محرز: الأهلي يجب أن يستغل الفرصة    إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.5 مليون حبة من مادة الإمفيتامين "الكبتاجون"    المياه الوطنية تحقق المركز الثاني في جائزة التميز لتفضيل المحتوى المحلي    524 جهة عارضة من 20 دولة في أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025    "العليان" يحتفي بتخرج نجله    "الراجحي" يحصل على الماجسير مع مرتبة الشرف    الهلال الأحمر بالشرقية يدشّن مشروع "معاذ" للسلامة الإسعافية بجسر الملك فهد    صعود الأسهم الأوروبية    امطار وزخات من البرد ورياح في عدة اجزاء من مناطق المملكة    مدير منظمة الصحة العالمية: وضع غزة كارثي ومليونا شخص يعانون من الجوع    نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى تخريج الدفعة 46 من طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل    أمير المدينة المنورة يرعى حفل تخريج الدفعة السابعة من طلاب وطالبات جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من إندونيسيا    الرياضة النبيلة والرؤية العظيمة    تهريب النمل    نظام جديد للتنبؤ بالعواصف    في إلهامات الرؤية الوطنية    ذواتنا ومعضلة ثيسيوس    الترجمة الذاتية.. مناصرة لغات وكشف هويات    الذكاء الاصطناعي يحسم مستقبل السباق بين أميركا والصين    أرقام آسيوية تسبق نهائي الأهلي وكاواساكي    المملكة نحو الريادة العالمية في صناعة الأدوية    ماجد الجمعان : النصر سيحقق «نخبة آسيا» الموسم المقبل    الفتح يتغلب على الشباب بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    تشكيل الأهلي المتوقع أمام كاوساكي في نهائي دوري أبطال أسيا    غزة.. حصار ونزوح    الوحدة يقلب الطاولة على الأخدود بثنائية في دوري روشن للمحترفين    عبدالعزيز بن سعود يدشن عددًا من المشروعات التابعة لوزارة الداخلية بمنطقة القصيم    تراجع الديمقراطية في أمريكا يهدد صورتها الدولية    الصيام المتقطع علاج أم موضة    تأثير تناول الأطعمة فائقة المعالجة    أمانة الشرقية تفعل اليوم العالمي للتراث بالظهران    تسع سنوات من التحول والإنجازات    سكرتير الأديان في بوينس آيرس: المملكة نموذج عالمي في التسامح والاعتدال    تكريم 26 فائزاً في حفل جائزة المحتوى المحلي بنسختها الثالثة تحت شعار "نحتفي بإسهامك"    انخفاض وفيات حوادث الطرق 57 %    بريطانيا تنضم للهجمات على الحوثيين لحماية الملاحة البحرية    الجبير ووزير خارجية البيرو يبحثان تعزيز العلاقات    إطلاق 22 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في متنزه البيضاء    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    بتوجيه من أمير منطقة مكة المكرمة.. سعود بن مشعل يستعرض خطط الجهات المشاركة في الحج    845 مليون ريال إيرادات تذاكر السينما في السعودية خلال عام    الحميري ينثر إبداعه في سماء الشرقية    "آفي ليس" تحصل على تصنيف ائتماني    مدير الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من «طريق مكة»    حراسة القلب    خلال جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية.. إندونيسيا وروسيا تفضحان الاحتلال.. وأمريكا تشكك في الأونروا    عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»    أمير الشرقية يثمن جهود الموارد في إطلاق 6 فرص تنموية    العلا تستقبل 286 ألف سائح خلال عام    جامعة الملك سعود تسجل براءة اختراع طبية عالمية    مؤتمر عالمي لأمراض الدم ينطلق في القطيف    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شكوى معلقة على جدار الزمن
الخروج عن النص
نشر في الرياض يوم 25 - 07 - 2011

ليست هي شكوى الفلاح الفصيح حين اقترب من الفرعون يشكو اليه ما لم يتحقق حتى اليوم وبعد كل هذه القرون، وانما حدث مرة – منذ عدة سنوات - في عاصمة احدى البلدان العربية أن جمع الموظفون المختصون شكاوى الجمهور من صناديق الشكاوى بكل مؤسسة، وجدوها تغص بشكوى واحدة ظل صاحبها يكررها حتى مل أو نفدت منه الأوراق، الشكوى تقول "أنا أحب بثينة، وبثينة لا تحبني ماذا أفعل؟"..
أفاق الموظفون من ذهولهم وبدأت التعليقات الساخرة.. في ادارات البرق قالوا "نركب له خطا عاطفيا بدلا من الخط الهاتفي" وفي ادارات الخدمات الاجتماعية قالوا: نرسل له ولها باحثا اجتماعيا واخصائيا نفسيا، واعتبرت الشرطة شكوى المحب الحائر ازعاجا للسلطات، وفي ادارات التعليم قالوا هذا ولد تعلم القراءة والكتابة وينقصه التربية، وتباينت التعليقات حسب كل جهة، أما الصحيفة الرسمية فقد اكتفت بنشر الواقعة الغريبة، وألمحت احدى المجلات الى ترجيح أن يكون صاحب الشكوى واحدا من اثنين، كلاهما كان من الأدباء الشبان المشهود لهم بالتفوق في الابداع والمبالغة في الجنون، وبالفعل حين عرف كاتب الشكوى اتضح أنه واحد من الاثنين وساعد على كشفه أنه كتب اسم حبيبته صراحة وكانت قصته وقصتها رائجة بين شباب المثقفين. الشاكي الآن واحد من كبار الروائيين العرب كان قد تزوج بالمتأبية لفترة قصيرة ثم انفصلا احترازا من أن يقتل أحدهما الآخر.
تبدو الشكوى عملا ميتافيزيقيا لكن أهميتها في أنها لا تكاد تختلف عن واقع الحال بما تشير اليه من خلل (حتى وان كان الخلل في علاقة عاطفية ليست الادارات الحكومية هي جهات الاختصاص المنوطة بها)، خلل في الشاكي أو في الطرف المقابل المشكو في حقه، أو في الجهة الخاطئة التي توجه لها الشاكي، ولهذا كان محكوما سلفا على علاقة بهذا الشكل أن تنتهي مع بدايتها الأولى..
هذا يردنا على الفور الى صناديق شكاوى الجمهور المعلقة في مدخل كل مؤسسة، فلولا ادراك تلك المؤسسات أن نوعا من التجاوز أو الظلم يحدث لا محالة ضمن سياق أدائها لما وضعت تلك الصناديق وكأنها تعترف سلفا أن الظلم والأخطاء أمر وارد، ولكنها على استعداد لتصويب الخطأ، لكننا -انصافا- يجب أن نعترف بالمقابل أن نسبة غالبة من الشكاوى يتقدم بها أناس طلبا لما ليس لهم حق فيه.. أعني أن صناديق الشكاوى اشارة واضحة الى خلل في الشاكي أو في الجهة المشكو اليها أو في موضوع الشكوى كقصة صاحبنا المحب التي جمعت في شكوى واحدة وقصيرة كل أخطاء الأطراف الثلاثة.
والسؤال الذي يلح الآن هو عن "جدوى الشكاوي" طالما أنها اما لشاك مطالب بما ليس له فيه حق أو أنها شكوى من موظف رفض أن يؤدي واجبه حين جاءه صاحب الحاجة بنفسه ولا أمل أن يؤديه له وهو غائب يقترب اليه عبر ورقة مكتوبة..
أخشى أن يفهمني قارئ عزيز وكأنني أقول لا جدوى، وأن الشكوى لغير الله مذلة، أما ما أعنيه حقيقة أننا ما نزال غير قادرين على التخلص من رواسب قديمة كانت تدفع بالموظف الصغير الى البحث عن اثبات لوجوده وأهميته بتعقيد الأمور، يكاد يكون لكل واحد قانونه الشخصي الذي صاغه لنفسه حسب فهمه وهواه ليضع به كل العقد في منشار واحد، وأننا أيضا لم نتخلص بعد من تغليب المصلحة الخاصة التي تأخذ كل أبعاد الأنانية عند الشكوى من عدم الحصول على ما ليس من حقنا، وأننا ربما في وقت ليس بعيدا جدا سنتبع طموحاتنا الى اكتساب " انسانية أكثر شفافية " لوجودنا الانساني وما يليق به فلا نقصر في حق طالب ولا نطالب بحق الغير، ونرفع عن كل المؤسسات في مداخلها صناديق الشكاوي،... أو البديل لا سمح الله أن نستعير من صاحبنا شكواه أن بثينة لا تحبه نملأ بها الصناديق كل يوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.