أفتى أحد علمائنا الأفاضل بجواز طلب المرأة الطلاق من زوجها المدخن، مؤكدا ذلك الحق باعتبار الضرر الذي يصيب المرأة...، تلك الفتوى لو تم الأخذ بها فإنها سترفع نسبة الطلاق وتسبب تفككا أسريا عاليا خاصة وأننا أساسا نعاني من ارتفاع نسبة الطلاق بين فئات المجتمع ككل مع اختلاف الفئات العمرية، أي أن الطلاق سابقا كان بين الشباب وحديثي الزواج بنسبة عالية، أما الآن ووفق دراسات اجتماعية علمية، فقد كشفت عن ارتفاع نسبة الطلاق بين المتزوجين لعدة سنوات...، أخشى أن تلك النافذة تدعم رغبة الكثيرات وتعزز لديهن رغبة الانفصال، فيما نحن نريد الحلول وليس اتساع رقعة الطلاق...، أعتقد أن مسؤولية العلماء الاجتماعية تفرض عليهم التأني في إصدار الفتاوى خاصة فيما يرتبط بأهم مؤسسات المجتمع المدني وهي الأسرة...، نريد إدراك أهمية الفتوى وتأثيرها خاصة على بعض فئات المجتمع النسائي حيث نجد بعضهن تعطي عقلها إجازة مفتوحة، وتستقبل كل فتوى دون تمحيص فيها أو في قائلها فهناك علماء لهم حق السمع والاقتداء وهناك اشباه علماء عليهم حق الصمت...، أدرك أن فضيلة الشيخ انطلق برؤية شرعية ترتكز على أعلى الحقوق للمرأة ولكن ليت علماءنا الأفاضل يدعمون أدنى حقوقها الشرعية والتأكيد على الجميع الالتزام بتلك الواجبات مع توعية المرأة بحقوقها الشرعية، أتمنى على عمائنا الأفاضل التأكيد على القضاة في الاهتمام أكثر بحقوق المرأة في الإرث وفي حضانة الأبناء بعد الطلاق وفي حقوق النفقة وفي حق السكن لها ولأبنائها وإن كانت مطلقة وحقها في التعليم وحقها في اختيار شريك العمر دون إرغام أو عضل وحقها في الاستقلال المالي وغير ذلك مما أثبته الشرع.. من منطلق قوة الصوت الثقافي الديني خاصة عند نسائنا أتصور أن مسؤولية علمائنا تحتم عليهم مواجهة الظواهر السلبية وفق رؤية شرعية تستوعب الواقع ولا تصطدم به فالطلاق مشكلة يعاني منها مجتمعنا ونتائجها السلبية لا تقتصر على الحاضر بل وعلى مستقبل مجتمعنا فكلما كثر التفكك الأسري والخلل البنائي والوظيفي فيه كلما نتج عن ذلك ظواهر سلبية تؤثر على مجمل المجتمع وربما تشكل في نتائجها معوقا للكثير من برامج الحراك التنموي.. أدراك العلماء وأصحاب الرأي لعمق تأثير طرحهم الفكري سواء من خلال فتوى أو رأي أو مقترح يفرض عليهم. استيعاب التغير الاجتماعي ومدى مساهمتهم في توجيهه إيجابا وليس سلبا..، أؤكد مرة أخرى أن علينا جميعا أن ندرك دورنا في الحد من الظواهر السلبية وتعديل الاعوجاج في تحولاتنا الاجتماعية وفق رؤية شرعية لا تخل بثوابت الدين ولكن لا تسبب الكسر في البناء الأسري أو الانتماء الوطني أو المصلحة العامة.. مسؤولية أصحاب الفكر ليس في طرحهم بل في نتائج ذلك الطرح.