مر أكثر من شهر على كارثة السيول في مدينة جدة وحصدت تلك السيول في غضون عدة ساعات 121 شخصاً لقوا حتفهم غرقاً ولا يزال 39 شخصاً في عداد المفقودين .. هذا الحدث المحلي وهو آخر ماتم تسجيله في تقويم العام الهجري المنصرم (1430) الذي مر علينا بزيادة أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، من ثم وقوع هزات أرضية في محافظة العيص، وما رافقها من انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير، وبعدها دخلنا في حدث وطني أهم وهو تصدي قوات الدفاع في بلادنا إلى تكثيف العمليات العسكرية لدحر المتسللين ومنعهم من الدخول إلى المناطق الحدودية الجنوبية.. وبالرغم من تسلسل هذه الأحداث على المستوى المحلي وما صاحبها من تغطيات إعلامية مكثفة إلا أن كارثة جدة كانت الحدث الأبرز الذي حرك معه ملفات ساكنة وأخرى ساخنة أهمها مكافحة الفساد المالي والإداري في مختلف المشاريع التنموية في الدولة وخاصة ما لها علاقة مباشرة بمصالح المواطنين. وبالرغم مما صاحب تلك الفاجعة من مآس في نفوسنا كمواطنين إلا أن هذه الكارثة كانت بمثابة إعادة النظر في صياغة العقاب ورفض الفساد بكل صوره وأشكاله ومحاسبة كل من امتدت يداه وتلاعبتا بمصالح المواطنين، كما كانت هذه الفاجعة بمثابة المحك الحقيقي لاستعداداتنا في تطبيق خطط التعامل مع الكوارث الناشئة سواء كانت بيئية أو مناخية أو حتى صحية حيث أثبتت التجربة أن القطاعات التي لها علاقة بعمليات الإنقاذ لاتزال تتعامل مع الكوارث ببطء وتشتت في المعالجة ، وأخرى كانت بحاجة إلى زيادة تفعيل أنشطتها بشكل يتناسب مع نوع الكارثة وحجمها بحيث يجب أن يعاد ترتيب وتحديث وتطوير سرعة التعامل مع الكوارث بطرق احترافية وأن يتم الربط والتنسيق بين الجهات وفق تخطيط استراتيجي مستقبلي للكوارث أينما كانت ، وتطبيق أفضل وأسرع الطرق في للتعامل معها أثناء حدوثها وبعد انتهائها وتعزيز روافد الإنقاذ والتطوع لدى المواطنين الذين هبوا مسرعين للمساعدة في عمليات الإنقاذ والبحث من خلال إنشاء لجان دائمة ومعتمدة وتكون تحت مظلة الدفاع المدني مثلاً وتوسيع نطاق المنضمين لها عاما بعد آخر ، والاستفادة منهم في مثل تلك الأزمات .. حفظ الله بلادنا من كل مكروه وكل عام وأنتم بخير..