أكدت الأستاذة لمياء محمد الفوزان مدير إدارة تقييم الالتزام والشؤون التنظيمية في صندوق الاستثمارات العامة أن النزاهة والشفافية أصبحتا اليوم ركيزة أساسية في بناء الثقة بالقطاعين العام والخاص، مشيرةً إلى أن التحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة يتطلب تعزيز منظومات الحوكمة والاستثمار المسؤول لحماية المال العام والخاص، وضمان بيئة استثمارية عادلة ومستدامة. جاء ذلك خلال مشاركتها في المنتدى السنوي الرابع عشر للنزاهة والشفافية في القطاع الخاص، حيث قدمت ورقة بحثية تناولت فيها انعكاسات الشفافية على الثقة والاستثمار، والدور المحوري الذي يؤديه صندوق الاستثمارات العامة في هذا المجال بوصفه الذراع الاستثماري الرئيس للمملكة. وأوضحت الفوزان أن رؤية المملكة 2030 جعلت من رفع مستوى الشفافية والمساءلة هدفًا محوريًا في التنمية الوطنية، مؤكدةً أن الجهات التشريعية والرقابية دعمت هذا التوجه عبر منظومة واسعة من الأنظمة، من أبرزها نظام مكافحة الرشوة، نظام الشركات الجديد، نظام حماية المبلّغين والشهود، ولائحة الإبلاغ عن مخالفات نظام السوق المالية، إضافةً إلى الأنظمة واللوائح الصادرة من هيئة الرقابة ومكافحة الفساد. وأضافت أن الصندوق عمل على تعزيز هذه المبادئ من خلال مذكرة تفاهم مع هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بهدف التوعية والوقاية ونشر ثقافة النزاهة وتشجيع الرقابة الذاتية داخل الصندوق وشركاته التابعة. واستعرضت الفوزان منهجية الصندوق في بناء منظومة النزاهة، والتي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسة تتكامل فيما بينها؛ حيث يبدأ العمل من محور الوقاية عبر بناء بوصلة أخلاقية داخل المؤسسة، وإقرار سياسات السلوك المهني وتعارض المصالح، مع تنفيذ برامج تدريبية وتوعوية لتعزيز المعرفة بقواعد النزاهة وآلية الإبلاغ عن المخالفات، وإدراج المخاطر الأخلاقية ضمن منظومة إدارة المخاطر المؤسسية. أما محور الكشف فيتجلى من خلال تطوير آليات رصد واتخاذ إجراءات استباقية للكشف المبكر عن التجاوزات، وتفعيل قنوات البلاغات السرية، إلى جانب المراجعة الداخلية الدورية وتحليل البيانات لرصد الأنماط غير الاعتيادية في التعاملات. ويأتي محور المعالجة كمرحلة مكملة للمنظومة، حيث تتخذ الإجراءات التصحيحية والتحقيقية لضمان المساءلة، مع وضع تدابير وقائية تحول دون تكرار المخالفات، والتعاون مع الجهات الرقابية المختصة في حال وجود شبهات مالية أو جنائية. وأكدت الفوزان أن النزاهة اليوم ليست عبئًا ماليًا على المؤسسات بل استثمار يحقق عوائد طويلة الأمد، من خلال زيادة الثقة، وتقليل المخاطر، ورفع مستوى جاذبية المنشآت للمستثمرين والشركاء، وتعزيز القيمة السوقية للمؤسسات. وذكرت الفوزان أن 43% من حالات الاحتيال تكتشف عبر قنوات الإبلاغ وفق تقارير دولية، فيما ينخفض نمو المبيعات بنسبة 24% لدى الشركات التي تتعرض لطلبات الرشوة بحسب البنك الدولي. وأضافت أن وجود ضوابط مكافحة احتيال يخفض الخسائر بنسبة 23% إلى 63%، وترتفع القيمة السوقية للشركات الملتزمة بالحوكمة بمعدل 10% إلى 30% وفق بيانات منظمات مالية عالمية. كما استعرضت تجربة الصندوق في تطوير إطار حوكمة متكامل يشمل سياسات مكافحة الفساد والإفصاح وحماية المبلّغين، إضافة إلى إدارة مستقلة للبلاغات والتحقيقات تضمن السرية والعدالة في معالجة المخالفات. ويعمل الصندوق كذلك على تنفيذ برامج توعوية دورية، والمشاركة في المنتديات الوطنية المعنية بالنزاهة، إلى جانب إجراء تقييم رقابي مستمر لرفع مستوى الامتثال والنضج المؤسسي في الشركات التابعة. وبهذه المشاركة، يعزز صندوق الاستثمارات العامة موقعه ضمن التجارب الوطنية الرائدة في ترسيخ النزاهة والشفافية كمسار استراتيجي لتنمية الاقتصاد الوطني بما يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.