في ظل تصاعد الضغوط المهنية والأسرية على المرأة العاملة، تكشف بيانات منظمة الصحة العالمية لعام 2025 م عن فجوة نفسية واضحة بين الجنسين، حيث ترتفع معدلات الاكتئاب لدى النساء 1.5 مرة مقارنة بالرجال، بينما يعاني 5.7% من البالغين عالميًا من الاكتئاب، ترتفع لدى النساء إلى 6.9% مقابل 4.6% للرجال، وتبلغ ذروتها عند 35.6% خلال فترة انقطاع الطمث. كما تشير تقارير الصحة النفسية العالمية إلى أن 4.4% من سكان العالم يعانون اضطرابات القلق، ويشكل النساء جزءًا كبيرًا من هذا المعدل. في الوقت الذي تؤكد فيه البروفيسور أميرة الحوفي المحاضرة بجامعة جازان ، بأن الضغوط المتزايدة على المرأة العاملة لا تُواجه بالقوة الجسدية فقط، بل بإدارة كيمياء السعادة داخلها، وهي أربعة هرمونات تمثل مفتاح التوازن النفسي والقيادة الواعية. ثبات المزاج تشير البروفيسور أميرة الحوفي إلى أن هرمون السيروتونين يمثل حجر الأساس في توازن المرأة العاملة، خصوصا في ظل ما تشير إليه تقارير منظمة الصحة العالمية من ارتفاع الضغوط لدى النساء العاملات في المناصب القيادية بسبب تعدد الأدوار بين العمل والمنزل والأبناء. هذا الهرمون يمنح صفاء الذهن وهدوء القرار، ويرتفع من خلال التعرض لضوء الشمس غير الحارق، ممارسة الرياضة، النوم الجيد، وأعمال الامتنان، ما يعزز ثباتًا نفسيًا وسط بيئة متطلبة. طاقة التحمل وعن هرمون الإندورفين، توضح البروفيسور الحوفي أنه يمثل خط الدفاع الأول ضد الإرهاق المتراكم الذي يظهر بوضوح في إحصاءات الصحة النفسية العالمية، حيث يعاني ملايين النساء من الإجهاد المزمن. ارتفاع الإندورفين عبر الضحك والتمارين الهوائية والمشي السريع يمنح المرأة قدرة أعلى على مواجهة الضغوط المهنية والأسرية دون إنهاك. دافع الإنجاز بحسب البرفسور الحوفي يُعد الدوبامين الهرمون المسؤول عن شعور الإنجاز، وهو الذي يمنح المرأة العاملة دفعة مستمرة للاستمرار والإبداع. توضح الدراسات التي استندت إليها أن وضع أهداف صغيرة، وتدوين المهام، والاحتفال بالإنجازات اليومية، يعزز من مستويات الدوبامين، ويحول النجاح اليومي إلى طاقة ذهنية مستقرة تساعد على مواجهة التشتت وانخفاض التركيز الذي تمر به امرأة من كل اثنتين وفق دراسات القيادة. قوة التواصل أما الأوكسيتوسين، فتعتبره البروفيسور الحوفي حجر الأساس في بناء العلاقات الإنسانية الداعمة داخل بيئة العمل وخارجها. تقارير منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن الدعم الاجتماعي والعلاقات الصحية إحدى أهم أدوات الحماية النفسية للنساء العاملات، فارتفاع الأوكسيتوسين يمنح المرأة قدرة أكبر على التواصل الإيجابي، التقدير المتبادل، والشعور بالأمان الاجتماعي، مما ينعكس مباشرة على أدائها المهني. تهديد صامت وتحذر البروفيسور أميرة الحوفي من خطورة الاكتئاب الذي يصيب 280 مليون شخص عالميًا، مؤكدة أن النساء هن الأكثر تأثرًا به وفق تقارير الصحة العالمية لعام 2025 م. تظهر علاماته في الإرهاق المستمر، فقدان الشغف، الحساسية الزائدة، ضعف التركيز، والشعور بالضغط الدائم. وترى أن الوعي بهذه العلامات خطوة أولى لا غنى عنها لحماية المرأة العاملة من الانهيار النفسي. علامات التوازن وتشير الحوفي إلى أن المرأة المتزنة نفسيًا تظهر عليها سمات واضحة وهي : هدوء تحت الضغط و مرونة في التكيف و إدارة واعية للوقت والطاقة و علاقات صحية و وشغف دائم للتطور. هذا التوازن كما تؤكد ليس نتيجة ظرف بل نتيجة إدارة واعية لكيمياء السعادة الداخلية. رفاه مستدام وتختتم البروفيسور أميرة الحوفي بأن رفاه المرأة العاملة ليس ترفا، بل شرطا أساسيا لاستمرارها في الإنتاج والقيادة والإبداع. فعندما تدير المرأة هرمونات السعادة الأربعة بوعي، فإنها تقود بذكاء، وتبدع بثبات، وتنجح في التوازن بين أدوارها المهنية والأسرية دون أن تفقد ذاتها.