتيحت حلقات مباشرة بلا روتوشات للحديث على سبيل المثال عن مشكلة (العصبية) التي يعانيها المجتمع السعودي كثيراً، كما شاهدنا عبر برنامج الثامنة مع الزميل داود الشريان، وغيرها من القضايا الحساسة التي ساهمت نوعا ما من اخراجنا من مصطلح المجتمع (الملائكي)، ذلك المصطلح الذي اضرنا كثيراً، وجعلنا حالياً مع تطور وسائل الاعلام نصدم مع أحداث كثيرة، هي طبيعية في كثير من المجتمعات ولكن بمرحلة الانغلاق لم نكن نتصور حدوثها لدينا. إذن لماذا يعتقد بعضهم ان ظهور كثير من المشاكل والحوادث الاجتماعية المتنوعة اعلامياً، يمثل اساءة لبلدنا وتتناقله وسائل الاعلام الاجنبية بتلذذ، وتستغله بعض اجهزة الاعلام العدوة في تأليب المواطن على حكومته، هذا الاعتقاد الخاطئ من وجهة نظري، يعيدنا لمصطلح المجتمع الملائكي، ويجعل تفكيرنا منغلقا ومنصدما بأي حادثة، فما يحدث هو امر طبيعي يجب ان نتقبله، ومواجهته اعلاميا وبجرأة، هو الحل لاصلاح مجتمعنا، اما استغلال بعضهم لما يحدث داخل مجتمعنا فلن يتوقف، حتى لو انغلقنا بالكامل، فنحن مجتمع طبيعي، ولكن لدينا بالفعل مواهب اعلامية من المواطنين تستحق الاشادة كصاحب المقطع الشهير الذي دافع عن جماله امام الملايين!!.