بدايةً جميعنا نعرف ان الاضحية سنة وليست واجباً، بينما الحج ركن من اركان الاسلام، ومع ذلك اشترط الله الاستطاعة وهي هنا ترتبط بالجانب المالي والقدرة على اداء اركان الحج اي القدرة الجسدية، ركن من اركان الاسلام اشترط رب العباد بقدرته عز وجل لادائة استطاعة الانسان رأفة بالعبد ورحمة بالضعيف. ومع ذلك نجد بعضنا اليوم للأسف يقسو على نفسه واسرته بالاستدانة والاقتراض لينحر اضحية، وربما اكثر من ذلك مع ان سيد البشر صلى الله علية وسلم نحر اضحية واحدة له ولأهل بيته ولامة محمد اجمعين. للاسف بعضنا اليوم مع عدم قدرته المالية الا انه مصر على الذبح، ورؤية قطرات الدم في منزله، او في المسلخ تحت اشرافه ومتابعته! في الوقت نفسه عجز عن توفير المبلغ، فاقترض الثمن ليس لأضحية بل اكثر من ذلك وحسب عدد موتاه. هنا اتساءل اين علماؤنا الشرعيون عن المشهد؟ لماذا لم يقوموا بتوعية الناس والتأكيد لهم ان الاضحية سنة، مع طرح البدائل والحلول والمقترحات التي يمكن من خلالها ان يتقرب من الله، ويبر موتاه خصوصاً الابوين، لا اعتقد ان انشغال بعض علمائنا بالشأن السياسي العربي، اهم من انشغالهم بالشأن الاجتماعي المحلي خاصة ونحن نعرف قوة الخطاب الديني عند المجتمع السعودي. اؤكد لست ضد نحر الاضحية، ولكن ضد نحر المواطن البسيط، نعم فالأسعار تفوق قدرة الطبقة المتوسطة، ولعلنا نتذكر تصريح معالي وزير الصحة الذي اكد على عدم قدرة الطبقة المتوسطة اكل اللحوم الحمراء لغلائها، مما يعني معه صعوبة شراء اضحية كاملة. بعيداً عن ذلك.. عمل الخير والتقرب الى الله متنوع، وباب واسع، فلماذا نضيق على انفسنا فيه؟ مع ان الله فتح ابواب التقرب إليه في الكثير من المواقف، فالكلمة الطيبة صدقة، والابتسامة صدقة، والدعاء للميت رحمة. ايضا يمكن ان نأخذ بأسلوب الشراكة في الاضحية، ولعل علماءنا هنا يضعون رؤيتهم الشرعية بشكل مبسط وسهل الوصول للمواطن بشكل عام، خاصة وان بعضنا للاسف لا يقبل العمل الجماعي وايضا لا يقبل الاضحية الجماعية مع انها سنة نبوية. لن ادخل في طرح بدائل، ولكن اتمنى عودة الخطاب الديني لمهمته، والابتعاد عن الطرح السياسي، خاصة الشأن الخارجي، والتركيز على شأننا المحلي بكل اشكاله، وابعاده، فاقتراض فقير ليذبح اضحية، يعني نقصاً في ثقافته الدينية، ورفض البعض الشراكة في اضحية واحدة ايضا يعني ضعفاً في فهم دينهم. ليس مطلوباً من الجميع ان نضحي، ولكن المقتدر مع الاعتدال وعدم الاسراف فالضحية الواحدة تكفي أُمّة محمد، وليس بالضرورة لكل انسان رأس خروف، فالأمر ليس بالكثرة، بل هي سنة قد تسبقها اهميةً افعالٌ اخرى لا نقوم بها في مدار عامنا ككل، فهل نعي الحكمة من سن الاضحية، ام نترك الامر كعادتنا لظروفه، ثم نؤكد وجود مشكلة، ونبحث عن الحلول؟ الوقاية منهج المخططين، والعلاج منهج المؤجلين.