اسمحوا لي أن أقدم اقتراحاً. هذا الاقتراح بسيط وجزء من سياسة الدولة وليس بعيدا عن الواقع ولن ينفذ. هو ليس اقتراحا بالمعنى الصحيح هو اقرب إلى الهواجس وأقرب أكثر إلى براءة الذمة. لكي أعطي اقتراحي الصبغة الجدية علي أن أبدأه بعرض أمثلة من بريطانيا ومن كندا واستراليا وما نسميه العالم المتحضر. كل من ينتقد خدمة أو يقدم فكرة جديدة يلجأ إلى أمثلة ونماذج من البلاد الغربية. عادة درجنا عليها. المشكلة إذا لم يوجد مثيل لها في العالم الغربي. أفضل طريقة أن تتقوّل على الغرب. لن يجادلك أحد ولن تصادف من يحاول إثبات أن كلامك مختلق. نحن نفكر بصورة نمطية. ولأننا نقف خلف الغرب بمسافة كبيرة فإن الأفق الذي نراه هو الغرب. لا يستطيع خيالنا( إذا وجد أصلا) أن يتجاوز هذا الأفق. أمخاخنا مدربة ومبرمجة على النظر إلى الوراء أو إلى الغرب. أوقعنا أنفسنا بين حانا ومانا. إما الغرب أو الماضي. . نحن لا قيمة لنا وليس لنا عقول، نحتاج إلى وصاية من الماضي أو من الغرب. خذ الطب. إذا أردنا أن نتجاوز الطب الحديث وهو غربي التفتنا إلى الطب البديل وهذا ليس سوى بحث عبثي في كتب الماضي وخرافاته. فائدته الوحيدة أنه يؤكد أزمة العقل التي نعانيها. ما الذي كان علينا أن نفعل لو لم يوجد الغرب كما نراه اليوم؟ لا تتعب نفسك للبحث عن إجابة. اقرأ في التاريخ الأمراض والخرافات والجهالات التي فتكت بالناس. قبل أن أبدأ سرد اقتراحي أقرأ هذه العبارة. العلاج في المملكة العربية السعودية مجاني. هل هذه العبارة صحيحة؟ لا يمكن لأحد أن يجيب عن هذا السؤال. الإجابة عليه صعبة جدا. كأنك تسأل سؤالا فلسفيا. ما هي السعادة؟ خذ التعليم أيضا. هل التعليم في المملكة العربية السعودية مجاني؟ سؤال فلسفي آخر. اقتراحي الربط بين التعليم والصحة. على الأقل في المرحلة الابتدائية. أن يكون التعليم الابتدائي مجانا. لا يحق لأي مؤسسة تجارية أن تتعاطى فيه. تتحمل الدولة كامل ميزانية التعليم الابتدائي، على أن تضمن ميزانية الدولة وجبة الفطور لكل أطفال المملكة مع تأمين طبي شامل. تؤسس وزارة للطفولة. الفلوس موجودة. إذا أخذ برأيي هذا فالدولة لن تخسر ريالا واحدا بل سوف توفر مليارات. نلغي عددا من المؤسسات الحكومية التي لا فائدة منها مثل وزارة الخدمة المدنية والهيئة ومؤسسة التعليم الفني وهيئة الاتصالات أو وزارة الاتصالات(نختار أقربهما إلى الفشل) . نأخذ ميزانية هذه المؤسسات ونستخدمها في الوزارة الجديدة. يسعدني أن يكون اقتراحي هذا لا مثيل له في الغرب. اقتراحي أن نفكر أننا مختلفون عن الغرب. ليس لأننا مسلمون وهم كفرة. فكر في الاحتياجات المختلفة جوهريا. احتياجات طالب ابتدائي في المملكة غير احتياجات طالب ابتدائي في السويد. إذا كان الطالبان السعودي والسويدي يشتركان في الحساب والعلوم فهما يفترقان في الاحتياجات الحضارية. الطفل السويدي يتعلم كيف يفرشي أسنانه في البيت ، الأم السويدية تعرف كيف تغذي طفلها والشارع السويدي يعلمه النظام، أما فلذات أكبادنا فحرامك والجبل. إذا كان اقتراحي هذا سيئا فعذري أن الاقتراحات الجيدة لم يلتفت لها احد. سعيد أخو مبارك.