الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    تعزيز الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد للمملكة.. "سالك".. 13 استثماراً إستراتيجياً في قارات العالم    موجز    تعزيز التجارة الخارجية    المملكة ترحب بإعلان أستراليا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    ولي العهد وملك الأردن يستعرضان سبل تعزيز العلاقات وتطورات الأوضاع في فلسطين    3 أبطال جدد وإنجازات تاريخية مع ختام الأسبوع الخامس من كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    اللجنة المنظمة لبطولة الماسترز للسنوكر تعقد المؤتمر الصحفي الموسع للحدث    استقبل إمام وخطيب المسجد النبوي.. رئيس الوزراء الماليزي: جهود السعودية كبيرة في رعاية الحرمين ونشر الوسطية    الفراغ والاستفادة منه    هي كذا حقيقتها    الأمير محمد بن سلمان يجدد إدانة المملكة للممارسات الوحشية بحق الفلسطينيين    ولي العهد يبحث مع زيلنسكي تطورات الأزمة الأوكرانية    جني الثمار    المملكة ترحب بإعلان أستراليا ونيوزيلندا الاعتراف بالدولة الفلسطينية    الحكومة اليمنية تمنع التعاملات والعقود التجارية والمالية بالعملة الأجنبية    تحديات وإصلاحات GPT-5    سيناريوهات مروعة في غزة    27.7 مليار ريال إيرادات شركة الكهرباء    7.2 مليارات ريال قيمة اكتتابات السعودية خلال 90 يوما    تمويل جديد لدعم موسم صرام التمور    نائب أمير الرياض يستقبل سفير إندونيسيا    «محمية عبدالعزيز بن محمد».. استعادة المراعي وتعزيز التنوع    "فهد بن جلوي"يترأس وفد المملكة في عمومية البارالمبي الآسيوي    "هلال جازان الأحمر" الأول بمؤشرات المستفيد    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    ثقب أسود هائل يدهش العلماء    مخلوق نادر يظهر مجددا    تخصيص خطبة الجمعة عن بر الوالدين    أخطاء تحول الشاي إلى سم    موقف استئناف الهلال بشأن عقوبات الانسحاب من كأس السوبر السعودي    نونيز ينسجم سريعًا مع «الزعيم»    اكتشافات أثرية جديدة القرينة    لجنة التحكيم بمسابقة الملك عبدالعزيز تستمع لتلاوات 18 متسابقًا    340 طالبا وطالبة مستفيدون من برنامج الحقيبة المدرسية بالمزاحمية    إنقاذ مقيمة عشرينية باستئصال ورم نادر من فكها بالخرج    فريق طبي سعودي يجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية    "المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور" منصة عالمية للشراكات الإستراتيجية    ملتقى أقرأ الإثرائي يستعرض أدوات الذكاء الاصطناعي وفن المناظرة    أخصائي نفسي: نكد الزوجة يدفع الزوج لزيادة ساعات العمل 15%    البركة الخيرية تواصل دعم الهجر وتوزع السلال الغذائية والأجهزة في هجرة الوسيع    بدء استقبال الترشيحات لجائزة مكة للتميز في دورتها السابعة عشرة    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة قاع الثور    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    رانيا منصور تصور مشاهدها في «وتر حساس 2»    سعود بن بندر يستقبل مدير فرع رئاسة الإفتاء في الشرقية    خلاف محتمل مع ترمب وسط تحركات لإنهاء الحرب.. زيلينسكي يتمسك بموقفه ويؤيد القادة الأوروبيين    النيابة العامة: رقابة وتفتيش على السجون ودور التوقيف    «منارة العلا» ترصد عجائب الفضاء    إطلاق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجاناً    منى العجمي.. ثاني امرأة في منصب المتحدث باسم التعليم    تشغيل مركز الأطراف الصناعية في سيؤون.. مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية في درعا والبقاع    عبر 4 فرق من المرحلتين المتوسطة والثانوية.. طلاب السعودية ينافسون 40 فريقاً بأولمبياد المواصفات    ضمادة ذكية تسرع التئام جروح مرضى السكري    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفكر والثروة... هل أجيال الخليج الأكثر تميزاً ؟
نشر في الرياض يوم 27 - 04 - 2010

المجتمعات الخليجية مرت بمرحلة مخاض رهيبة منذ حرب الخليج، حيث كانت تعيش حالة رخاء اقتصادي واستقرار سياسي فريد، وتحديدا في العقدين السابقين لحرب الخليج
ثمة حقائق ملموسة تتعلق بقضية التحولات والمتغيرات التي اخترقت نسيج المجتمعات العربية، وعكست بإفرازاتها تغيرا ملحوظا في النمط التفكيري والتوسع الإدراكي لدى بعض شعوبها، وبدا في الأفق ثمة تساؤلات عن حقيقة تطور ونمو بعض المجتمعات كالمجتمع الخليجي مقابل مجتمعات أخرى سبقتها احتكاكا بفعل معطيات تاريخية ، مما دفع البعض إلى طرح معادلات تتمثل في المقارنة ، وتميز مجتمعا عن سواه، فضلا عن الفوارق وما أدراك ما الفوارق.
فما كتبه احد المثقفين العرب عن تقدم المجتمع الخليجي وتأخر المجتمعات المشرقية والمغربية لم يرق للبعض، حين حدد، وبشكل موضوعي، الفوارق التنموية المتسعة بين المجتمعات العربية في الخليج والمشرق والمغرب، مشيرا إلى أن ما ميز النظام الخليجي هو أخذه الليبرالية الاقتصادية الغربية بالقدر الذي ينسجم مع تقاليده واعتقاده الديني، فوفر لمواطنيه حرية الاستثمار والربح وحرية السفر وانتقال رؤوس الأموال، في حين تسبب مبدأ الاقتصاد الستاليني الذي أخذت به معظم المجتمعات المشرقية والمغربية، في تبديد فرص الاستثمار المحلي وقتل المبادرة الفردية، وبالتالي ساهم هذا التخلف الاقتصادي في تدهور المستوى الاجتماعي والثقافي لهذه المجتمعات.
غير أن الأمر لم يتوقف عند الاقتصاد، بل تعداه إلى أمور لا تقل أهمية، إن لم تزد. ففي الخليج، اليوم، أجيال جديدة أكثر وعيا وفهما وتعقيدا من الأجيال المغربية والمشرقية. أجيال أكثر اتصالا بالعالم ومعرفة ما به احتكاكا وتعاملا مع آخر ثوراته التقنية، ولا سيما في ميدان المعلوماتية الالكترونية. ورؤية الكاتب هذه صحيحة إلى حد كبير، فكلما كان هناك استثمار في هيكل التنمية الأساسية، من طرق وخدمات ومشاريع، كان أيضا هناك استثمار في الإنسان الخليجي.
إنما المؤلم حقيقة انه إذا تم الاعتراف بذلك، فانه ينسب إلى النفط في تطورنا، ولكن ليس بالنفط وحده يحيا الإنسان، وإنما بكيفية استغلال موارده.
على أن هذا لا يعني أن الإنسان الخليجي لم يعد في حاجة إلى تطوير ذاته بقدر ما انه بدأ فعلا في قطع أشواط في مشواره. وفي هذا السياق، يتبادر إلى الذهن، قضية المراكز والأطراف في عالمنا العربي، فمصر والهلال الخصيب، كما كان يطلق عليهما لا شك، أنهما كانا مركز المشرق العربي في صنع تاريخنا وثقافتنا، ، لكن الإشكالية تكمن في استمرار هذا الاعتقاد لدى البعض بهذه المركزية وهذه الهيمنة. هذا لا يعني أن واقع الحال قد تغير، وإن كان في هذا بعض الصحة، وإنما المعيار هو الذي قد تغير.
فمفهوم المراكز والأطراف،وفق رؤية بعض المفكرين ، قد يكون صحيحا في ظرف تاريخي معين، فمثلا أثينا بقيت لفترة المركز الوحيد للثقافة الغربية القديمة، ثم تلاشت، كذلك انجلترا حيث كانت مركز الثقافة الانجلوسكسونية، فيما كانت الولايات المتحدة الأمريكية مجرد طرف تابع لها، وينسحب الأمر كذلك على اليابان آنذاك في كونها مجرد طرف للمركز الصيني.
على أن المجتمعات الخليجية مرت بمرحلة مخاض رهيبة منذ حرب الخليج، حيث كانت تعيش حالة رخاء اقتصادي واستقرار سياسي فريد، وتحديدا في العقدين السابقين لحرب الخليج، ومع تلك (البحبوحة) الاقتصادية، كان ثمة ضمور في الوعي الثقافي، وبُعد مبرر عن قضايا السياسة ومفاهيمها ، كون الأغلبية توجهت إلى الاقتصاد والاستثمار وعالم المال، غير عابئة بما يحدث في أصقاع العالم من تحولات، مما أدى بالفعل إلى زيادة المدخولات المالية، ولكنه أدى بلا شك إلى انتكاسة وسقوط للمستوى الثقافي الذي اقتصر على الأنشطة الأدبية التقليدية، من دون محاولة كسر الحواجز ومحاولة بناء الإنسان ثقافيا وفكريا. كان الهوس المادي مسيطرا على الجميع، وأصبح من العسير أن تجد اهتماما بالشأن الداخلي وقضاياه الجوهرية ، فالمناخ العام يبدو انه رسخ هذا التوجه ودعمه.
وجاءت حرب الخليج، فكانت كالصاعقة التي أيقظت شعوب تلك الدول من سباتهم العميق، وتمخض عنها انفتاح إعلامي وثقافي، واهتمام بالقضايا السياسية ومتابعة الأحداث. ولعل تلك الهزة الايجابية وما صاحبها من اهتزاز اقتصادي أدى الى الترشيد (شد الأحزمة)، كانت بلا شك معادلة منتجة ومطلوبة لتحقيق مسألة التوازن ما بين العقل (الفكر) والسلوك (استخدام الثروة) لتلك الشعوب.
ويبدو أنه بعد عشرين عاما من الهزة الثقافية التي مزقت الوهم وحالة الشوفينية التي عاشتها بعض فئات تلك المجتمعات، استقر المجتمع الخليجي على أرضية من التوازن، وإن كان ما يزال يحتاج إلى كثير من التطوير في جانبيْه الفكري ، والسياسي والاجتماعي، فالمواطن الخليجي طور نفسه ذاتيا في ظل غياب أو ضعف مؤسسات المجتمع المدني ، فضلا عن أن العولمة وأدواتها الثقافية والمعلوماتية جاءت لتساهم في رفع المستوى الثقافي والفكري لشعوب تلك المنطقة.
وكان من الطبيعي أن نقرأ عن أسماء لخليجيين وخليجيات، حصلوا على جوائز عالمية في مجالات علمية من مراكز مرموقة، فالجهود الذاتية لهؤلاء النابغين على سبيل المثال ، أعطت لدولهم حضورا عالميا، وساهمت في التقليل من النظرة النمطية .
على أي حال، تبقى قضية المركز والأطراف مستمرة وذات جدل مستمر، وقد يكون ذا مصداقية موضوعية في ظرف تاريخي معين، إلا أن معيار هذا المفهوم قد تغير لا سيما في عصرنا الراهن استنادا إلى حقيقة تغير الأشياء وعدم ثباتها.
فقد أصبحت صناعة المعلومة وتشكيلها ضمن منظومة الثقافة الإنسانية هما المعيار الجديد لمعرفة تميز وتفوق شعب عن سواه، أما الإصرار على مركزية منطقة معينة وثباتها، فما هو إلا تعبير عن نزعة تعصبية غير مبررة.وكشف لمأساة المثقف العربي الذي يكتوي بنار الصراع الداخلي، حيث تضخم الأنا وواقع الانحدار المرير، ويا له من تناقض، وما أصعبها من معاناة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.