في كتابه الصادر حديثاً عن المجمع الثقافي بأبوظبي يحاول الناقد الدكتور علي بن تميم أن يقيم خطابا نقديا مؤسسا على اكتشاف عالم نجيب محفوظ في الخطاب النقدي العالمي عبر الارتحال في الأزمنة وسياقاتها منذ اربعينيات القرن المنصرم، كما يحاول أن يقوض ثنائية الثقافة النخبوية والثقافة الجماهيرية محاولا تلمس ابعاد التلقي، فهل يمكن القول بان الجماهيرية والنخبوية بوصفهما ثقافتين لا يمكن التفريق بينهما؟! وهل حقا تهدمت الحواجز بين الطبقتين البرجوازية والعمالية وانتهت مع تقوض الرؤية الاجتماعية الاستالينية؟ وهل التفريق بين الثقافة الجماهيرية والنخبوية ليس الا ادعاءً أسطورياً ينحاز الى وجود ثقافة نخبوية من جهة وجماهيرية من جهة أخرى.. واذا كانت الثقافة المهجنة هي المعادلة الإنسانية التي كنا نتجاهلها عندما نمارس تقسيم تجربة البشرية تقسيما ذهنيا، فندعي ان ثقافة النخب صافية لا تنتمي الا الى نفسها وثقافة الجماهير هي الأخرى صافية من أثر النخب. حيث تنطلق رؤية الدكتور علي بن تميم من وجود فضاء بيني وعتباتي يجمع النخب والجماهير الى أفق مهجن لا يمكن معه ان نقوم بتحليل الجماليات الإبداعية بوصفها آحادية وإنما بوصفها أفقاً يقوم على التدرج والتحدر من ثقافة (بين طبقية) ويفيد د. علي في كتابه (النقاد ونجيب محفوظ: الرواية من النوع السردي القاتل الى جماليات العالم الثالث) من الناقد المفكر ما بعد الاستعماري هومي بابا (الامريكي الهندي) الذي يتخيل ان الثقافة لا يمكن ردها الى رؤية مجتزأة ويمثل "هومي بابا" فهمه الثقافي انطلاقا من الفضاء الثالث الذي يشبه السلم الرابط بين الطابق العلوي والطابق السفلي للبيت، والسؤال الى أين ينتمي هذا السلم، هل هو تابع إلى الطابق العلوي أم إلى الطابق السفلي ويخلص هومي بابا الذي يفيد منه د. علي بن تميم في تحليله للظواهر والخطابات النقدية الى أن هناك بعدا ثالثا يقوض المركزيات الثقافية ويتملص من التصنيف الى مصدر واحدة وإنما الثقافة دائما واقعة في فلك التهجين لا هي هي ولا هي غيرها ولذلك فإن علي بن تميم قرأ اتجاهات النقد ليس بوصفها نقائض @ يتخلص كل اتجاه فيها من اثر اتجاه آخر وانما بوصفها مهجنة في أبعاد التلقي والتأثير.