العطش يفتك بسكان قطاع غزة    براك : قرار لبنان بإنهاء الوجود المسلح ب«تاريخي» و«صائب»    جمعية التوفيق للأيتام تنظم حفل تعارف للأيتام    بنك إنكلترا يخفض الفائدة لدعم الاقتصاد    منتخب الناشئات تحت 17 عاماً يشارك في تصفيات كأس آسيا 2026    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير الصين لدى المملكة    نائب وزير الحرس الوطني يطلع على برامج الإرشاد والتوجيه لتعزيز الوعي الديني والفكري    ضبط (3) يمنيين في عسير لتهريبهم (43,905) أقراص خاضعة لتنظيم التداول الطبي    تحت رعاية خادم الحرمين.. مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم تنطلق بعد غدٍ بمكة    الكرملين يعلن عن اجتماع مرتقب بين ترامب وبوتين في «الأيام المقبلة»    رئيس وزراء موريتانيا يغادر المدينة المنورة    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    ديمبيلي وصلاح وحكيمي في قائمة المرشحين للكرة الذهبية    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    أمانة عسير توقّع 6 مذكرات تفاهم لتطوير وتشغيل حدائق في مواقع متعددة    النصر يدخل سباق التعاقد مع مهاجم برينتفورد    NHC تُعلن اكتمال حجز المرحلة الأولى من مشروع "ترف" خلال أقل من 24 ساعة وتُطلق المرحلة الثانية    أمانة القصيم تعرّف بمهام استوديو التصميم المعماري ودوره في إثراء التصاميم المحلية    «تصميم الحياة»... خارطة طريق لتفادي التيه الذهني والمهني    نونيز يطير إلى ألمانيا من أجل الهلال    إحباط خطة لتفجير كنيسة في طرطوس    اتهام حميدتي بجرائم حرب في دارفور    نتائج متقدمة ل"الموارد البشرية" في مؤشر نضج التجربة الرقمية للعام 2025    التخصصي" يحصد اعتماد "المركز الأمريكي لاعتماد التمريض" لبرامج التعليم التمريضي المهني المستمر    إيران تعدم مواطنا أدين بالتجسس للموساد    مؤسسة جائزة المدينة المنورة تعلن عن انطلاق جائزة فنون المدينة في دورتها الأولى    59% من منشآت القطاع الخاص دربت موظفيها على الحاسب    المجلس الاستشاري لمركز صحي المرابي يناقش احتياجات الأهالي مع تجمع جازان الصحي لتعزيز الخدمات الطبية    ديوان المظالم يعلن فتح باب التقديم على التدريب التعاوني    رياح نشطة على معظم مناطق المملكة وامطار على الجنوب    تتصدرها الفلل والشقق.. 5.4 مليار ريال تمويلات سكنية    احتفال الفرا وعمران    أم ومعلمة تقتحمان مدرسة لسرقة «امتحانات»    في ذمة الله    تفاهم بين الرياض وبغداد لمكافحة الإتجار بالمخدرات    الباحة.. أهلي ومطر    بعد صفقة كوكا.. كالفو يعزز صفوف الاتفاق    تطبيق إلزامي لكود البنية التحتية بمنطقة الرياض    فتح باب التقديم لدعم المشاريع السينمائية    2 مليون دولار لتأمين «ابتسامة» نجمة هوليود    بدء جلسات محاكمة قاتل القاسم.. ووزير الحج ينعيه    فيصل بن مشعل يدشن مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    الصومال يشدد قبضته الأمنية على الإرهاب    إنجاز طبي في الأحساء.. زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي لمريض    مفردات من قلب الجنوب 9    فريق سفراء الإعلام والتطوع" يزور مركز هيئة التراث بجازان    66 مليون شجرة مساهمة القطاع الخاص بمكافحة التصحر    البلاسيبو.. عندما يتحول الوهم إلى شفاء    5 جوانب أكاديمية ونفسية في التقويم الدراسي    الأمير فهد بن سلطان يطلع على نتائج القبول بجامعة تبوك.    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأمريكي تطوير الشراكة الإستراتيجية    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    صحن المطاف مخصص للطواف    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحولات مجتمعية: فمن هو المجتمع الذي نريده؟
نشر في الرياض يوم 09 - 07 - 2012

المجتمع الذي نريده هو ذلك المجتمع الذي يجب أن تتسارع خطواته نحو - رؤية الفرد ومجتمع الفرد وليس مجموعة الأفراد- إن مؤسسات المجتمع المعنية ولكي تصنع المجتمع الذي نريد يجب أن تدرك أن مصطلحات جديدة حول الفردانية وأهمية دور الفرد أصبحت لاعبا رئيسا في التكوين المجتمعي
المجتمع الكلّ يستحثه لكي يفعل شيئا من اجل أفراده ومن اجل نفسه، كل مسؤول يطلب من المجتمع أن يكون الأقدر على استيعاب الوعي وإحداث التغيير وتنفيذ قراراته، ولكن الإطار البيروقراطي والقرارات لا تصنع الوعي الذي يحتاجه المجتمع لكي يكون قادرا على التوافق مع الاتجاه الايجابي للنموذج المجتمعي المطلوب.
السؤال المتكرر الذي من المفترض طرحه على الجهات المسؤولة عن المجتمع: من هو المجتمع الذي نريده؟ من حيث شخصيته العامة ومن حيث وعيه ومن حيث تنميته ، كل هذه الطروحات يجب الحديث حولها لأن ما يقدمه المسرح الإعلامي والفكري للمجتمع يعبر عن نقد حاد للأداء البيروقراطي وفي ذات الوقت نقد حاد للتفاعل الاجتماعي كما أن هناك تبنياً للتنوع الفكري وتصنيفاته فمن يحدد ذلك وما مدى مصداقية ذلك وما هي حقيقة المجتمع؟
مجتمعنا معتمد على منتجه البيروقراطي بشكل كبير نظرا لطبيعته الاجتماعية والسياسية ولكنه مع ذلك لديه شكل من الوعي النقدي على المستوى الفردي حيث يقدم الفرد منظومة نقدية للواقع الاجتماعي الذي يعيشه وهذا يشكل نوعا من السرد الفكري وليس فلسفة نقدية، في المقابل يستكين الفرد للإطار الاجتماعي فلا يتبنى أي شكل من منظومته النقدية على المستوى الفردي وهذا هو الفرق بين النقد على شكل منظومة نقدية للواقع الاجتماعي، وبين عدم القدرة على تقديم أو تبني الأفكار المجتمعية.
قدرة الفرد على الاستجابة وتنفيذ نقده الذاتي تعود إلى فراغ كبير في درجة الوعي الفردي والقدرة على الإنتاج والإرسال بدلا من الاستقبال، الوعي ليس معرفة يمكن حشرها بين صفحات الكتب أو في منظومة القرارات البيروقراطية .. الوعي مشروط بالسلوك فالوعي الذي لا يستطيع أن يتحول إلى سلوك يظل معرفة براقة يستطيع الجميع الحديث عنها وهذا ما تعبر عنه تلك القوائم الكبيرة من الواجبات التي يسوقها المجتمع إلى أفراده ولكنها لا تجد مستجيباً كونها لم تتحول إلى سلوك بل ظلت متطلبات.
على سبيل المثال خلال الأسبوع الماضي نشر في هذه الصحيفة قراءة سسيولوجية عن طبيعة الإنفاق في الأسرة في مجتمعنا وآليات الصرف حيث يشير الخبر إلى تحول الكثير من الأسر إلى مستهلك مالي سريع حيث تفقد الأسرة سريعا القدرة على عملية تنظيم الاستهلاك والتوزيع العادل بين الدخل وعدد أيام الشهر.
هذه صورة لنمط استهلاكي يعيد علينا السؤال المهم حول من هو المجتمع الذي نريده؟ اليوم نحن أمام تحول كبير يتمثل في عالم الإعلام الجديد والذي يساهم في صناعة المجتمع وفقا لمعايير يصعب التحكم بها لكونها تنطلق من مستويات فردية يتحكم الفرد فيها بالإنتاج والإرسال والاستقبال ، الإعلام الجديد نسق فكري غيّر الصورة التقليدية للإعلام ودوره السياسي والفكري وذهب إلى أدق التفاصيل في حياة المجتمعات، وأصبح لدى الفرد قدرة اكبر "لمعرفة البواعث الكامنة وراء أفعاله" بالإضافة إلى أسلوب عمل المجتمع الذي يعيش فيه ما ساهم بشكل أكبر في فهم ذاتية الفرد.
العلاقة بين هويتنا الذاتية وهويتنا المجتمعية تتكون اليوم عبر الإعلام الجديد بطريقة مستقلة تماما عن أي مؤثرات سياسية واجتماعية من حولنا وذلك بسبب رئيس وهو قدرة الإعلام الجديد على منح الاستقلالية الكاملة للفرد لتحديد معطيات خاصة ومؤشرات مستقلة وقيم استثنائية تتميز بدرجة كبيرة من الحرية المطلقة والمساحات المفتوحة للعقلية الفردية.
المعرفة "العابرة للقارات" والتي أنتجتها العولمة بأدوات مثل الإعلام الجديد وما أنتجته الصناعات من الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، سوف تساهم في تنامي النزعة الفردية وتطوير حالات الانشقاق الفردية عن الواقع الاجتماعي ما يؤدي إلى مخاطر اجتماعية تنافس بقدرة تأثيرها الزلازل والبراكين والأعاصير الطبيعية..
ولعل الثورات العربية مثال محتمل لهذه الفكرة، فلم تعد اليوم المخاطر الطبيعية وحدها ذات الأثر في حياة الشعوب والمجتمعات فنحن اليوم أمام تعاظم النزعة الفردية وتقلص النزعة المجتمعية ما يعني إمكانية التمرد الفردي وتناميها بين فئات المجتمعات وهنا تكمن فاعلية التوعية وصناعة المجتمع.
السياسات المجتمعية اليوم تواجه الكثير من عوامل التقلص في دورها الاجتماعي فهناك تنام في ضعف التأثيرات الفكرية والسياسية والدينية على الأفراد وتصاعد التأثيرات الفكرية الفردية وهذا مؤشر طبيعي إلى تحول محتمل في علاقة المجتمع بالفرد.
مجتمعاتنا اليوم أمام تحولات عكسية فبعدما ظلت التأثيرات تتشكل وفقا لتأثير المجتمع على الفرد ما أدى إلى تجاوز الفردانية واستقلاليتها وفرض التعاليم والمعرفة والوعي وتنامي "ثقافة التواكل" و"ثقافة التوجيه".
نحن اليوم أمام معادلة يقود الفرد فيها معايير صناعة المجتمع من حوله بطريقته فالمنتج القادم ثقافة لم تتحدد معالمها بعد ولكن عنوانها الرئيس هو الفردانية وسوف تعيد ثقافة المجتمع تشكيل مربعاتها وفقا للخصائص الفردية ما يعني انه وبشكل تلقائي سيجد المتماثلون والمتبنون للأفكار المشتركة أنفسهم في مربع له عنوان ومساحة فكرية في مجتمعهم وسيكون التحرك من جانب الفرد بين تلك المربعات متاحا ما يؤكد أن الفرد أصبح هو البديل القادم للمجتمع.
المجتمع الذي نريده هو ذلك المجتمع الذي يجب أن تتسارع خطواته نحو - رؤية الفرد ومجتمع الفرد وليس مجموعة الأفراد- إن مؤسسات المجتمع المعنية ولكي تصنع المجتمع الذي نريد يجب أن تدرك أن مصطلحات جديدة حول الفردانية وأهمية دور الفرد أصبحت لاعبا رئيسا في التكوين المجتمعي وكل ما أخشاه أن يتجاوز المجتمع مؤسسات الدولة المعينة به وان تظل التقليدية في التعامل مع الحياة الاجتماعية هي محرك القرار البيروقراطي بينما أكثر من نصف المجتمع يتربى على أفكار الحياة المجتمعية التي يتلقاها عبر مؤثرات صنعها هو لنفسه.
إن أكبر الأدلة على الاتجاه السريع لتحولات المجتمع انتشار ثقافة الإعلام الجديد وتنامي الانتماء الفكري لمنتجات الإعلام الجديد والى المعرفة العالمية والى المنتجات الفكرية العالمية عبر البرامج الفكرية والثقافية التي أثبتت قدرتها على التحكم بالاتجاهات المجتمعية من خلال الأفراد وليس العكس.
مجتمعنا القادم يجب أن يكون قادرا على تحديد من هو بقياس متواتر باستمرار الزمن لمعدلات الفقر فيه والبطالة ورصد اتجاهات الرأي وتحديد حجم ومستوى الطبقة الوسطى ومراقبة النمو السكاني ودعم الحداثة في التعليم العام منه والعالي، وفرض أفكار التوازن الاجتماعي من خلال تغيير التعليم وحث الوزارات المعنية بالمجتمع على تغيير سياستها المجتمعية واستبدال "ثقافة التوكل"..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.