أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    تدوير 1.4 مليون منتج مخالف    أمير الشرقية يُدشن فعاليات منتدى "التكامل اللوجستي 2024م"    هدف لاعب الرياض "الحراجين" الأجمل في الجولة 29 من دوري روشن    ثلاثية ليفاندوفسكي تقود برشلونة للفوز على بلنسية في الدوري الإسباني    رئيس الاتحاد الإسباني ينفي تهم الفساد الموجهة له في المحكمة    رسمياً.. إطلاق أوَّلَ مركز ذكاء اصطناعي للمعالجة الآلية للغة العربية    قمة مبكرة تجمع الهلال والأهلي .. في بطولة النخبة    السواحه يناقش مع وزراء ورؤساء كبرى الشركات العالمية تعزيز الشراكة    تمت تجربته على 1,100 مريض.. لقاح نوعي ضد سرطان الجلد    أيقونة التقدم الدولي    برئاسة المملكة والنرويج.. اجتماع لدعم جهود حل الدولتين والاعتراف بفلسطين    اجتماع تنسيقي لدعم جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين    Google Maps أولوية الحركة لأصدقاء البيئة    الجبير وثياو يناقشان المستجدات الدولية حول حماية البيئة والحد من التصحر    فزعة تقود عشرينيا للإمساك بملكة نحل    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    العشق بين جميل الحجيلان والمايكروفون!    الفراشات تكتشف تغيّر المناخ    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    معايير دقيقة لأجمل مربّى برتقال    أعراض التسمم السجقي    رئيس وزراء ماليزيا يغادر الرياض    ولي العهد يستقبل وزير الخارجية البريطاني    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (37) من طلبة كلية الملك فهد البحرية    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    الخروج من مستنقع الحرب !    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق    السابعة اتحادية..    دوري السيدات.. نجاحات واقتراحات    الإطاحة بوافد وثلاثة مواطنين في جريمة تستر وغسيل أموال ب200 مليون ريال    القبض على عصابة سلب وسرقة    حقائق حول محادثات الاحتلال وحماس    6 نقاط تفصل بنو قادس عن دوري روشن        اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    فيصل بن بندر يستقبل مدير 911 بالرياض.. ويعتمد ترقية منتسبي الإمارة    توقيع مذكرتي تفاهم لتعزيز استدامة إدارة النفايات    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب    %97 رضا المستفيدين من الخدمات العدلية    جدة: القبض على مقيمين لترويجهما مادة الحشيش وأقراصا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    مواهب سعودية وخبرات عالمية تقود الأوبرا الأكبر عربياً "زرقاء اليمامة"    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    "جائزة الأميرة صيتة" تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    سياسيان ل«عكاظ»: السعودية تطوع علاقاتها السياسية لخدمة القضية الفلسطينية    أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    منصور يحتفل بزواجه في الدمام    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    إطلاق المرحلة الثانية من مبادرة القراءة المتجولة    دولة ملهمة    فئران ذكية مثل البشر    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بيت الطاعة».. هل انتهى زمن عودة المرأة إلى الرجل بالقوة؟
خوفاً على الزوجة أن تكون «ناشزاً»
نشر في الرياض يوم 27 - 04 - 2010

تسربت عبارة «بيت الطاعة» الى مسامع كثيرين من خلال المسلسلات الدرامية العربية القديمة، التي كانت تصور لنا حالة من الإحباط تعيشها الزوجة وهي محاطة بأربعة جدران لبيت طاعة لزوج باحث عن بقية امرأة خرجت بعيدا عن حدود طاعة زوجها وهجرت بيتها بسبب خلاف عميق، أو اختلاف في وجهات النظر ليمارس عليها نوعا ما من الضغوط بعد حملها للقب «ناشز»، وذلك عندما تفشل جميع الحلول السلمية والوساطات من الأهل والأقارب لإعادة الصفاء والوئام لحياة بدأت تعصف بها رياح الخلافات.
«الرياض» استطلعت آراء المختصين للتعرف الى آرائهم عن ماهية «بيت الطاعة»، وذلك لتسليط الضوء بشكل أكبر على مفهومه ومعناه الحقيقي، وهل فيه ظلم وتعسف ضد المراة وانتقاص لإنسانيتها وإرادتها؟، وجاءت الردود متنوعة فبعضهم يؤكد وجوده محليا بصفة رسمية تارة وبصفة اجتماعية تارة أخرى، وبعضهم يؤكد أنه مجرد «خرافة» خلقتها الدراما ولا وجود لها في واقع حياتنا اليومية، وآراء أخرى خلطت بينه وبين مفهوم «بيت الزوجية».
بيت الطاعية بين الرفض والتأييد
المستشار القانوني ريان مفتي أنكر لفظ بيت الطاعة مؤكدا عدم وجوده في الشرع والأعراف الاجتماعية، وأنه مجرد ثقافة سينمائية من الأفلام العربية القديمة، التي كانت تعرض لنا مشاهد لزوجات مضطهدات مغلوبات، وأزواج أنانيين لديهم رغبة وحب الانتقام.
وأضاف قائلا: للأسف بعض الأزواج يعتقدون أن لديهم القدرة على إلزام الزوجة للعودة إلى بيت الزوجية بالقوة، سواء كان بيت طاعة أو غيرها رغم أن الشرع لا يلزم بذلك، ولكنه يحاول مساعدتهم في التغلب على الصعوبات التي قد تطرأ بين كل الأزواج، متناسين أن للزوجة الحق الكامل في أن ترفض العودة في حال كرهت الحياة بكل صورها معه، ولها أن تلجأ للخلع من دون إبداء الأسباب.
بيت الطاعة موجود
أما المحامية رنا القرني فقد أكدت وجود بيت الطاعة في الشريعة الإسلامية، الذي هو في الأصل بيت الزوجية، مشيرة إلى أن بالمحكمة العامة قسم مختص بالعودة إلى بيت الطاعة، وذلك بقسم صحائف الدعوى، وأوضحت المحامية رنا أن الحكم بالعودة إلى بيت الطاعة يطبق بحق الزوجة «الناشز» في الوقت الذي
د. محمد المعبي
يكون فيه الزوج ملتزما القيام بكل واجباته من دون نقصان، وتكون الزوجة لا تراعى الله في حقوقه وتكون لديها اعتراضات لا وجه حق فيها، ولا يمكن وصفها إلا بالمرأة «الدلوعة» التي تريد الانفصال لأسباب غير منطقية أبداً، فتحال القضية إلى لجنة الإصلاح ومن خلال المصلحين يتم التأكد إذا ما كانت الزوجة نشازا من عدمه وذلك من مدى تعاونها مع القاضي والتزامها بحضورها للجلسات.
وأضافت قائلة: يتم تطبيق الحكم القضائي تجاه الزوجة بالقوة الجبرية بعد صدور صك شرعي ويتم الاستعانة بالشرطة في حال لم تنفذ الزوجة حكم القاضي بتنفيذه كونها زوجة ناشز وإن كانت كارهة لتعود بعدها لتطلب الخلع من زوجها فالدين الإسلامي منح المرأة الحق في الخلع بعد عودتها لبيت زوجها، لتعتبرها فرصة لمراجعة النفس واختيار ما تراه مناسبا لها. مشيرة إلى أن بيت الطاعة يحتوى على كافة المتطلبات التي تجعله مهيئا للحياة بشكل مناسب للزوجين دون الإضرار بالزوجة.
واستغربت المحامية رنا الاعتقاد السائد بعدم وجود ما يسمى ببيت الطاعة لدى بعض الناس، مؤكدة أنه يوجد كثير من قضايا الخلع في المحاكم لدينا، في الوقت الذي لم تستطع فيه ذكر إحصائية، مكتفية في سياق حديثها إلى بعض الحالات التي قامت بمتابعتها من واقع عملها لزوجة ظلت معلقة لمدة خمس سنوات في بيت أهلها، وصدر بحقها حكم شرعي بنشوزها نفذته، وحاليا تقوم برفع دعوى خلع من زوجها.
ثقافة أجنبية
د. سهيلة زين العابدين العضوة بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أوضحت أن بيت الطاعة أصله من القانون الفرنسي للمادة 212 مشيرة إلى أن لا علاقة تذكر بين «بيت الطاعة» وبيت الزوجية، وأضافت قائلة: إن الآيات القرآنية التي تحث على العشرة الزوجية الحسنة تتناقض مع أحكام بيت الطاعة الحاصلة من
ريان مفتي
بعض القضاة لدينا فنحن نستمد قوانيننا من الدين وهذا «البيت» ليس من الدين بشيء.
وأشارت إلى أن الله تعالى ذكر في كتابه نصا واضحا وصريحا ينفي وجود وآلية التعامل مع بيت الطاعة في قوله تعالى: «إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان».
وتساءلت د. زين العابدين قائلة: إذا كانت الزوجة ناشزاً فلماذا لا يطلقها الرجل بدلا من الذل والإكراه في العيش معها في «بيت الطاعة» من دون رغبة منها، مؤكدة في سياق حديثها أن الرجل إذا كان لطيف المعاشرة، ويتودد إليها بالمحبة، وزوجته لا ترغب في العيش معه، فهذا يعني أنها لا تحبه، فالأفضل له ولها أن ينفصلا بالمعروف مستشهدة بحادثة زوجة قيس بن ثابت عندما أتت إلى رسول الله قائلة له: «أنني لا أعيب دينه وخلقه ولكن أكره الكفر في الإسلام «فسألها رسول الله أفتردين عليه حديقته قالت نعم فخالعته».
وذكرت زين العابدين أن نظام الخلع في المحاكم لدينا لا يسير بالشكل الصحيح والمذكور في الدين الإسلامي، فالمرأة تطلب الطلاق متى وقع عليها الضرر ولكن إذا كان الضرر سيقع على الزوج في حالة الطلاق فهنا تكون المخالعة من مصلحته ومن حقه، ولكن للأسف المرأة لدينا يسقط حقها في الطلاق، وتخالع وهي معرضة للاضطهاد والضرب والتقارير الطبية تؤكد ذلك.
حل لمصلحة الزوجين
الناشطة الحقوقية والعضوة بمنظمة العفو الدولية سعاد الشمري أوضحت قائلة: إن بيت الطاعة لفظ تنظيمي وليس شرعياً، وإن المرأة عندما لا ترغب في الرجل تستطيع تركه من دون أن توضح الأسباب والدليل على ذلك قصة المرأة والحديقة عندما قال لها الرسول عليه السلام، ردي له حديقته، مضيفة أن المؤسسة الدينية الذكورية المتشددة استطاعت أن تقتص من الدين الإسلامي ما يناسب أهواءها فتركوا الأسباب الحقيقية لهذه القصة «ردي حديقته» وأخذوا معني ردي حديقته إجبارا لكل النساء السعوديات على دفع المهر في حال رغبت الطلاق، أو الخلع مهما كانت الأسباب، حتى وإن تعرضت للإساءة في المعاشرة فالقضاة دائما يجبرون المرأة على الخلع.
وأضافت بالنسبة للسيدات السعوديات، وخاصة في المناطق القبلية أحيانا يكون «بيت الطاعة» مطلبا ملحا بسبب تدخل الأهالي في مصير الفتيات،
سعاد الشمري
فتجدين الفتاة ترغب بالاستمرار مع زوجها، ويحدث أحيانا خلاف عابر بينهما تضطر فيه الفتاة للذهاب إلى بيت أهلها فيمنعها الأهل من العودة، حتى بعد مفاوضات الصلح بينهما لدرجة قد تصل الى حبسها لديهم في البيت ومنعها من الذهاب اليه، وذلك من واقع تجربة حقيقة لحالات عديدة، فيضطر الزوج أحيانا لإرجاعها بالقوة الجبرية لبيت الطاعة حبا ورغبة فيها.
وأكدت قائلة: إذن نحن بحاجة إلى هذا البيت طالما أن الأهل يتدخلون في تحديد مصير بناتهم من دون خوف من الله، ووصفت الناشطة الحقوقية سعاد أن «بيت الطاعة» أشبه بالأسر ويعيد النساء الساكنات فيه رغما عنهن إلى زمن الجواري.
واختتمت حديثها بتأكيدها أن من حق المرأة أن تكون ناشزاً، ومن حقها أن ترفض الاستمرار مع زوج لا تشعر بالاتفاق معه أيضا، ولم يجبر الرسول وصحابته المرأة النشاز للعودة لبيت زوجها، ولكنها للأسف مجرد مصطلحات أردنا بها العودة للجاهلية الحديثة، واصبحنا كمن يشتري النساء ويبيعهن ونجبرهم للعودة للوراء سواء من ناحية الأهل أو من جانب الزوج، فسلطة ولي الأمر مثل سلطة الحكم الناشز وبيت الطاعة، مع ان المرأة كائن مستقل تختار حياتها كيفما تراها مناسبة لها.
الزوجة الناشز
المأذون الشرعي د. محمد المعبي أوضح أن المقصود ببيت الطاعة بيت الزوجية، وسمي بذلك من باب التورية والتشبيه، والمرأة إذا طلبت الطلاق من دون سبب مقنع وتخرج من دون إذنه إلى بيت أهلها تصبح زوجة نشازا، يطلب منها القاضي العودة إلى بيت زوجها الذي خرجت منه عاصية لتطيعه وتؤدي حقوقه في البيت الذي تكلف ماديا لتأسيسه، مستشهدا بقوله تعالي: «واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن في المضاجع وأضربوهن فإن أطعنكن فلا تبغوا عليهن سبيلًا».
وأوضح المعبي قائلا: إذا لم ترغب الزوجة العيش مع زوجها فعليها أن تخالعه من دون طلب الطلاق، مشيرا إلى أن الزوجة تدخل إلى بيت زوجها من باب واحد،
د. سهيلة زين العابدين
وهو عقد النكاح، وتخرج منه من عدة أبواب، وهي الطلاق، أو الفسخ والخلع، وهو ما يسمى بفداء النفس.
وقال: قديما سمي بيت الزوجية ببيت الطاعة، وهو بيت شرعي عبارة عن غرفة ومنافعها خال من الرفاهية، ومشتق اسمه من الطاعة الواجبة من الزوجة لزوجها، مشيرا إلى أن لكلا الزوجين حقوق وواجبات لا تغطى على الآخر في الوقت الذي شدد فيه على ان الحياة الزوجية تعني طاعة الزوجة لزوجها طاعة عمياء، كما ورد في النصوص القرآنية.
مطلب شرعي
الباحث الإسلامي د. عبدالله الجفن وصف اسم بيت الطاعة بالاسم المقدس؛ لارتباطه بطاعة الزوج المحفوفة بالرضى الكامل، ومطالبا بعدم النظر إليه بالنظرة المؤلمة الضيقة للزوجة، وعده مكانا ينقص من قيمتها.
وأضاف د. الجفن أن المقصود بعودة المرأة لبيت الطاعة، أن هناك حقوقا مازالت للزوج لا ينبغي للمرأة أن تخرج من بيتها قبل تنفيذها، ورجوعها لبيت الطاعة مطلب شرعي ينبغي عليها التزامه حتى لا تصبح زوجة ناشزاً، ولتصبح عودتها من باب الرحمة بها، مع الأخذ في الاعتبار أنها تؤجر على طاعة زوجها، ويكون ذلك أحد أسباب دخولها الجنة.
وأكد د. الجفن ضرورة ألا يكون «بيت الطاعة» فيه ضرر يلحق بالزوجة مهما كان نوع الضرر، كأن يكون الزوج مدمن مخدرات، أو سيئ الأخلاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.