الحالمون بنجاح المساعي الدبلوماسية في سوريا، لا يجهلون تعقيدات الوضع عندما تريد السلطة حسم الأمر بالقوة لصالحها، وهو التأكيد الثابت، أي أن مبدأ الانتحار هو الصيغة النهائية للأسد ولن يذهب إلا بدماء كامل للكائن الحي على أرض سوريا، وهدم كل ما تصله الصواريخ والطائرات والدبابات.. مجلس الأمن فشل، لأن روسيا تعزف على دورها من خلال سوريا، وتدرك أنها تتمسك بقشة النظام، وتمنّع الدول الأعضاء في أوروبا وأمريكا يتركز على نظرة أن الدور الذي يقوم به الأسد بتدمير سوريا يجعلها عاجزة عن قيادة أي دور في المستقبل يعادي إسرائيل لأنها تحتاج إلى عدة عقود في إعادة ما تهدم، وحتى جيشها الذي تشقق واستنزف يخدم هذه الاستراتيجية، والجانب الآخر غياب الصورة عن الحكم الوريث، فإذا كان إسلامياً متشدداً، فإنه سينزع إلى الثأر من جميع مخلفات الأسد، والعداء لإسرائيل، والخوف أن يأتي حزام إسلامي يقوده الإخوان المسلمون بدءاً من تونس، فمصر، فسوريا ليكون الواجهة التي لا تدين لدولة عظمى باستقلالية القرار ورفض الإملاءات، وهذا بدوره قد يجعل الدور العالمي الذي برر وجوده من خلال الحكومات التي أطاح بها الربيع، غير ممكن تكراره أمام زخم شعبي أصبح القوة في تحريك الشارع، ويرفض الوصاية من أي نموذج شرقي أو غربي.. حالياً هناك جهود لمشروع الرئيس محمد مرسي باسم «مجموعة الاتصال» وأعضاؤها كل من مصر وتركيا والسعودية وإيران، ومع أن الموقف اتسع للعديد من الوسطاء، فروح التباين بين هذه الدول حاضرة، وبقوة، فإذا كان ثلاث دول منها تدعو، وبشكل صريح إلى تنحي الأسد عن الحكم، فإيران ترفض هذا الحل وتتمسك بما تقوله روسيا من فتح حوار بين المعارضة والسلطة، لكن مثل هذه الفكرة أعلن موتها قبل طرحها، لأن لا الحكومة سوف توافق على أفكار تزيحها من موقعها، ولا المعارضة تريد إعادة حكم الأسد، وإيران لا تستطيع مواجهة النظام، إلا بما يخدم مصلحتها، وتظل تركيا والسعودية ومصر على وجهة نظرها، ومع افتراض إيجاد حل ثالث، يربط نزع السلاح من الجميع، فهذا يعني إفراغ الجيش الحر والمعارضة من قوتهما، والإبقاء على الجيش النظامي بيد السلطة، والمشكل محدد ببقاء الأسد، أو زواله، والحالة الأخيرة مستحيلة، طالما يستمد قوته من روسيا والصين وإيران.. المشهد الراهن عاش فشل مؤتمر جنيف وقراراته، كذلك الأمر بانسحاب عنان من مهمته، والأخضر الإبراهيمي يراهن على الفشل، لإقراره أن الحل مستحيل، والدول الغربية تطبخ مشاريعها على نار هادئة، فهي لا تنوي الدخول عسكرياً في بيئة حرجة ومعقدة، ويرون باستنزاف الجميع فائدة لهم، وقد يضطرون في أحسن الأحوال لتسليح الجيش الحر بما يوفر له البقاء في خاصرة النظام، ووضع روسيا في المواجهة مع العرب والعالم، بحيث تستمر خسائرها السياسية والمعنوية عندما تراهن على نظام انتهى من ذهن شعبه.. مجموعة الاتصال قد تحاول، لكن النظام يقبل منها عضوية إيران ورفض تام للباقين وهذا بحد ذاته لا يعطي الأمل لحل تقوده هذه الدول..