شكلت المثلثات وحساباتها وحسبانها منذ أيام بناء الفراعنة للأهرامات إلى يومنا الحالي علامات فارقة في حياة الناس. وما تبع ذلك من متعة ربط الأشياء والمواضيع والأشخاص في رزم ثلاثية الأبعاد. فمن ثالوث "التابو" الشهير المكون من الدين والسياسة والجنس وثالوث المستحيلات وثالوث الأفلام والمسلسلات الأمريكية الشهيرة مثل "المهابيل الثلاثة" و"الهاربين الثلاثة" و"الرفقاء الثلاثة" و"الأموات الثلاثة ". ولا يستثنى من ذلك أيضا التثليث النصراني وانعكاساته على ثقافة عبادة البشر والإذعان للمؤسسة الكنسية. ولكن تبقى تثليثة "الساندوتش" طيبة الذكر في الثقافة العربية والتي احتارت فيها مجامع اللغة فسمتها "شاطر ومشطور وبينهما طازج" اعتمادا على حساب المثلثات. ومن زاوية الغذاء الصحي الذي يقود إلى مجتمع صحي تنتشر بين افراده وفي سن مبكرة معارف وعلوم الغذاء الصحي سيكون نتيجة ارتباط وفق حساب المثلثات بين قطاعات الزراعة والتربية والصحة. وينعكس عندنا هذا المشهد وفق حساب مثلثات أيضا في "ثالوث شارع المطار القديم" في الرياض والمكون من ثلاث وزارات متجاورة من الشمال الى الجنوب (الزراعة، التربية، الصحة)، وبالرغم من هذا التجاور إلا أن الزراعة لم تكلف نفسها عنا هم الغذاء فظهرت هيئة الغذاء والدواء كرقيب وليس عينا على توفير الغذاء فتشتت أجزاء المهمة، والتربية اهتمت بصحة طلابها وطالباتها أسوة بالقطاعات العسكرية لتخفيف العبء عن وزارة الصحة. والصحة تعاني الأمرين من الأغذية التي تقود إلى السمنة في غفلة من الرقيب موفر الغذاء السليم وتعاني من نقص في قبول الناس لفكرة الغذاء السليم. اعتقد أن الفكرة التي طرحها سمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بتقليص المركزية وجعل "الوزارة في المدرسة" على حد قوله فكرة ستشجع الإبداع المحلي حتى في الغذاء الصحي. وهي فكرة تساندها مواقف وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة في تقليص المركزية وتعزيز الخدمات في المناطق. وهذا الفكر الجديد أتمنى ألا تخبو جذوته، ففي كل منطقة من مناطق المملكة أفكار إبداعية يمكن تطويرها وتعميمها على بقية المناطق. وتعزيزا لهذا النهج تخلت الحكومة الفدرالية الأمريكية عن بعض المركزية تشجيعا للإبداع المحلي. ووفقا لهذا البرنامج ستخضع ولايتا فلوريدا وميشيغان الامريكيتان الى برنامج غذائي تجريبي للطلاب والطالبات مطلع الفصل الدراسي المقبل يرتبط فيه مثلث الزراعة والتربية والصحة. تقوم الزراعة بتشجيع المنتجات الغذائية المحلية الصحية بالدخول إلى المدارس لتقديم تجارب غذائية محلية وبإشراف من مثقفين للغذاء تابعين للصحة وبمتابعة تربوية وسلوكية من المدارس. ولعلها ستكون تطبيقا عمليا لمفردة "زرع - حصد" حيث نجسد زراعة الغذاء الصحي المحلي وتخفيف أضرار الأغذية السريعة التي بدأنا نشاهد تأثيرتها على صدور الشباب قبل البنات. ولو تتبعنا ما يباع داخل المدارس الخاصة او حتى الحكومية تحت ما يسمى "بالمقصف المدرسي" لوجدنا ان الفكرة سليمة ولكن التطبيق بحاجة الى مراقبة ومراجعة مستمرتين. ولا تقف المشكلة في حدودها داخل اسوار المدرسة بل تتعداها الى خارج السور. وثقافة خارج السور لا تعني المدرسة من قريب او بعيد في كثير من الأحيان. فعلى سبيل المثال يقف وافد عربي يعمل سائقا لحافلة نقل عند بعض المدارس الخاصة ويبيع "وقبة بعشرة ريال" عبارة عن كل الممنوعات داخل سور المدرسة من مشروبات غازية رخيصة ومخزنة بطريقة غير صحية وأكياس الأكلات الصبغية التي لا تستطيع غسل آثارها من أصابع اليد إلا بالصابون لأكثر من مرة. اعتقد إذا تمكنا من تشجيع الفكر المحلي (صحيا وغذائيا وتربويا) لدى الطلاب فستتعزز فكرة المسؤولية الاجتماعية لدى قطاعات الغذاء محليا لأنها ستصل إلى الناس مباشرة وليس عبر واسطة تجار التجزئة. وإذا لم نتمكن من ذلك فعلى الأقل فلنقدم لطلابنا ما يتمتع به المعلمون والمعلمات والموظفون والموظفات من وجبة "فول وتميس وكبده حاشي وربما حنيني في الشتاء" فهي اقل ضررا مما يباع في أكياس الشغالات وسائقي الحافلات وبقالات الحي التي أصبحت تدار بفكر بنغلاديشي.