كنتُ ضمن لجنة اختيار مدرّسي اللغة الإنجليزية من إنجلترا ، أثناء خدمتي في الملحقية الثقافية في لندن ، وبالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني . والنمط المتبع – أذكر – أن المجلس يعرض أسماءً يراها صالحة للتدريس في المملكة ، ونُجري لهم المقابلات والمفاضلات ، ونشرح لهم ما يجب أن يُعرف عن المملكة وما يُتوقع أن يصادفهم فنيّا ومعيشيا . وقال لنا المجلس الثقافي البريطاني أكثر من مرّة ، إن علينا أن لا نُصر على ضرورة أن يكون المتقدم حاملا للبكالوريوس ، فالمدرّس في بريطانيا يتأهل بشهادة يسمونها ( تي.تي.سي . ) مختصر ( تيتشرز تريننج كوليدج ) وتعني كلية تدريب المعلمين ، وهي كليات تقبل من الثانوية، وبرامجها مرموقة وخريجوها مطلوبون في قطاعات التربية والتعليم المختلفة . وكنا في اللجنة نُعاني من تعارض مطالب الوزارة مع واقع الموجود . ومن ضمن وسائل الإقناع التي كانت تقال لنا أن خريجي البكالوريوس –لغة انجليزية – غير مستعدين للتدريس ، وهم عادة يبحثون عن مجال في الطباعة والنشر والإذاعة والتلفزيون والمسرح والأداء الصوتي للإعلان والدعاية ، وعلى إمكاناتهم وقدراتهم تعتمد صناعة الكتاب والصحافة التي تُدفع بشكل يومي أو دوري إلى القارئ ، وقد بُذل فيها الكثير من التدقيق الإملائي وقواعد اللغة من فواصل وعلامات وقوف وبداية فقرة . هذه مكانة أهل اللغة ومجيديها ، ومكانتهم في المؤسسات كبيرة، والطلب على البارع منهم مستمر لا ينقطع . أجيء بهذا بمناسبة تذمر مجموعات كبيرة من خريجي وخريجات اللغة العربية عندنا لعدم وجود وظائف لهم في صناعات ومجالات أخرى غير التدريس وأزمتهم كما رأيتم في الأسبوع الماضي متجددة . ووصلت الحال بهم إلى أن يحتشدوا أمام وزارة التربية في الأسبوع الماضي طالبين النظر في قضيتهم بجدية أكثر وأعمق من حالة الإحباط التي يعيشونها ، بسبب الروتين المزعج الذين هم – في الغالب - ضحاياه . البعض يقول إن اللغة الفرنسية أو اللغة الانجليزية وبعضا من اللغات الأجنبية مثل اللغة الألمانية واللغة الروسية أصعب بكثير من اللغة العربية لكن الأجانب الذين يتعلمون اللغة العربية اجمعوا على أن اللغة العربية هي أصعب اللغات ، نعم إنها أصعب اللغات التي يمكن أن يتعلمها الفرد . وتكمن صعوبة تعلم اللغة العربية في أن القواعد النحوية تعمل دورا كبيرا في دراستها وهى قواعد صعبة كما أنها كبيرة ومتعددة ...كما أن الله سبحانه وتعالى ميزها بأنها لغة القرآن الكريم كتاب الله العزيز ... فليس هناك أكثر من تلك الميزة العظيمة . إنها اللغة العربية ...أتمنى أن يجد الخريج والخريجة مكاناً ومكانة بيننا . فهما درسا الاختيار غير السهل ، ويستحقان التميّز .