قبل بضعة أيام من التصويت على قانون حاسم بشأن الاستفتاء على استقلال جنوب السودان المقرر في 2011 يبدي العديد من السودانيين الجنوبيين حماستهم لفكرة انفصال منطقتهم حتى لو كان هذا الاحتمال يقلق بعضهم. ويقيم 520 ألف سوداني جنوبي في شمال البلاد بحسب الاحصاء الذي نشر في مايو، لكن العدد الفعلي اكبر بكثير بحسب الجنوبيين. فقد هرب كثيرون منهم من الجنوب اثناء الحرب التي اندلعت في 1983 عندما انتفض اهالي الجنوب وغالبيتهم من المسيحيين والارواحيين مطالبين الحكم بتنمية وطنية اكثر انصافا. وهذا الاسبوع، كاد حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان (حركة تمرد جنوبي سابقا) يدخلان في ازمة سياسية جديدة بعد تعديل نص قانون بشأن تصويت السودانيين الجنوبيين المقيمين في الشمال ما اثار غضب الجنوبيين. الا ان اعداء الامس الذين وقعوا اتفاق سلام في 2005، توصلوا الى اتفاق وسيجري التصويت مجددا على القانون الاثنين في البرلمان. لكن الارتياب ما زال سيد الموقف مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في أبريل والاستفتاء في الجنوب السوداني، المنطقة النفطية الشاسعة ولكن المتخلفة والتي تتجاوز بصعوبة اكثر من عشرين سنة من الحرب ضد الشمال. ويعرب صابر عزريا (21 عاما) عن ارتباكه. فهذا الطالب في الهندسة الذي ينتمي والده الى الشمال ووالدته الى الجنوب يؤكد انه قد يقرر عدم الانتماء الا الى طرف واحد في حال تقسيم البلاد. واستطرد "يبدو الامر كانك تضع رجلا هنا ورجلا هناك". من جهتها، اكدت كواشي جيمس اموم بوضوح تأييدها للانفصال. وقالت هذه الشابة وهي تستعد لحضور قداس في كاتدرائية القديس متى الكاثوليكية في الخرطوم "في جوبا (عاصمة جنوب السودان) اشعر بانني في دياري، هنا اشعر بانني في بلد اجنبي. فنحن لدينا ثقافة ولغة ودين مختلف". وقال انتوني غوني (45 عاما) انه ضاق ذرعا باعتباره مواطنا من الدرجة الثانية. واكد هذا التقني "ساقول نعم للاستقلال لانه لا عدالة في السودان. لقد امضيت اكثر من عشرين عاما في الخرطوم لكننا نحن السودانيين الجنوبيين لا نعتبر سودانيين حقيقيين". واستطرد غاتويش مويث بول (27 عاما) "احمل دبلوما ولكن عندما ابحث عن عمل فان اول سؤال يطرح علي يتعلق بديني وفيما إن كنت مسيحياً ام مسلماً؟.فكيف لا اغضب؟". ويقول مسيحيون كثيرون انهم يقعون ضحية التمييز في هذا البلد ذي الغالبية المسلمة وحيث تطبق الشريعة في الشمال. كذلك، يطرح تقاسم الثروات مشكلة. فوفق الزعيم الجنوبي سلفا كير فان جنوب السودان يتلقى اقل من 25% من عائدات النفط المستخرج من اراضيه، مقابل 50% يحددها اتفاق السلام. وقال انجيلو ابراهام ماكوي "اعتقد ان عيشنا منفصلين وفي سلام افضل من العيش معا ونحن غارقون في المشاكل" ملمحا الى التوترات السياسية المستمرة. نجيلو ابراهام ماكوي (أ.ف.ب) واكد هذا المدرس انه مستعد للذهاب للعيش في الجنوب السوداني متى اعلن استقلاله "مع ان حياتي هنا" في الشمال. واضاف "يجب القيام بتضحيات"، مؤكدا انه لا تساوره اي شكوك في ان جنوب السودان سيصبح دولة قابلة للاستمرار. وفي كنيسة انجيلية في العاصمة اعتبرت ليزا بيتر (21 عاما) ان الفكرة جذابة لكنها تداركت ان القفز في المجهول امر "مخيف". وفضلت ليزا ان يبقى "السودان موحدا" على غرار الطالبة غريس جيمس (16 عاما) التي تؤكد انها تشعر "بارتياح كبير في الشمال". وترى "مجموعة الازمات الدولية" ان تأييد الجنوبيين للاستقلال في 2011 هو امر "شبه مؤكد".