مطالب الأهلي المالية للموافقة على رحيل محترف الفريق    حملات ميدانية تضبط 18,877 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    تشكيل الاتحاد المتوقع أمام الشباب في دوري روشن    تشكيل النصر المتوقع أمام الأخدود في دوري روشن    الجبيل تستعرض مقوماتها في مسار الاعتماد العالمي كمدينة صحية    وزير الدفاع: المملكة تعاملت مع القضية الجنوبية باعتبارها قضية سياسية عادلة ضمن جهودها لدعم الحل الشامل في اليمن    الكابتن ناصر عسلوف يكرّم الإعلامي محمد الحسين ومدير ومدرب منتخب الدرب    قيادة القوات المشتركة للتحالف (تحالف دعم الشرعية في اليمن): التحركات العسكرية المخالفة لجهود خفض التصعيد سيتم التعامل معها بهدف حماية المدنيين    «مهرجان جازان 2026» يجعل الفرح جسراً بين الأجيال    منطقة "هذه جازان" تحيي فعاليات مهرجان جازان 2026 وتستقطب الزوار    انخفاض أسعار النفط عند التسوية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    ألمانيا تعتذر عن تحليل الصندوق الأسود الخاص بطائرة رئيس الأركان الليبي    يايسله: خسارة مواجهة الفتح «قاسية»    النفط يهبط 2% وسط توقعات بتخمة في المعروض    مدرب منتخب مصر: نخوض كل مباراة في أمم أفريقيا باعتبارها "نهائي كأس"    مدير هيئة الأمر بالمعروف بجازان يزور التدريب التقني ويبحث تعزيز البرامج التوعوية المشتركة    رئيس مجلس القيادة اليمني يطلب مساندة التحالف لفرض التهدئة في حضرموت    ضبط (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (234) كجم "قات"    هافيرتس قد يعود لتشكيلة أرسنال أمام برايتون    مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور يقيم 6 أشواط للمحترفين في يومه الثاني    كاميرات محمية تايلاندية ترصد للمرة الأولى منذ (3) عقود قطًا مسطح الرأس    عمداء تقنية المعلومات ومدراء الميزانية وكفاءة الإنفاق بالجامعات السعودية يزورون الواجهة الثقافية في جامعة أم القرى    الفتح يكسب الأهلي بثنائية في دوري روشن للمحترفين    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    السديس: حقوق العباد من أخطر أبواب الظلم ومواقع التواصل بيئة خصبة للبهتان    القاسم: استباق الخيرات دليل علو الهمة وكثرة الجدل تصرف عن الطاعة    سعيد بن قزعة أبو جمال في ذمة الله        هيئة محمية الملك سلمان الملكية تدشّن مبادرة الإصحاح البيئي في "وادي نايلات" بحائل .    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    رياح نشطة و سحب ممطرة على عدة أجزاء من مناطق المملكة    برعاية أمير منطقة جازان.. مهرجان جازان 2026 يستهل مشواره بانطلاقة كرنفالية كبرى    المطر والحنين    آل الشيخ: جائزة طارق القصبي نموذج وطني لدعم البحث والابتكار في الهندسة المدنية    رئاسة الشؤون الدينية تدعو قاصدي الحرمين إلى الالتزام بآداب وفضائل يوم الجمعة    واشنطن مُهددة في سباق الذكاء الاصطناعي    من البحث إلى التسويق الجامعات في فخ التصنيفات العالمي    جمعية التنمية الأهلية بأبها تحتفي باليوم العالمي للتطوع واختتام مشاريع 2025 ضمن "رواية عقد"    «أرفى» تكرّم الجهات الداعمة لمسيرة العطاء مع مرضى التصلب المتعدد    ‏نائب أمير منطقة جازان يستقبل نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين    د. مريم الدغيم تحصل على براءة الاختراع الأمريكية    إنفاذ يشرف على 75 مزادا عقاريا لتصفية وبيع أكثر من 900 أصل في مطلع 2026    نائب أمير منطقة جازان يلتقي أيتام "إخاء"    السعودية: تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة تمت دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف    تطبيق علاج وقائي للحد من تطور السكري    لوحات مجدي حمزة.. تجارب من واقع الحياة    نقاشات أمنية وسياسية تسبق لقاء نتنياهو وترامب.. حدود جديدة لإسرائيل مع غزة    الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة إستراتيجية جديدة.. الداخلية السورية تتهم «قسد» بالتجنيد الإجباري في حلب    صندوق الطائرة الأسود قرب أنقرة.. تركيا تعلن العثور على جثة رئيس الأركان الليبي    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير المملكة بنيبال    40 ألف متدرب مخرجات الأكاديمية الصحية    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    هندية تصلح عطلاً برمجياً في حفل زفافها    الإطاحة بطبيبة المشاهير المزيفة    النيكوتين باوتشز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصة القصيرة:عمى البدايات وأزمة النهايات 1/2
نشر في الرياض يوم 19 - 02 - 2009

تقوم هذه القراءة على افتراض وقوع فن القصة القصيرة في منطقة عمى يتصل بالجنس الأدبي إذ تراوح بين عدد من الأجناس الأدبية الأخرى، فإذا كان دارسو القصة القصيرة قد صنفوا المنجز القصصي إلى اتجاهات شتى، ووصفوها بأوصاف تراوح بين القوة والضعف والجمال والقبح، فقد كان تناول القصة القصيرة بوصفها فناً أدبياً يعتريه إشكالات تتصل بالجنس الأدبي، لذلك سنتناول هذه الإشكالات عبر محورين اثنين: الأول منها طريقة تشكل هذا الفن في ثقافتنا ومن ثم كيفية استقباله وتلقيه، أما الثاني فيتناول مدى قابلية هذا الفن للتنامي في عصر ازدهرت فيه الأجناس السردية كالرواية والسيرة الذاتية وخبت فيه القصة القصيرة في ظاهرة لا تعد متصلة بالكتابة المحلية فحسب بل تتصل بالكتابة العربية والعالمية.
وتجدر الإشارة إلى الدراسة المسحية الأكثر شمولية حول فن القصة القصيرة التي نشرت في The Kenyon Review, vols.30 - ,32 1968 - 1970 التي أكدت أن القصة القصيرة أصبحت فناً هامشياً في معظم الثقافات الغربية، إلا أنها في الدول النامية وشبه النامية مثل الهند وجنوب إفريقيا لازال لها حضورها وشعبيتها ولازالت قابلة للجدل حولها.
ويفتح هذا التقرير الذي نشر قبل ما يزيد على ثلاثة عقود الباب جلياً أمام التحولات الثقافية والاجتماعية الكبيرة التي حظيت بها هذه الدول النامية ومن ثم فقد أصبحت قابليتها لإنتاج نصوص قصصية في اللحظة الراهنة موازية لقابلية المجتمعات المتمدنة في تلك الفترة، أي أنها تنحو منحى المجتمعات المتطورة في محاكاتها لتصل إلى الأنموذج المنشود، ولذلك كان تلاشي فن القصة القصيرة هنا أحد أنماط التطور المبتغاة لدى مجتمعات تنشد الكمال في الأنموذج الغربي.
وتجدر الإشارة إلى أن نقاد ودارسي القصة القصيرة استوحوا إشكال القصة القصيرة فهذا معجب الزهراني في مقدمته لموسوعة الأدب السعودي مجلد القصة القصيرة يقر بأن كتاب المراحل الأولى لم يكونوا يمتلكون الوعي بالفروق بين القصة القصيرة وغيرها من الأشكال القرابية كالأقصوصة والمقالة القصصية والخواطر القصصية، ويرى أن بعض كتاب مرحلة التحديث يعرفون مقومات القصة القصيرة كوحدة الحدث ووحدة الحافز وتماسك منطق الحبكة ومحدودية عدد الشخوص لكنهم يلجأون إلى التجريب الكتابي.
ومن الجدير أن نشير إلى كون الكتابة عن تشكلات الأجناس الأدبية مظاهر عدة من العوائق والميل إلى رسم الحدود بين الأجناس إلا أن الارتهان إلى ثقافة بدأت ترسم معالم جديدة لمفهوم النص وتشكلاته بعيدا عن توافق الأجناسية قد بدأ يظهر في ثقافات شتى، كان ذلك سعياً وراء البحث عن حرية الإبداع دون صنع حدود له، لأن ذلك يتنافى مع أبسط القواعد للكتابة الإبداعية ذاتها، لذلك كان السعي إلى قراءة هذا الفن بداياته وتحولاته في إطارها المحلي معتمدة على تأويل لمنطقة (العمى) في هذا الفن بوصفه موضوعاً لها، وحتى تتجلى هذه المنطقة فنحن أمام نوعين من العمى في القصة القصيرة: عمى داخلي يتمثل في ذلك النوع من القصص الذي يكتب غير مستند إلى أبسط قواعده، وغير معتمد على التجريب الواعي الذي يعتمد على كثافة التجربة وسعة الثقافة، وعمى خارجي يتمثل في تلك المنطقة (الضبابية) التي توشك أن تفضي بهذه الكتابة إلى جنس أدبي آخر، ولكنها لا تنجح في ذلك.
بدأت بواكير القص الحديث في مشهدنا الثقافي منذ سبعين عاماً (وأعني بالقص الحديث الفنون القصصية الحديثة التي أنجزت عربياً بأسبقية للرواية ثم القصة القصيرة)، وهي فترة تكفي للإسهام في الدلالة على أمرين مهمين: أولهما نفي حداثة التجربة وعدم اكتمال النضج، إذ مثلت أحدث التجارب الإبداعية في العالم العربي، ما أدى إلى تميز هذا الفن الأدبي بكثافة الإنتاج واختلاف المشارب.
وثاني هذين الأمرين هو تمايز الإبداع لدينا، إذ يتميز الشعر عن القصة بتحقيقه الجانب التأصيلي والتجذيري المحايث في ثقافتنا، في حين غاب هذا الجانب التأصيلي المحايث في القصة ومن ثم غياب الأنموذج الذي سنبني عليه فلسفة الإبداع المنصبة على المشاكلة والاختلاف، وإن حضر هذا التأصيل فسيكون حضوراً مبهماً غير فاعل لا يجدي في إثراء القص.
إن هذين الأمرين قد أوجدا إشكالين اثنين في المنجز الإبداعي للقصة القصيرة وهما: الموقع المتلاشي وغير المحدد للقصة القصيرة بين الأجناس الأدبية ولاسيما الشعر والرواية، والموقع غير المتميز لدى المتلقي الذي يمكن وصفه أحياناً بكونه لازال خاضعاً لأنظمة تلقي الشعر وأعراف الوعي الشفاهي.
وبين ظاهرة التلاشي وعدم التحديد في فن القصة القصيرة ذاتها وانعدام التلقي الفاعل لها سنتعرف فيما يلي على الإشكال الأول المتمثل في موقع القصة القصيرة الذي لم يحقق أنموذج العراقة والأصالة كالشعر؛ ولم ينجح في تحقيق أنموذج الحداثة والمدنية كالرواية التي يمكن أن توصف بكونها الجنس الأسرع انتشاراً وسرياناً في الساحة الأدبية، ولذلك بدا فن القصة القصيرة في منزلة بين المنزلتين، فتجلى متصلاً بالرواية في ظروف ولادته على الأقل في عالمنا العربي، وفي تقنياته التي كثيراً ما تعقد لها المقارنات مع الرواية، فحين نشير إلى ظروف ولادتها، نلمح لها ارتباطاً غير محدود مع الرواية والموسوعات وفي كتب التاريخ الأدبي، التي تشير إلى استهلال الكتابة الإبداعية للقصة والرواية.
ولذلك كان تناول المحاور الثلاثة التالية: إطار التعريف، وإطار البدايات المضطربة، وإطار التحولات، ولعل هذه المحاور تسهم في الكشف عن كنه ذلك العمى، وتزيح الستار عن تأصله في هذا الفن، وسنتناول هنا المحور الأول، وسنؤجل تناول المحورين الثاني والثالث إلى الحلقة القادمة:
1) إطار التعريف
سنلحظ هذا النص في إحدى الموسوعات العربية وقد ربط تجربة القصة القصيرة بالرواية في العصر الحديث، على الرغم من التفاوت الكبير بينهما في البنية الفنية أو الحجم «أما القصة القصيرة بمفهومها الحديث فقد تأخرت بضع سنوات في نضجها الفني عن الرواية. فجذورها ترجع إلى الرُّبع الأول من القرن العشرين، وكان من روادها محمود تيمور ويحيى حقي. ثم دخل عدد من الكتاب عالم القصة القصيرة، وحظيت بجمهور لا يقل عن جمهور الرواية، كما ناقشت كثيراً من القضايا الاجتماعية والسياسية والفكرية، مستفيدة من قصرها وسرعة إيقاعها وعجلة الجمهور. فأضحت القصة أكثر جرأة وأشد تأثيرًا في حياة الناس ومجتمعاتهم من الرواية ذات النفس الطويل الهادئ»(الموسوعة العربيةالميسرة).
ولا يختلف التعريف في الثقافة الغربية كثيراً عن التعريف السابق فهو مرتكن إلى الرواية ومعتمد عليها، لذلك جاء التعريف في Merriam Webster Dictionary كما يلي « هي جنس إبداعي نثري أقصر من الرواية ترتهن عادة إلى شخصيات ذات عدد محدود وتركز على حالات معينة أكثر من تركيزها على الحبكة». ويلاحظ أن هذا التعريف قد استند على وضع خط أفقي تحت كلمة أقصر التي تشكل مفصلاً مهماً في إبراز الملمح الرئيس للتعريف.
ويشابه هذا تعريفٌ آخر ورد في قاموس أكسفورد، إذ يعد فن القصة الفصيرة «حكاية نثرية تخييلية ليست ذات طول محدد، لكنه قصير جدا لاتصلح للنشر في كتاب (مجلد) مستقل بذاته مثلما تكون الرواية» وهذا التعريف كسابقه يستند بصورة مفرطة إلى الفن الروائي بوصفه الركن الذي يسهم في تحديد ملامح وجه القصة القصيرة، لذلك تبدو فناً غير قائم بذاته، يرتهن إلى غيره، وله مقوماته غير المحددة.
ويؤكد أحد الباحثين في تجربة كتابة القصة القصيرة وهو سحمي الهاجري ذلك الاتجاه حين يحدد تعريفاً للقصة القصيرة يشير فيه إلى ذلك التداخل الواقع بين القصة القصيرة والرواية فيقول: «كان هناك تداخل بين المصطلحين في بداية ظهور الفن القصصي، فقد شاع الاعتقاد بأن أحدهما تصغير للآخر أو اختصار له»، أما منصور الحازمي فقد رأى تداخل القصة القصيرة مع المقالة فيقول: «المقالة هي القالب الأدبي الملائم الذي يتحمل الحقائق الموضوعية،كما يتسع، إن لزم الأمر، للعواطف الجياشة الهادرة والتوجيه والوعظ. فإن كتبوا قصة قصيرة أو طويلة، جاءت صورة أخرى من المقالة الاجتماعية التي تتوخى الإصلاح ولا تلتزم بشروط القصة وقواعدها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.