(قبل).. 3 سنوات كنت في الطائرة أنا وزميلي المستشار الفرنسي في رحلة عمل بالطائرة إلى القطاع الشرقي من المملكة وكما هو معلوم فالرحلة قصيرة، قضيناها ما بين الأرقام والتقارير تمهيداً للزيارة الميدانية.. انقضت الجولة ودلفنا عائدين إلى الرياض في اليوم نفسه.. ومع صمت العودة استل صاحبي مجلة من حقيبته وكانت باللغة الفرنسية، وقبل أن يبدأ تصفحها سألني هل تعلم ما هذه المجلة؟ وبالطبع كانت إجابتي بالنفي لأن أول وآخر علمي باللغة الفرنسية كان الشهر الذي قضيته في مركز تعليم اللغة الفرنسية التابع للسفارة الفرنسية خلف فندق حياة ريجنسي سابقاً بشارع المطار ولم يبقَ من هذا الشهر إلا جملة واحدة أرددها دائما وتعني (هل تتحدث الفرنسية؟) ثم اتبعها فوراً بتوضيح (سريع) بأنني لا أفهم إجابة المتحدث معي! أعود.. إلى زميلي الفرنسي الذي بدأ يشرح لي معرفاً بمجلته الفرنسية وممهداً بأن الشعب الفرنسي مهووس بالتقييم والإحصاءات وأن هذه المجلة واحدة من عشرات المجلات المتخصصة في الإحصاءات التقييمية.. واستطرد زميلي دون توقف شارحا أن هذه المجلات تنشر إحصاءات دورية عن قائمة أفضل المستشفيات مثلا وأفضل مراكز التجميل وأفضل المطاعم والمدارس.. و استطرادا في الإيضاح أكد لي أن هذه المجلات تحدث تقييمها وإحصاءاتها دوريا؛ فالأول في هذا الشهر قد يكون الثاني أو الثالث أو قد يكون خارج المنافسة في الشهر الثاني أو العكس وهلم جرا.. عاد.. زميلي إلى مجلته وحلقت بي مخيلتي وأنا أنتقي مجلتي المفضلة والمتخصصة في تقييم الخدمات والمنتجات السعودية.. "أوف" ألبان الصافي انتزعت المركز الأول من المراعي لهذا الشهر.. المستشفى الجامعي لجامعة الملك فيصل تقدم في الترتيب إلى المركز الرابع متخطيا المستشفى الجامعي لجامعة الملك سعود.. منفذ سلوى يحافظ على القمة للشهر الثالث على التوالي كأكفأ منفذ جمركي.. مرور منطقة عسير يدخل قائمة العشرة الأوائل بعد أن قلل نسبة الوفيات نتيجة الحوادث المرورية بنسبة كبيرة.. المدينة الصناعية بالقصيم تحقق المركز الأول كأفضل مدينة صناعية محافظة على البيئة.. مهرجان صيف نجران السياحي يحقق أعلى نسبة في زيادة الزوار عن العام الماضي.. نادي تبوك الأدبي يكسر حاجز منافسة الخمسة الكبار ويحقق المركز الأول في الكتاب المترجم لهذا الشهر.. (تنحنح).. كبير مضيفي الطائرة معلنا عبر ميكرفون الطائرة الداخلي عن قرب هبوط الطائرة في مطار الملك خالد وطالبا من الركاب العودة لمقاعدهم ووضع المقاعد بشكل رأسي وربط الأحزمة.. (تنبهت).. من غفوتي التخيلية.. عدلت مقعدي.. تأكدت من ربط الحزام.. وكنت بدأت رحلتي بدعاء الركوب "سبحان الذي سخر لنا هذا.. وختمت رحلتي بدعاء "أن يبلانا الله بما بلاهم".. اللهم آمين *مصرفي سعودي