العلاقات السعودية الأميركية المتينة التاريخية الممتدة لأكثر من ثمانية عقود، تتعزز بقوة النماء الاقتصادي المتين للبلدين في شتى قطاعات الطاقة بمباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله-، والمتابعة الحثيثة عن كثب من قبل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومنذ تدشين صناعة النفط في المملكة بالتحالف الأمريكي الأقوى في العالم آنذاك ولا يزال، والتي عم رخاؤها العالم أجمع بفضل ما من الله على المملكة من ثروات طبيعية متدفقة غير ناضبة لا مثيل لها في العالم لا من حيث قدراتها الإنتاجية أو تشكيلاتها المتنوعة مما دفع ساسة الطاقة العالمية باعتبار المملكة القلب النابض للطاقة العالمية. ويستعيد اللقاء المرتقب بين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترمب كل التحولات التاريخية العظيمة التي شكلت علامة فارقة في خارطة اقتصاد السعودية والعالم ككل والتي كانت نواتها الأولى لقاء المؤسس الملك عبدالعزيز بالرئيس الأمريكي روزفلت والتي دشنت عهداً جديداً في تأسيس وتعزيز العلاقات القوية بين البلدين وشعبيهما حيث أسهمت المملكة بالنقلة الصناعية التي عاشتها الولاياتالمتحدة وكانت المملكة الأمينة على إمدادات الطاقة للعالم أجمع بما فيها الولاياتالمتحدة والتي بدورها قد أسهمت في اكتشافات النفط في المملكة وكان الملك عبدالعزيز يؤمن إيمانا راسخاً بوجود الموارد الطبيعية في الجزيرة العربية وكان يدعو للتنقيب وبدء الاستثمار بعد توقيعه اتفاقية الامتياز التي أبرمها مع شركة إيسترن آند جنرال في عام 1923. مر أكثر من 80 عاما على اللقاء التاريخي الذي جمع مؤسس البلاد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على متن البارجة الأمريكية (كوينسي) في البحر الأحمر يوم 14 فبراير عام 1945 الموافق الأول من ربيع اول عام 1364ه، ولم يكن اللقاء يتعلق باكتشافات النفط وتجارته والتي بدأت بإطلاق شحنة الزيت الأولى التي حملتها الناقلة "سكوفيلد" في مايو 1939 والتي كانت حدثاً بالغ الأهمية والتي دفعت لهذا اللقاء التاريخي الذي يمثل العصب في بناء وتشكيل أسس العلاقات السياسية والعسكرية وبالأخص الاقتصادية بعد أن ازدهرت صناعة النفط بالمملكة، وبدأ العالم أكثر تعطشاً لمصادر الطاقة الهائلة التي وهبها الله المملكة العربية السعودية من ثروات النفط الخام الذي تنامت اكتشافاته في مواقع مختلفة من المنطقة الشرقية لتتجه بوصلة الاقتصاد العالمي والحضارة العالمية جمعاء قصراً صوب المملكة حيث قطرات غيث وقود النهضة الصناعية في العالم التي أسسها هذا اللقاء. وقد أضاف اعتراف المجتمع الدولي بالمملكة العربية السعودية في السنة الأخيرة للحرب العالمية الثانية كمورد رئيس للزيت بعداً جديداً إلى مكانتها الرفيعة في المجتمع الدولي ومع بدء جهود البناء أصبح زيت المملكة الوقود الرئيس للانتعاش الأوروبي حتى أن حكومة الولاياتالمتحدة سارعت إلى زيادة حضورها الدبلوماسي في المملكة. وأطلق التاريخ العريق بين البلدين شركة أرامكو السعودية التي تعود بداياتها عام 1933م عندما أُبرمت اتفاقية الامتياز بين المملكة العربية السعودية وشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال). حينها، تم إنشاء شركة تابعة لها سميت بكاليفورنيا أرابيان ستاندارد أويل كومباني (كاسوك) لإدارة هذه الاتفاقية. وبدأ العمل على الفور. فبعد مسح صحاري المملكة لتحديد مواقع النفط، بدأت أعمال حفر الآبار في عام 1935م. وبعد سنوات من الجهد المضني دون أي نجاح يذكر، قرر المسؤولون التنفيذيون في سوكال في عام 1937م الاستعانة بمشورة كبير الجيولوجيين ماكس ستاينكي، الذي أشار عليهم من واقع خبرته الطويلة في العمل الميداني بأن يستمروا في أعمال الحفر. وأخيراً تحقق النجاح حيث شهد العام 1938م إرساء أولى لبنات ازدهار مستقبل المملكة ونجاح جهود أرامكو السعودية وذلك بالتزامن مع باكورة إنتاج النفط بكميات تجارية من بئر الدمام رقم 7 التي أطلق عليها اسم "بئر الخير حيث بدأ ذلك الموقع على الفور في إنتاج أكثر من 1,500 برميل من النفط الخام في اليوم، وفي 1944 تم تغيير اسم شركة "كاسوك" إلى شركة الزيت العربية الأمريكية، وفي عام 1948 اشترت شركة ستاندرد أويل كومباني أوف نيو جيرسي، التي أصبحت فيما بعد تسمى شركة إكسون، حصة نسبتها 30% في الشركة واشترت شركة سوكوني فاكيوم أويل كومباني، التي أصبحت فيما بعد تسمى شركة موبيل، حصة نسبتها 10% للمساعدة في توفير منافذ تسويقية ورأس مال لاحتياطيات المملكة من الموارد الهيدروكربونية. وفي عام 1952 انتقل مقر الشركة الرئيس من مدينة نيويورك إلى الظهران، وفي عام 1973 استحوذت المملكة على حصة أولية بلغت نسبتها 25% ثم زادت إلى 60% في عام 1974 وواصلت الشركة النمو لتصبح في عام 1976 أكبر منتج للنفط على مستوى العالم من حيث الكميات المنتجة في عام واحد. وخلال الفترة بين عامي 1980 و1981 رفعت الحكومة حصة مشاركتها في حقوق الشركة في امتياز النفط الخام وفي إنتاجها ومرافقها الإنتاجية إلى 100%. وفي فترة الثمانينات رفعت الشركة إنتاجها، بالإضافة إلى أنها وسعت بنيتها التحتية من خلال بناء خط الأنابيب شرق-غرب الممتد بطول 1,200 كلم والمخصص لنقل النفط الخام من مدينة الظهران إلى مدينة ينبع المطلة على البحر الأحمر، وخلال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، أسست الشركة مشاريع مشتركة للتكرير والتسويق في عدد من المناطق الجغرافية الاستراتيجية حول العالم من أجل توسيع قاعدتها السوقية وعروض منتجاتها. وفي عام 1988 تأسست شركة الزيت العربية السعودية والتي تعرف أيضاً باسم أرامكو السعودية بتاريخ 13 /11 /1988 لتؤول إليها حقوق وامتياز شركة الزيت العربية الأمريكية. ومنذ أواخر أربعينيات القرن العشرين، توالت نجاحات الشركة وترسخت قدراتها حتى تمكنت من تحقيق رقم قياسي في إنتاج النفط، رافعة طوال مسيرتها مكانة المملكة في قطاع الطاقة. وبعد تسميتها بأرامكو (شركة الزيت العربية الأمريكية)، بلغ إنتاج النفط الخام 500 ألف برميل في اليوم في عام 1949م. ومع التزايد السريع في إنتاج النفط، أصبح من الضروري على الشركة توسيع نطاق أعمالها في قطاع التوزيع أيضًا. ففي عام 1950م، أنجزت الشركة خط الأنابيب عبر البلاد العربية "التابلاين" الذي يبلغ طوله 1,212 كلم والذي يعد الأطول في العالم. ربط خط التابلاين المنطقة الشرقية في المملكة بالبحر الأبيض المتوسط مما أسهم في اختزال زمن وتكلفة تصدير النفط إلى أوروبا بشكل كبير. وبعد عامين من التنقيب في مياه الخليج العربي الضحلة، اكتشفت الشركة حقل السفانية في عام 1951م والذي يعد أكبر حقل نفط بحري على مستوى العالم. وفي عام 1958م، تجاوز إنتاج شركة أرامكو من النفط الخام مليون برميل في سنة تقويمية واحدة. ودفعت العلاقات القوية المتنامية السعودية الأمريكية لضخ بلايين البراميل وبحلول عام 1962م، حققت الشركة إنجازًا مهمًا آخر، حيث بلغ الإنتاج التراكمي للنفط الخام 5 بلايين برميل. وبحلول عام 1981م، وللمرة الأولى تجاوز شحن النفط الخام والمنتجات البترولية من الفرضة البحرية في رأس تنورة بليون برميل سنويًا. وطوال سبعينيات القرن العشرين، لم تنحصر جهود الشركة في إثبات مكانتها كقوة اقتصادية للمملكة فحسب، بل تضمنت أيضًا احتضانها للتراث السعودي. وفي عام 1973م، اشترت الحكومة السعودية حصة قدرها 25% في أرامكو وزادت هذه الحصة لتصل إلى 60% في العام التالي. وفي عام 1980م، امتلكت الحكومة السعودية شركة أرامكو بأكملها لتنشئ بعد ثمانية أعوام شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) رسميًا، لتكون شركة جديدة تتولى جميع مسؤوليات شركة أرامكو بقيادة معالي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، الذي أصبح أول رئيس سعودي للشركة في عام 1984م، ثم أول رئيس لأرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين في عام 1988م. وفي العام التالي، بدأت أرامكو السعودية تحولها من شركة منتجة للنفط ومصدرة له إلى شركة بترول متكاملة بالتزامن مع تأسيس شركة ستار إنتربرايزز في عام 1989م، وهي مشروع مشترك مع شركة تكساكو في الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تحولت لاحقًا لتصبح شركة موتيفا التي بدأت كشراكة بين شركتي تكساكو وشل ومن ثم استحوذت عليها أرامكو السعودية بالكامل في عام 2017 لتصبح المالك الوحيد لأكبر مصفاة لتكرير النفط الخام في موقع واحد في أمريكاالشمالية في بورت آرثر، بولاية تكساس. واضطلعت شركة أرامكو السعودية بتأصيل قوة علاقاتها واستثماراتها في الولاياتالمتحدة حيث تؤدي الشركات التابعة لأرامكو السعودية في أمريكا دور محوري في سوق الطاقة الحيوية في المنطقة وتقوم معًا بدور المورد الرئيس للنفط الخام إلى الولاياتالمتحدة التي خصت أرامكو بخدمات تسويقية وخدمات إدارة أعمال وغيرها من أعمال المساندة للشركة وشركائها على حد سواء، في وقت توفر الشركات التابعة لأرامكو السعودية في الأميركتين السلع والخدمات وتقدم التحليلات الاقتصادية والسياسية، وتتولى ترتيب أعمال التخزين والنقل والتسليم للنفط الخام الذي تبيعه أرامكو السعودية أو الشركة السعودية للتكرير، للمصافي في الولاياتالمتحدةالأمريكية. واليوم تستعد أرامكو السعودية لتوقيع اتفاقيتين لتوريد الغاز الطبيعي المسال الأمريكي مع وودسايد للطاقة. أفادت مصادر أن شركة أرامكو السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، ستُشارك في مؤتمر الغاز الطبيعي المُسال لدول الكومنولث خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لواشنطن. تسعى أرامكو السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، إلى أن تُصبح لاعبًا رئيسا في مجال الغاز الطبيعي المُسال، لا سيما في الولاياتالمتحدة، حيث من المُتوقع أن تتضاعف طاقة إنتاج الغاز الطبيعي المُسال تقريبًا خلال السنوات الأربع المُقبلة. وقد وقّعت بالفعل اتفاقيات مع جهات أمريكية أخرى، بما في ذلك شركة ريو غراندي للغاز الطبيعي المُسال التابعة لشركة نكست ديكيد. وقال أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، في اتصال هاتفي مع مُحللين في أغسطس، بأن الشركة تستهدف الوصول إلى طاقة إنتاجية للغاز الطبيعي المُسال تبلغ 20 مليون طن سنويًا، منها 4.5 ملايين طن قيد الإنتاج حاليًا. من المتوقع أن تؤمن أرامكو إمدادات تصل إلى مليوني طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال من منشأة الغاز الطبيعي المسال المقترحة لشركة كومنولث في كاميرون، لويزيانا، وفقًا لمصادر في القطاع. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تشهد صفقة مع شركة وودسايد شراء أرامكو لحصة في مشروعها للغاز الطبيعي المسال في لويزيانا، البالغة قيمته 17.5 مليار دولار، بالإضافة إلى إبرام اتفاقية شراء لتأمين ما يصل إلى مليوني طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال. بالنسبة لشركة كومنولث، ستقربها هذه الصفقة من تحقيق 8 ملايين طن سنويًا التي تخطط لبيعها من إجمالي طاقة المصنع البالغة 9.5 ملايين طن سنويًا. وتسعى شركة كومنولث للغاز الطبيعي المسال إلى بناء أول منشأة متكاملة لتصدير الغاز الطبيعي المسال في الولاياتالمتحدة، حيث سيبيع المساهم الرئيس فيها، كيمريدج، الغاز من إنتاجها من الصخر الزيتي في إيجل فورد إلى المصنع. وتخطط الشركة لاتخاذ قرار استثماري مالي بشأن بناء المصنع بنهاية العام. وفي أبريل، منحت وودسايد الموافقة النهائية على مشروعها وهو مصنع بثلاثة خطوط إنتاج، بطاقة إنتاجية تبلغ 16.5 مليونن طن سنويًا، ومن المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز الطبيعي المسال في عام 2029. وقررت شركة أرامكو السعودية بالفعل إنفاق مليارات الدولارات للحصول على أصول الغاز الطبيعي في الولاياتالمتحدة والظفر بعقد صفقة اتفاق مع مشروع "بورت آرثر" للغاز الطبيعي المسال المقترح من شركة "سيمبرا" للطاقة والذي سيدفع طموح عملاقة النفط والغاز في العالم شركة أرامكو كأقوى شركة للطاقة في العالم لتعزيز آفاق الحصول على مشروع تصدير الغاز من تكساس تجارياً. ولفت خبراء الغاز الطبيعي المسال إلى أن المملكة العربية السعودية تمضي بثقة في تنويع اقتصادها وإمدادات الطاقة في إشارة أيضاً إلى التأثير الجغرافي السياسي كسبب لمصلحة المملكة في الغاز الطبيعي المسال الأمريكي. وتصف شركة أرامكو السعودية اتفاقها مع "سيمبرا" للغاز. الطبيعي المسال بالانتصار والنقلة الأقوى في استراتيجيتها طويلة الأجل لتصبح لاعبًا عالميًا للغاز الطبيعي المسال والصفقة مدتها 20 عامًا وبطاقة خمسة ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال من محطة "بورت آرثر" واستثمار بحصة 25٪ في المرحلة الأولى من المشروع. ومن المتوقع أن تزيد الصفقة من حدوث تحول في تدفقات الطاقة بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية مع ارتفاع إنتاج الولاياتالمتحدة للنفط والغاز والذي يمكن أن يوضح قدرة الغاز الصخري الأمريكي لتحويل أسواق الطاقة العالمية وقيادتها. وفي حين الانتهاء من الصفقة، فستكون واحدة من أكبر صفقات الغاز الطبيعي المسال على الإطلاق يتم توقيعها منذ عام 2013، وفقًا لشركة الأبحاث والاستشارات "وود ماكنزي". وتؤمل شركتي "أرامكو" و"سيمبرا" التوصل إلى قرار استثماري نهائي، في وقت تحصل مشروع "بورت آرثر" للغاز الطبيعي المسال على ترخيص من هيئة تنظيم الطاقة الفيدرالية في أبريل الماضي وتبلغ طاقة التصدير المستهدفة 11 مليون طن سنويًا من معملين للتسييل ويمكن توسعتها إلى ثماني معامل تسييل بقدرة 45 مليون طن سنويًا. وتعمل معامل الغاز الطبيعي المسال الجديدة الموجهة نحو التصدير على ساحل الخليج الأمريكي على دفع النمو في إنتاج الغاز الطبيعي الجاف الذي ارتفع في الولاياتالمتحدة بنسبة 12% في 2024 ليصل إلى 28.5 مليار قدم مكعب في اليوم، ليبلغ مستوى قياسي جديد للسنة الثانية على التوالي.