** قلتُ يوم أمس..إننا نتجه بقوة نحو اقتصاد المعرفة..وذلك شيء جميل.. ** لكنني نبهت إلى ضرورة النظر إلى المجتمع ككل، والتأكد من مدى جاهزيته للاستفادة من مخرجات هذه النقلة.. ** وأبديت مخاوفي من أن يصبح لدينا مجتمعان..مجتمع معرفة راقٍ..ومرفه..وطموح..ويمثل الأقلية الدنيا وفي حدود نسبة (30%) من الشباب أو السكان..ومجتمع أغلبية مهموم ومأزوم ويعاني من مشاكل الوظيفة..وصعوبة الحصول على الزوجة ومعجزة توفر السكن ومسؤولية الإنجاب وتربية الأولاد وحمايتهم من مختلف الشرور والأخطار المحدقة بهم..كناتج اجتماعي يعاني من الفاقة..وكفاف الحال.. ** وقد نبهت إلى خطورة عدم التنبه لبروز هذه الفجوة الاجتماعية السحيقة، واقترحت أن تكون لدينا خطط اجتماعية واقتصادية وتعليمية ورعائية مواكبة لخطط وتوجهات الاستثمار في الإنسان وصولاً إلى اقتصاد المعرفة المنشود حتى نتفادى آثار تلك الفجوة في المستقبل.. ** فنحن وحتى الآن لم نتمكن من حل مشكلة البطالة أو العمل على تقليصها نتيجة عدم توفر الإستراتيجية المتعددة الوجوه والتي تعالج المشكلة من جميع جوانبها..ولا تنظر إليها فقط من جانب مسؤولية الدولة وإعفاء المجتمع من تحمل تبعاتها.. ** ونحن وحتى الآن لم نتمكن من معالجة مشكلة تفاقم العزوبية بين الشباب المؤهل للزواج..لعدم كفاية دخل حتى من يعملون منهم على تأمين تكاليفه في ضوء المبالغة في المهور وفي الإنفاق على المظاهر والعادات الاجتماعية المصاحبة للزواج.. ** ونحن وحتى الآن لم نستطع حل مشكلة توفير سكن لائق لأكثر من (60%) من السكان معظمهم من الشباب الذي لا يعرف كيف يؤمن مصاريف يومه..فكيف به وهو مطالب بسداد إيجار الشقة في نهاية العام.. ** ونحن وحتى الآن لم نوفر الشراكة الحقيقية بين الدولة وبين القطاع الخاص لمعالجة مشاكل (80%) من السكان ممن تتراوح أعمارهم بين (20- 30) سنة..سواء في توفير فرص العمل..أو في التدريب والتأهيل أو في إحداث قنوات متعددة لمصادر الدخل..أو في حمايتهم من الانحرافات التي تهددهم كناتج طبيعي لمعاناتهم المتزايدة تلك.. ** ونحن باختصار..نفكر بأكثر من أسلوب..ونعمل بأكثر من طريقة..ونجتهد بصورة تفتقر إلى التخطيط الشامل وإلى توفير الحلول الجذرية..لمشاكل قد تكبر مع الأيام.. ** ليس هذا فحسب، بل إن الكثير من الأنظمة يقف عائقاً حتى أمام توفير حلول منطقية لمشاكل لا حل لها إلا بتغيير تلك الأنظمة ومساهمتها في تهيئة تلك الحلول وليس في تعقيد المشكلة..ومن تلك الأنظمة منع زواج الشباب من الخارج..وصعوبة إجراءات الإقراض وتصاعد نسب الأرباح عليها..وتعيين المدرسات في مناطق نائية وبعيدة وبصورة غير متوازنة..وإلا..فكيف يمكن لشاب لا يكفيه دخله الشهري أن يتزوج من البلد..وكيف يمكن له أن يحصل على قرض كافٍ للزواج..أو للسكنى..أو لتحسين أوضاعه الحياتية..ونحن نمنع كل هذا لأسباب قد تكون منطقية ولكنها لابد وأن تكون واقعية أيضاً.. ** إن هذه النسبة العالية من الشباب الذي يعاني..سيشكلون في المستقبل عائقاً أمام تحقيق مردودات عالية من توجهاتنا المستقبلية الطموحة.. ** وأخشى ما أخشاه أن نجد أنفسنا- في وقت متأخر- نواجه مشاكل أكثر تعقيداً..بعضها أمني..وبعضها الآخر سياسي..والبعض الثالث اجتماعي وأخلاقي..لمجرد أننا ظللنا نفكر في حلول جزئية وليس في معالجات كلية للمشاكل.. *** ضمير مستتر: **(مهما كانت الحلول قاسية..في وقتها المناسب..إلا أنها ستكون أقل وطأة من تأخر تطبيقها).