* ما أشبه الليلة بالبارحة.. في الموسم الماضي شن بعض الهلاليين حملة شرسة ضد المدرب البرتغالي خوزيه بيسيرو مطالبين بإلغاء عقده بحجة الأداء الفني غير المقنع للفريق ذلك الوقت وبعض أرائه التي لم تكن صحيحة في رأي البعض الآخر.. مما تسبب في إلغاء عقده بسبب تمسكه بمنهجيته اللي حددها قبل بداية ا لموسم وسار عليها بكل ثقة. بيسيرو الغي عقده وهو متصدر للدوري في الموسم الماضي وتأهل فريقه لدور الأربعة في كأس الأمير فيصل بن فهد في تناقض غريب وعجيب ان يلغي عقد مدرب وهو متصدر للدوري ويحقق نتائج بحجة أن الأداء الفني غير مقنع.. وعندما قررت الإدارة إلغاء عقده طالب بيسيرو (وهذه معلومة تخفى على الكثيرين) بإبقائه على رأس العمل حتى يحقق مع الفريق بطولة الأمير فيصل ولكن الضغوط الإعلامية والشرفية جعلت الإدارة الهلالية تقيل المدرب.. فماذا حدث بعد ذلك؟ الذي حدث باختصار انهيار الفريق الهلالي فنياً بعد أن غابت الرؤية الإدارية وضاع الفريق بين أيدي ثلاثة مدربين برازيليين الكسندر وسيريزو وباكيتا تباعاً.. فخرج الفريق من الموسم بدون أي بطولة وتأهل للدور الثاني من البطولة الآسيوية بمعجزة ولم ينته الموسم إلا والفريق في حالة تشتت تام.. ليخرج مسؤولو الهلال والكثيرون ممن انتقدوا بيسيرو ومعترفين بخطئهم وندمهم بالحكم المتعجل على المدرب. بداية الموسم الحالي كانت مشابهة كثيراً مع المدرب الروماني كوزمين.. فبيسيرو بدأ مع فريق منهك وخرج في بداية الموسم من بطولة خارجية (الخليجية) وتكرر الأمر مع الروماني أولاريو الذي استلم فريقاً (ضائعاً) وبمعسكر خارجي في تونس (منهك) ومن ثم التصفيات الخليجية ليأتي الوداع الحزين ومع البطولة الآسيوية وتضيع البطولة في لحظات. رحل بيسيرو.. ويبدو أن الدور الآن على أولاريو فالانتقادات بدأت تعلو للإطاحة برأس كوزمين بحجة قناعاته الفنية بالرغم من أن الهلال يلاحق وبشراسة على صدارة الدوري ويحتل مركز الوصيف في مجموعته بكأس الأمير فيصل بن فهد ووصل للدور النصف نهائي في كأس ولي العهد. مشكلة البعض انك لا تعرف على ماذا يبني انتقاداته.. فنجده يتحدث في عموميات ويتجنب الحديث بلغة الأرقام والتي لها القول الفصل هنا والأرقام تقول ان كوزمين اشرف على الهلال في 23مباراة خسر خمس مباريات وتعادل في خمس أخرى وفاز باثنتين وعشرين مباراة.. وتقول الأرقام ايضاً ان الفريق الاول لم يخسر مع هذا المدرب بأكثر من فارق هدفين رغم ان كل الخسائر التي تعرض لها هي خمس مباريات مع الفريقين الأول والأولمبي.. عن ماذا نبحث بعد لغة الأرقام؟.. ولماذا يغفل البعض الأسباب التي من وجهة نظري تجعل المدرب يلعب بهذه الطريقة وإستخدامه لأسلوب السهل الممتنع والذي أراه هو الأنسب والذي أعاد للهلال جزءاً من هيبته التي فقدها آخر الموسم الماضي جراء تعاقب المدربين. ويتناسى البعض ان المدرب (مضطراً) بات يحارب على أكثر من جبهة، في الدوري لديه ست مباريات أربع منها خارج ارضه وكأس ولي العهد وصل لنصف النهائي و في كأس الأمير فيصل حظوظه كبيرة بالوصول للأدوار النهائية وهناك كأس خادم الحرمين الشريفين الذي ستطول بداية منافساته.. فماذا سيفعل مدرب مع كل هذه الصراعات وهو يخشى الاصابات ودخول الملل للاعبين فيضطر لإبقاء بعض اللاعبين على دكة الاحتياط وقدرته على فرض اسلوبه في مثل هذه الحالات كما فعل حين ركن نجما كبيرا مثل محمد الشلهوب وهو على يقين أن الوقت المناسب لظهور الشلهوب أساسياً لم يأت بعد تحسباً لأي إصابات قادمة ولأن المدرب على ثقة بإمكانيات الشلهوب وقدرته على تطوير مستواه وهذا ما حدث بالفعل حين تحسن مستوى الشلهوب كثيراً في الآونة الأخيرة.. هذا عدا عن احلاله للعناصر الشابة التي لم تكن ستجد الفرصة إلا مع هذا المدرب الشجاع والذي حتى في الفريق الاولمبي خلق تشكيلة اكثر من رائعة طمأنت الهلاليين على مستقبل فريقهم. احسنت الادارة الهلالية وهي توقع مع المدربين لموسمين و لو (سمح) لهذا المدرب ان يعمل براحة تامة سيختلف حال الفريق الهلالي كثيراً في الموسم القادم وآثار عمل هذا المدرب بدأت تتضح في الثلاث مباريات الأخيرة فقط حيث بدأ الثبات على تشكيلة واحدة وهو العيب الذي كان الكثيرون يتحدثون عنه.. وأنا أستغرب الحديث بهذه الطريقة (القديمة) فأي مدرب يعتمد على تشكيلة معينة من بداية الموسم خير دليل على أن هذا المدرب تفرض عليه الوصاية فكيف تعرف على اللاعبين خلال مدة لا تتجاوز الشهرين؟.. وما أكثر المواهب التي فقدتها الكرة السعودية بسبب الوصاية التي يخضع لها المدربون صاغرين وأكثرهم لا هم لهم سوى جمع الأموال والرحيل بأقل (المصاريف) ولماذا يهتمون أصلاً بإكتشاف مواهب وهم يعلمون كيف (تفكر) إدارات الاندية وبحثها المتعجل عن أي بطولة.. أو يترك الأمر للاعبين وما أكثر ما سمعنا جملة (اللاعبين ما يبونه) ومتى كان هناك مدرب من الأساس لا يجد محاربة من لاعبيه؟ الحديث هنا ليس مخصوصا عن كوزمين أو دفاعاً عنه.. ولكن هذا المدرب (أنموذج) لما يحدث في الوسط الرياضي.. مدرب اتى باسم كبير وفكر جديد وبعمل منظم ومع ذلك يجد من يحاربه وهو لا يفقه أبسط الأمور الفنية في كرة القدم.. لا أعلم إلى متى سيستمر هذا (الخلط) في الوسط الرياضي وكيف تحكم قناعات (متابعين) على عمل مدربين عالميين محترفين ويوجهون لهم أسوأ عبارات النقد بالرغم من ا لنتائج الجيدة والموسم لم يدخل بعد مراحله الأخيرة.. إرتحنا كثيراً هذا الموسم من عبث (البرازيليين) وهجرت كل الأندية السعودية الكرة البرازيلي ومع ذلك لازال البعض يرغب بمدربين لهم أسماء وثقل في عالم التدريب ومع ذلك يبحثون عن معاملة خاصة لهم كما يحدث من المدربين البرازيليين في رضاهم بالتدخل في عملهم (الخضوع) لما يرضي من (يدفع) اكثر وهذه مصيبة حلت بالكرة السعودية لسنوات طويلة. وختاماً لن يجد عشاق (المتعة) الكروية ضالتهم مهما تغير المدربون في ظل هذا التداخل العجيب للمسابقات.. وستكون هي آخر ما يفكر به أي مدرب فاهم.. وعود على ذي بدء ليبحث المهتم أين ذهب بيسيرو وماهي النجاحات التي يحققها.. ونسأل الله أن تتخلص رياضتنا من أيدي (العابثين).