الأستاذ محمد بن عبدالله الحمدان: كاتب صحفي، ومؤلف، ومهتم بالتراث الشعبي، ومن هواة جمع الكتب والجرائد القديمة. ولد في قرية البير بإقليم المحمل شمال غرب مدينة الرياض عام 1357ه/1938م، وتوفي في الرياض في شهر رجب 1447ه (ديسمبر 2025م) رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. درس في الكتاتيب بالبير، ثم بمدرسة تمير الابتدائية، ثم التحق بمعهد إمام الدعوة العلمي بالرياض، ثم بكلية الشريعة بالرياض التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتخرج فيها عام 1383ه/1963م. حصل على بعض الدورات في الإدارة وفي اللغة الإنجليزية، وتقلب في وظائف مختلفة إذ عمل في إدارة الكليات والمعاهد، وفي الديوان الملكي، وفي وزارة العمل، وفي إمارة منطقة الرياض، ومن الأخيرة طلب التقاعد المبكر عام 1400ه/1980م. شارك في تأسيس مؤسسة الجزيرة الصحفية، واُختير عضواً في أول مجلس لإدارة نادي الرياض الأدبي، وأسهم بقلمه في معظم الصحف والمجلات السعودية بمقالات وبحوث، ومنها: اليمامة، والقصيم، والجزيرة، والرياض، والدعوة، والمجلة العربية، وغيرها، وكان أحد المشاركين في المؤتمر الأول للأدباء السعوديين عام 1394ه/1974م. ويكشف السجل العلمي للمؤتمر أن الحمدان شارك ببحثين وليس واحدًا، وهما: عوامل النهوض بالأدب السعودي، ونجد في الشعر العربي. ويجنح الحمدان في مقالاته إلى السخرية التي يوظفها لنقد بعض العادات والسلوكيات الاجتماعية الخاطئة، ويستعين أحياناً ببعض الكلمات والتراكيب الشعبية، ويميل إلى السهولة والوضوح، وتغلب على الموضوعات التي يطرقها الهموم الاجتماعية والأدبية، مع اهتمام ملموس بالكتب القديمة والنوادر تعريفاً بها وبمضامينها. له عدد من المؤلفات، وهي: بنو الأثير: الفرسان الثلاثة (1394ه/1974م)، وصبا نجد: نجد في الشعر العربي (1404ه/1984م)، وديوان حميدان الشويعر (1409ه/1989م)، وديوان السامري والهجيني (1409ه/1989م)، والبير (1422ه/2001م)، ومعجم المطبوع من دواوين الشعر العامي القديمة (1427ه/2006م)، ومن أجل بلدي (1441ه/2020م) في جزأين. أسس دار قيس للنشر والتوزيع بالرياض، ومتحف قيس للمأثورات الشعبية، وقبل ذلك مكتبة قيس للكتب والجرائد القديمة، وتعد نواة مكتبات المستعمل بمدينة الرياض، ولها فضل على كثير من الباحثين والباحثات، وبخاصة في الأدب والتاريخ والأنساب والأدب العامي. والأستاذ محمد الحمدان -رحمه الله- من معارفي القدامى، ومن جماعتنا (أهل البير)، وبين أسرته وأسرتنا علاقات ود ورحم ونسب قديم وجديد، وعادة يزور عمي إبراهيم في البير في العيدين مع بعض أولاده ويسلم عليه، ويستدعي الاثنان الذكريات القديمة بل الموغلة في القدم، ومنها أن العم يتذكر جيدًا أن الحمدان ألقى كلمة في حفل استقبال الملك سعود عند زيارته لقريتنا (البير) في بداية حكمه في عام 1373ه، وكان الحمدان وقتها في سن الخامسة عشرة، ويصف العم إلقاء الكلمة بأنها تحمل جسارة منه وجرأة وثقة في النفس. ولا أدري متى تعرفت لأول مرة على الأستاذ محمد الحمدان -رحمه الله-، والمرجّح أنها في بيته في حي عليشة بالرياض حينما كنت أعد رسالة الماجستير في المدة من (14131416ه)، وكنت وقتها أبحث في موضوع السيرة الذاتية في الأدب السعودي، وأحتاج إلى الاطلاع على بعض الصحف القديمة؛ للبحث عما يثري دراستي، فأتاح لي بكل أريحية الاطلاع، وجلست ساعات بين الصحف أقلبها، وعندما هممت بالمغادرة أهداني نسخة من كتاب "معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية" للدكتور علي جواد الطاهر في مجلدين، وقال: هذا كتاب مهم وسيفيدك في رسالتك. وحينما انتقل منزله إلى حي التعاون في شمال مدينة الرياض كثرت زياراتي له، وغالبًا أذهب إليه بصحبة الصديق العزيز الأستاذ سعد بن عايض العتيبي، ونشرب قهوته، ونتجاذب أطراف الحديث حول صحافة الأفراد، وحول الكتب القديمة، وحول رحلاته القديمة إلى أوروبا، مطالبين بأن يطبعها في كتاب. ومن ذكرياتي معه أن النادي الأدبي بالرياض كرّمه على هامش احتفال النادي باليوم الوطني (89)، فأعد كلمة مطوّلة، فضاق الوقت عن إلقائها، فأرسلها إلي وكتب ورقة صغيرة يقول فيها: "أخي.. تحية طيبة أرجو النظر في هذه الكلمة التي كنت سألقيها عند (ربعك) الذين نسوا أني المكرّم، واهتموا بقصائد الشعراء والشاعرات!". رحم الله الفقيد الأديب الأستاذ محمد بن عبدالله الحمدان رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، فلقد كان نعم الصديق، ويخدم الجميع، وأتاح مكتبته ونوادرها لخدمة الباحثين والباحثات. *أستاذ الأدب والنقد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقًا محمد الحمدان وعلاقة عشق مع الورق والصحافة حتى أواخر ايامه الراحل محمد الحمدان رحمه الله