السلطة الفلسطينية تندد بالفيتو الأميركي    الجامعات وتأهيل المحامين لسوق العمل    التوسع في المدن الذكية السعودية    المستقبل سعودي    فشل مشروع منح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة إثر «فيتو» أميركي    «نتنياهو» هل يورط أمريكا في حرب مع إيران.. ؟!    الدمّاع والصحون الوساع    إسرائيل.. ورقة شعبوية !    التعاون يتعادل إيجابياً مع الخليج في دوري روشن    أتالانتا يطيح بليفربول من الدوري الأوروبي    الرباط الصليبي ينهي موسم أبو جبل    الإصابة تغيب كويلار أربعة أسابيع    فيصل بن تركي وأيام النصر    اليحيى يتفقد سير العمل بجوازات مطار البحر الأحمر الدولي    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة من يوم غدٍ الجمعة حتى الثلاثاء المقبل    وفاة شقيقة علي إدريس المحنشي    في حب مكة !    رسميًا..الاتحاد يطلب تأجيل لقاء الهلال    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية تعاون لدعم علاج سوء التغذية في اليمن    نائب أمير جازان يشيد بجهود الخطوط السعودية    أمير الرياض يستقبل مدير التعليم    المرور يحذر من التعامل مع أيّ روابط ومكالمات ومواقع تزعم التخفيض    الفتح يفوز بثلاثية على الرائد    سعود بن جلوي يطلع على استراتيجية فنون جدة    توصية لإنشاء منظومات رسمية وشعبية تعتني بالتراث    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    الدفاع المدني يحذر مع استمرار هطول الأمطار يوم غدٍ الجمعة حتى الثلاثاء المقبل    إنطلاق مؤتمر التطورات والابتكارات في المختبرات.. الثلاثاء    السجن 5 سنوات وغرامة 150 ألفاً لمتحرش    4.9 مليون غرامات شركات الطيران ب3 أشهر    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من ملك البحرين    الرويلي ورئيس أركان الدفاع الإيطالي يبحثان علاقات التعاون الدفاعي والعسكري    شركة تطوير المربع الجديد تبرز التزامها بالابتكار والاستدامة في مؤتمر AACE بالرياض    النفط يستقر وسط عقوبات أميركية وانحسار التوتر بالشرق الأوسط    نائب أمير الرياض يقدم تعازيه ومواساته في وفاة عبدالله ابن جريس    الجمعية السعودية لطب الأورام الإشعاعي تطلق مؤتمرها لمناقشة التطورات العلاجية    سمو محافظ الطائف يستقبل مدير الدفاع المدني بالمحافظة المعين حديثا    «جدة التاريخية»: اكتشاف خندق دفاعي وسور تحصين يعود تاريخهما إلى عدة قرون    سعودي ضمن المحكمين لجوائز الويبو العالمية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية    إحباط تهريب أكثر من مليون حبة كبتاجون مُخبأة في إرسالية "فلفل وجوافة"    وصفات قرنفل سحرية تساعد بإنقاص الوزن    "فنّ العمارة" شاهد على التطوُّر الحضاري بالباحة    الضويان تُجسّد مسيرة المرأة السعودية ب"بينالي البندقية"    ملتقى الأعمال السعودي الإسباني يعزز التطوير العقاري    الأمطار تزيد من خطر دخول المستشفى بسبب الربو بنسبة 11%    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    تحت رعاية خادم الحرمين.. المملكة تستضيف اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي    5 فوائد مذهلة لبذور البطيخ    رئيس الشورى بحث تعزيز العلاقات.. تقدير أردني للمواقف السعودية الداعمة    خادم الحرمين يرعى مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم    10 آلاف امرأة ضحية قصف الاحتلال لغزة    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    السديس يكرم مدير عام "الإخبارية"    شقة الزوجية !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    جهود القيادة سهّلت للمعتمرين أداء مناسكهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشخصية المزاجية يؤثر في نفسه أكثر من الآخرين.. والقريبون منه ينفرون!
متناقض ومعقد ومتشائم ويشك و«يزعل بسرعة»
نشر في الرياض يوم 16 - 09 - 2011

من المؤكد أن الانفلات المزاجي الذي يقود إلى علو وهبوط في السلوك لدى الإنسان في تعاملاته مع الآخرين خاصة المقربين منه؛ يؤدي إلى تناقضات كبيرة قد تطال المشاعر وأمور نفسية أخرى يصعب حصرها، ولا يمكننا هنا احتكار المزاجية على الرجل دون المرأة؛ إلاّ أنّ السؤال المطروح في هذا التحقيق هو عن أثر تلك المزاجية في حياتنا، وفي تعاطينا مع المزاجيين، فهل منحتك الأقدار أن تخالط أو ترافق أو تعاشر أناسا مزاجيين؟، وكيف تقيّم خسائر ومكاسب تجاربك معهم؟.
المزاجي يدفع إلى الحزن
وأكدت «سماهر عطا» -متزوجة منذ أكثر من سبع سنوات- على أنها مازالت تعيش مع زوجها المعاناة الكبيرة حينما يمر بأطوار مزاجيته التي لاتحتمل، ففي أكثر الحالات سعادة وحينما يكون منطلقا ويتحدث بأحاديث مبهجة -فجأة- ودون مقدمات أجده دخل في حالة من الحزن، حتى أنه في مرات كثيرة نكون مسافرين ينهي تلك السفرة ونعود دون أسباب، وكثيراً ما حاولت أن أقترب من زوجي وأحاول مساعدته على تخطي تلك الفكرة دون جدوى، حتى أنني أصبحت أشك بأن زوجي يستمتع بحالته المزاجية التي يعيشها، مشيرة إلى أنّ الحفلة التي أعدتها له في ذكرى زواجهما والتي كانت مميزة جداً عاشت مع طفليها ومعه لحظات سعيدة، توقعت أن تمنحه تلك السعادة جرعة من الانطلاق لأيام، لكنها تفاجأت بأنه دخل في حالة من الصمت في اليوم الذي يليه دون أسباب، موضحة أنّ الإشكالية الكبيرة لا تقف فقط عند حدود احتمال الشخص المزاجي، بل في خروج الشخص غير المزاجي من حالته المتوازنة النفسية إلى حالة الغضب والحزن؛ بسبب رؤية الشخص المزاجي الذي يدفع بذلك التقلب إلى الاكتئاب.
د.الغامدي: المزاجيون لايرتبطون باللحظة..إذا ابتسم خاف من كثرة الضحك وإذا حزن عاش كئيباً
ماذا يفعل الرجل؟
ويتفق معها «نادر عبد العزيز» الذي يتحدث عن زوجته التي أصبح يشعر بأنه يعيش مع امرأة لم يستطع حتى الآن أن يفهما كثيراً، ففي مواقف يجدها منطلقة، وفي مواقف أخرى تدفع إلى الانطلاق يجدها صامتة ومكتئبة، وربما دخلت في حالة يصعب فهمها تترواح بين الحيادية، يحدث ذلك في اليوم لأكثر مرة، مشيراً إلى أنّ المرأة التي تعاني من مزاجية زوجها فإنها قد تتحمله لأن للمرأة زوجا واحدا، إلاّ أنّ الرجل حينما يصاب بداء الزوجة المتقلبة في المزاج فإنه يشعر بالنقص أكثر، موضحاً أنّ المرأة خلقت لتضفي الفرح في بيتها والانطلاق وهي من تستطيع أن تستوعب الرجل بكل أحواله فتخرجه من حالات الضيق إلى الفرح بخلاف الزوج الذي يجد نفسه أمام الزوجة حائرا لايعرف كيف يستوعبها.
مزاجية تثير الضحك
أما «أم هاني» فترى أن المزاجية والتقلب في الأحوال ليس حصراً على الزوج والزوجة فقد تطال المقربين لنا في الحياة بين الوالدين والأشقاء والأصدقاء، مشيرة إلى تقلب صديقتها الدائم في المزاج بشكل لايمكن احتماله يصل أحياناً إلى امتداح أشياء والعودة إلى انتقاد ذات الأشياء بعد أيام، مستشهدة على الخلاف الذي دار بينهما؛ بسبب نقاش أثير عن أفضل كتاب تثقيفي في تربية الأبناء، كانت تلك الصديقة قد تحيزت إلى كتاب ما وأقسمت وأكدت بأنه أفضل ماكتب في هذا الصدد، حتى أنها تشاجرت مع جارتهما التي انتقدت الكتاب فيما أخذت موقفا منها لأنها أيدتها في ذلك الرأي، وقد تفاجأت بعد يومين بأنها تنقد ذلك الكتاب حتى أنها قررت أن تحرقه ، منكره أنها كانت من المتحيزين له.
خارطة الدماغ
وأوضح «د.حاتم سعيد الغامدي» -استشاري نفسي ومدير مركز الراشدة بجدة- أنّ صفة المزاجية، هي صفة يكتسبها الفرد من التعلم من المحيط الخارجي الذي يعيش فيه، فيتعلم من محيط الأسرة والوالدين، وذلك حينما كان طفلاً يلاحظ هذه المزاجية من والده أو والدته، فالطفل هنا يعتقد بأن المزاجية نمط سلوكي عادي، فيبدأ في اكتسابها من خلال الملاحظة ومن خلال التركيز، مشيراً إلى أنّ المزاجية هي «الكبت» لذلك فهي لا تحمل البوح بمعناه، فالرجل حينما يكتسب المزاجية ويكبر على ذلك فهو يعتقد أنه بمزاجيته تلك يحصل على متطلباته في كل يسر وسهوله، وحينما يرغب في الزواج يشعر بأنه يعاني من كبت داخلي عميق، فتتشكل لديه النظرة السوداوية للحياة، ونظرته لذاته ينقصها التقدير العالي، وبالتالي هو لايعبر عن مشكلاته تجاه الآخرين، فيعتقد بأنه بصمته يحل مشكلاته بالداخل بعيدا عن الآخرين، إلاّ أن الحقيقة أن تلك المشكلات تتفاقم بداخله.
متقلب المزاج
وأشار «الغامدي» إلى أنّ متقلب المزاج كثيراً ما يكون متقلبا بين حالة السعادة والحزن، فمرة منطلق ومرة منسحب على ذاته، فهذا يعاني من حالة نفسية نتيجة القلق الذي يأتي من الاكتئاب والنظرة التشاؤمية من الأشياء، مضيفاً أنّ الإنسان الذي ينقلب مزاجه بين الانطلاق والتراجع في ذات الوقت مع الآخرين فإنه يعيش حالة من تراجع خارطة الدماغ إلى الماضي، أو ربما انسحب إلى المستقبل الذي يخافه كثيرا، وذلك هو الإنسان الذي لا يعرف أن يعيش اللحظة، فهناك من يذهب إلى عزاء لكنه لا يعرف كيف يؤدي ذلك العزاء، أو ربما ذهب إلى «حالة فرح» لكنه موجود وهو في حالة حزن وغضب، موضحاً أنّ المزاجيين أنواع: فهناك من الناس من هو في حالة تقلب مزاجي دائم، وهناك من هو متقلب بين التقلب والاستقرار في المزاج فمرة سعيد ومرة حزين وهذا يعتمد على حالته النفسية التي ينطلق من خلفيتها، أما الشخص الدائم في تقلبه فهو غالباً ما يكون شخصاً مكتئبا، ومنسحبا من المجتمع فلا يستطيع أن يشارك في المناسبات الاجتماعية وربما فجأة شارك الآخرين بشكل جيد، مؤكداً على أنّ الاتزان في الشخصية هو الذي تعطي الإنسان صفة الديمومة، لذلك فإنّ التقلب في المزاج دليل على وجود مشكلة نفسية لدى الإنسان لا يعرف كيف يعالجها، وهناك كبت في الداخل لا يستطيع أن يلاحظه.
مزاجية المشاعر
وأوضح أنّ السبب الذي يدفع الكثيرين إلى أن يعتقدوا أن المزاجية صفة مرتبطة بالأشخاص غير الاعتياديين مثل الكتاب والروائيين والشعراء يكمن في أن المزاجية هي في حقيقتها مرتبطة بالفكر، فالكتّاب مثلاً يعيشون بفكرهم، والفكر يؤثر في المشاعر والمشاعر تؤثر في السلوك، هذا المثلث المعرفي يؤثر في المشاعر، فحينما يتذكر المرء حدثا ماضيا مؤلما فإنه من المؤكد بأن مشاعر الشخص في ذات اللحظة ستتأثر وتتغير وبالتالي ستنقل هذه المشاعر إلى المحور وهنا تطغى على الشخص حالة من الحزن والكآبة فيتغير سلوكه، وهذا ما يحدث للروائي أو الكاتب فلابد أن يعيش هذه الحالة حتى يبدع، فمن يكتب رواية حزينة جداً لابد أن يستحضر مشاعر الحزن حتى يعيشها فيكتبها، وهذه ماتسمى «السيكودراما» فكأنه يعيش فلما داخليا ليستطيع أن يعبر عنه في الخارج، وهذا قد يكون جزءا من الإبداع ولكنه يؤثر على الخارج، ولذلك فإن الشخصيات الأكثر تعقيداً في الحياة غالباً ماتتصف بالتقلب المزاجي.
شخصيات بسيطة
وأشار «الغامدي» إلى أنّ ذلك يجعل الشخصيات البسيطة في الحياة كثيراً ما تعيش في سلام دائم؛ لأنها تسلم أمرها لله وتتقبل جميع ظروفها، موضحاً أنّ هناك فرقا بين حالة الحزن التي يخرج منها الإنسان بشكل عادي وبين المزاجية والتقلب في السلوك فالمزاجية سمة في الشخصية، إلاّ أننا لابد أن لا نتعامل مع الآخرين على أنهم «ملائكة» فمن الطبيعي إذا حزن الشخص أن ينسحب من الآخرين لأيام ولكنه سرعان ما يعود ليعيش حالته الطبيعية، فلذلك المزاجيون لا يرتبطون باللحظة؛ فإذا ضحك خاف من كثرة الضحك، وإذا حزن عاش ذلك الحزن بشكل كبير، مضيفاً أنّ المعرفة وكثرة معرفة الشخص سلاح ذو حدين، فالمعرفة تعطي أفقاً أوسع يمنحه القدرة على أن يمتلك درجة عالية من التكيف في الحياة، فالعلم سلاح ذو حدين، والإنسان حينما يحب أن يقرأ كثيراً في الروايات البوليسية فإن سلوكه سيتأثر وينحى منح الإستخباراتية والشك الدائم بالأشياء، كما يتوقع شراً أكثر، بخلاف الشخص الذي يقرأ في الشعر مثلاً، فمن الطبيعي أن تنعكس تلك المعرفة على سلوكه، فالثقافة تغيّر الإنسان للأفضل، وذلك ما يفترض أن يكون، إلاّ أنه ليس كل الثقافة تعطيك الحقيقة، وذلك ما يجعلها خطرة على المتلقي، ولذلك فهناك معرفة إيجابية تقود إلى التبصر في النفس، من رغب بمعرفة الله بشكل عميق لا بد أن يعرف نفسه أولا بشكل أعمق، لذلك فالناس الذين لديهم وعي كبير بالخارج يكونون أقل إدراكاً للوعي الذي بالداخل، فكلما كان الشخص أكثر وعياً بداخله كلما كان شخصية مرتبطة مع الذات والقدرة على التكيف في الحياة.
الارتباط بالقيم
وأما عن ارتباط المزاجية بالقيم التي يؤمن بها الفرد في الحياة، فيرى «الغامدي» أنّ المزاجية هي جزء من قيمة الشخص مع نفسه، فالشخص المزاجي يعتقد أن المزاجية هي قيمة حقيقية موجودة في حياته، وإلاّ لما تشكلت في سلوكياته ولذلك فهو في الحقيقة يرفض أن يخرج من هذه القوقعة المغلقة ودائرة الألم لأنه يعتاد عليها، موضحاً أنّ المزاجية ترتبط بكلا الجنسين وليست حصراً على الرجل دون المرأة وهي المزاجية العرضية التي لابد أن نتقبلها، بخلاف المرضية منها.
وعن آثار تلك المزاجية، فيؤكد «الغامدي» على أنّ الشخص المتقلب في مزاجه يؤثر على نفسه في المقام الأول أكثر بكثير من تأثيره على الآخرين، أما المحيطون به فإن كانوا إيجابيين فإنهم سينفرون منه بلاشك، فالشخص المزاجي لا يتلاءم إلاّ مع الأشخاص المزاجيين الذين يشبهونه في الحياة، وربما إذا استسلم الإيجابيون له فإنهم قد يكتسبون منه تلك الصفة، ولذلك فإن عكس صفة المزاجية «الانبساطية» والتفاؤل فالمزاجي «شخص متشائم»، يتصف بالانسحاب وعكس ذلك الشخص المنطلق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.