سؤال كبير يراودني منذ فترة.. هل الدخل الحالي وتكاليف المعيشة المرتفعة أبقت لذوي الدخل المحدود فرصة التفكير بالسياحة؟ هل من يحصل على راتب في المتوسط 3-5 آلاف ريال يستطيع أن يشعر بمعنى السياحة! او الاستمتاع بها؟ فلو فرضنا جدلاً أن هناك من يحلم بمعنى السياحة، ماذا تتوقعون أن يحدث؟. نشرت صحيفتنا "الرياض" بتاريخ 13 شعبان الحالي خبرا انه إذا كان سعر الاقامة في منتجعات سويسرا 500 ريال فإنه يقابلها 4000 ريال في شاليهات وطننا الحبيب، وبالمناسبة لم أفهم حتى الآن معنى شاليه في المملكة! هل هو ذلك المكان الذي يقع قرب مياه راكدة تسمى بحيرة أو مستنقعاً يسمى شاليه؟، هل هو بذلك الجو اللطيف البارد أو بتلك الخدمات الرائعة والأجواء الجميلة المريحة، تستحق هذه القيمة الفاحشة على المواطن ذي الدخل المعقول؟، فما بالكم بالمواطن الذي يسمع بالسياحة ولا يراها!. في آخر تقرير صدر عن السياحة الداخلية يقول انها تراجعت بنسبة 35% بإنفاق حوالي 12.7 بليون ريال سنوياً، مع أن تقديرات هيئة السياحة تقول انها انخفضت بنسبة 2% فقط عن الفترة من العام الماضي، وفي الغالب حُمل قطاع النقل والطيران السبب الرئيسي في انخفاض هذه المعدلات، ووجود ناقل وحيد في الداخل وعدم وجود بدائل أخرى لدعم هذه السياحة كانت السبب في ذلك. أتابع الجهود المبذولة لتطوير قطاع السياحة التي يبذلها سمو الأمير سلطان بن سلمان، ولكن أقول "اليد الواحدة لا تكفي"، قرأت لسموه تصريحا بتاريخ 28/8/1430ه يقول ان هناك دراسات لتطوير قطاع السياحة تأخذ بالاعتبار مصالح المستثمرين وتحمي حقوق المستهلكين، وتم اتخاذ إجراءات تستهدف أن يحظى السائح المحلي بخدمة تتناسب وما يدفعه مادياً، وأن التسعيرة صادرة من وزارة التجارة ولا بد من تحديد سقف لأسعار الغرف والوحدات والشاليهات، وأن رفع الأسعار لا بد أن تحكمه نسبة محدودة غير مفتوحة كما هو الآن. ونحن هنا نتفق معك يا سمو الأمير، ان ارتفاع أسعار الخدمات السياحية لا يخص هيئة السياحة وحدها بل يخص عدة جهات ونشد على أيديكم في سياستكم هذه، ولكن نختلف معك يا سمو الأمير بأن تلك الجهات المعنية بضبط هذا الأمر على الواقع لم تستطع كبح جماح جشع مستثمري قطاع السياحة، فهمهم الأول الأرباح، بغض النظر عن تطوير القطاع أو ظروف السائح السعودي ومستوى دخله. ونتأمل بدور أكبر وتدخل من هيئة السياحة لحماية حقوق المستهلكين لهذه الخدمة، فإذا كانت تكاليف السياحة الداخلية وارتفاعها بشكل يفوق إمكانات المواطن فكيف نستطيع الترويج للسياحة الداخلية خاصة وأن هذه السياحة محصورة في المقام الاول على المواطن، بسبب صعوبة استقطاب السياح الأجانب لأسباب عديده، هذا بخلاف تدني مستوى الخدمات، وضعف فرص النقل والحجوزات وغيرها، ولعل نماذج استراحات الطرق ورداءتها وعدم صلاحيتها للتقبل الآدمي! مثال واضح لذلك. فكيف نحقق الهدف المنشود؟ إن عدم تحرك الجهات المعنية وليست هيئة السياحة وحدها المعنية بالأمر قد تكلفنا الكثير، فقد نجد أنفسنا في حالة من الانقراض السياحي الداخلي، ولا حتى تصبح تعدد الموروثات أو مقومات المناطق ميزة نسبية، ويظل هذا القطاع محصوراً فيما يسمى بالسياحة الدينية كما يقال، وتأتي أسعار الخدمات المرتفعة مع انخفاض جودتها العائق الأكبر لتطوير السياحة الداخلية. **خاطرة شكر وتقدير من القلب لمعالي وزير التجارة والصناعه الاستاذ عبدالله زينل على اتصاله الشخصي والتحدث عما يخص وزارته في المقالة السابقة فيما يتعلق بالتضخم وتكاليف المعيشة والغش التجاري، وهذا ما يعمق ويرسخ مبدأ التواصل بين الإعلام والمجتمع والجهات المعنية.