منتجو الشاي منقسمون على أنفسهم وهذا يصب في صالحنا نحن المستهلكين. فخلال اجتماعهم في 21 من يناير الماضي في كولومبو عاصمة سريلانكا اختلف منتجو الشاي مع بعضهم. فالمجموعة التي تتزعمها الهند والتي تضم أيضاً كينيا وسريلانكا قد أعلنوا في ختام الاجتماع عن نيتهم على تشكيل منتدى أو اتحاد فيما بينهم لمواجهة المنتجين الآخرين والذي يضم في صفوفه بالإضافة إلى الصين تركيا، فيتنام وإيران. فالهند التي تعتبر منتج الشاي الثاني في العالم (990 ألف طن) تريد أن تقاوم الضغوط التي تتعرض لها أسواقها من قبل منتج الشاي الأول وهي الصين (1,47 مليون طن ) وذلك بالتحالف مع كينيا (399 ألف طن) وسريلانكا (282 ألف طن). ولكن هل تضمن الهند أن الصين لن تقلب عليها الطاولة وتتحالف مع تركيا (235 ألف طن) وفيتنام (198 ألف طن) وغيرها من البلدان المنتجة لهذا المشروب اللذيذ. والكارتيل الذي تنوي الهند تزعمه قد يلجأ إلى خفض حصص الإنتاج من أجل مقاومة انخفاض أسعار الشاي في الأسواق العالمية. ولهذا فإن بعض وسائل الإعلام قد سارعت بإطلاق مسمى "أوبك الشاي" على التجمع الأول. وما جرى في كولومبو ليس أمرا غريبا فالعالم يعيش عصر التحالفات والتكتلات الاقتصادية. والأمثلة على ذلك كثيرة. وعلى رأسها يأتي تفاهم المنتجين في الاتحاد الأوروبي واتحاد دول أميركا اللاتينية وضمن التكتل الاقتصادي لأمريكا الشمالية وتفاهم المنتجين في جنوب شرق آسيا وهكذا. وهذا ليس مصادفة. فالأسواق العالمية تسيطر عليها الشركات الكبيرة والمنتجون الكبار. ولذلك فإن هؤلاء الأخيرين من أجل الحيلولة دون حدوث تصادم فيما بينهم ينسقون مع بعضهم من أجل تقاسم الأسواق العالمية ومنع التزاحم في تلك الأسواق قدر الإمكان. من هنا فإنه جدير بأصحاب رؤوس الأموال في المملكة أن يركبوا نفس الموجة. فنحن لدينا العديد من المنتجات التي تتعرض للمنافسة في الأسواق العالمية مثل الأسماك والتمور والعديد من السلع الصناعية. وتصدير كل منتج سعودي لسلعه خارج بلده بمفرده يؤدي إلى المنافسة بين أصحاب البلد الواحد في الأسواق الإقليمية والعالمية. الأمر الذي يلحق الضرر بهم جميعاً. وهذا أمر يمكن التقليل من أثره لو أن منتجي كل صنف من الأصناف المشار إليها وغيرها تكتلوا فيما بينهم لتصدير سلعهم للخارج. وأنا أريد التأكيد على كلمة الخارج لأن لدينا من يتكتل أحياناً في الخفاء ضد المستهلك في الداخل. فإنشاء اتحاد لتصدير التمور أو الأسماك أو غيره أمر من شأنه أن يزيح عن كاهل منتجينا عبء المنافسة خارج المملكة. بل ان مثل هذه التكتلات مطلوبة بين أصحاب الأعمال والشركات في دول مجلس التعاون. وذلك على أساس تشابه المنتجات الزراعية والصناعية في دول المجلس مما يؤدي إلى التنافس فيما بينهم خارج السوق الخليجية المشتركة. فنحن نتطلع والحالة تلك إلى أن تعمق الشركات الصناعية والزراعية والخدمية في دول مجلس التعاون التفاهمات الاقتصادية فيما بينها وأن يستفيدوا من الأطر التي تقدمها لهم السوق الخليجية المشتركة والاتحاد المقبل بإذن الله.