تتلاشى الكلمات.. وتغيب عن الذاكرة المفردات، شلل كامل طوق عقولنا وأخرس ألسنتنا وهز وجداننا ولو لا إيماننا بقضاء الله وقدره لصعب علينا المصاب وأصابنا ولكن مشيئة الله التي نؤمن بها وندرك أن نهاية كل مؤمن هي الحقيقة الوحيدة في هذا الكون «الموت»، فصبرنا واحتسبنا في مصابنا الجلل وهلت مآقينا دموعها.. ولا غرابة في ذلك فنحن في حضرة الحزن ومشهده الموجع، وأيضاً نحن في سباق مع الثانية لتقديم الواجب الإنساني، واستطعنا بفضل الله بعد أن يسرت علينا حكومتنا فعل هذا فمن كان بجدة أو القريات أو عرعر أو جازان استطاع أن يصل بمشاعره إلى أمراء المناطق والمحافظات وتقديم العزاء والبيعة التي فرضها الإسلام ونحن في الرياض استقبلنا العزاء بفقيدنا ولم يخل بيت مواطن أو مقيم من مظاهر العزاء لقد كانت بيوتنا وهواتفنا على مدار الثانية تستقبل اتصالات المواساة والعزاء واستطعنا أيضاً الوقوف بجانب أبينا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد وأبناء الفقيد وإخوانه وقدمنا البيعة في تظاهرة حضارية إنسانية إسلامية نادرة الحدوث بهذا الرقي، فالبساطة غلفت كل أحاسيسنا ومشاعرنا وعلت كلمة الحق على كل الصغائر وشاهدنا الأمير والجندي الوزير والموظف يقفون صفاً واحداً في تقديم العزاء والبيعة وفي المشاركة في دفن فقيدنا شاهدنا شرائح الشعب المختلفة والمتباينة تتجانس في اخوة لا مثيل لها.. فلله درك من شعب نبيل وعظيم وقيادة حكيمة وسامية، لقد اسقط في عقول الكثيرين من أعدائنا والجمنا أفواههم وخذلناهم حتى انهم التزموا الصمت ورهبة الموقف تزلزل الأرض من تحت أقدامهم وصعوبة الموقف تصفعهم في الثانية ملايين الصفعات المتوالية.. لله درك من شعب ومن قيادة، لقد راهن الخاسرون وخسروا الرهان وتلونت وجوههم بخيبة الأمل.. ولقد قال الشعب كلمته واخرس المتشدقين من أصحاب الرؤى الهزيلة الذين يراهنون على أوهامهم لأنهم لا يعرفون ثقافة المجتمع ولا البنية التركيبية له القائمة على الأصول والمبادئ القويمة التي لا تزعزعها خزعبلات قنوات العمالة بقدر ما تمنحها ولاء وقدرة على التضحية والفداء لهذه الأرض والقيادة النبيلة.