"عِلم" راعٍ استراتيجي لمؤتمر ومعرض الحج 2025    برعاية ولي العهد.. وزارة العدل تنظم المؤتمر العدلي الدولي الثاني 23 نوفمبر في الرياض    مذكرة تفاهم ثلاثية لتأسيس محفظة تنموية ب300 مليون ريال لخدمة ضيوف الرحمن    "حين يتحدّث الشعر".. أمسية أدبية في تبوك    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ذاكرة بصرية لتأريخ الحج وعمارة الحرمين    انطلاق مؤتمر ومعرض الحج 1447 تحت شعار من مكة إلى العالم    مدير ابتدائية مصعب بن عمير يكرم طلاب الخطة العلاجية    رئيس الشؤون الدينية التركي يشيد بعناية المملكة بضيوف بيت الله الحرام    زلزال بقوة 3ر5 درجة يضرب جنوب تايوان    استقرار سعر الدولار    جمعية رؤية تختتم برنامج الإلقاء والخطابة للأطفال ذوي الإعاقة 2025    الهوية السعودية بين الموروث والثقافة السعودية في جلسة حوارية ضمن مبادرة الشريك الأدبي    قوات الاحتلال تواصل اقتحامها للمدن والبلدات الفلسطينية    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًّا بمؤتمر ومعرض الحج 2025    بعد ختام ثامن جولات «يلو».. العلا يواصل الصدارة.. والوحدة يحقق انتصاره الأول    استعداداً لوديتي ساحل العاج والجزائر قبل خوض كأس العرب.. لاعبو الأخضر ينتظمون في معسكر جدة    عبر 11 لعبة عالمية.. SEF أرينا تحتضن البطولة الكبرى للدوري السعودي للرياضات الإلكترونية    الرياض تعيد اختراع الإدارة المحلية: من البلديات التقليدية إلى المدينة الذكية    تحت رعاية ولي العهد.. تدشين النسخة الافتتاحية من منتدى «TOURISE»    استثمار الإنسان وتنمية قدراته.. سماي: مليون مواطن ممكنون في الذكاء الاصطناعي    لص يقطع أصبع مسنة لسرقة خاتمها    هيئة «الشورى» تحيل 16 موضوعاً لجلسات المجلس    ارتفاع تحويلات الأجانب    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج 2025.. جهود ومبادرات أمنية وإنسانية لخدمة ضيوف الرحمن    «إثراء» يستعرض المشهد الإبداعي في دبي    مغنية افتراضية توقع عقداً ب 3 ملايين دولار    ويتكوف وكوشنر اليوم في إسرائيل.. تحرك أمريكي لبحث أزمة مقاتلي حماس في رفح    شجار زوجين يؤخر إقلاع طائرة    إسلام آباد تبدي استعدادها لاستئناف الحوار مع كابل    العلاقة الطيبة بين الزوجين.. استقرار للأسرة والحياة    مطوفي حجاج الدول العربية شريكاً إستراتيجياً لمؤتمر ومعرض الحج 2025    النوم بعد الساعة 11 مساء يرفع خطر النوبات    المقارنة الاجتماعية.. سارقة «الفرح»    «الغذاء والدواء»: إحباط دخول 239 طناً من الأغذية الفاسدة    مستشفى الملك فهد بالمدينة صديق للتوحد    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تحقق 37 ألف ساعة تطوعية    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    العُيون يتصدر دوري أندية الأحساء    الاتفاق بطلاً للمصارعة    في الشباك    القبض على مروجين في جازان    تناولوا الزنجبيل بحذر!    تعزيز تكامل نموذج الرعاية الصحية الحديث    على وجه الغروب وجوك الهادي تأمل يا وسيع العرف واذكر الأعوام    معجم الكائنات الخرافية    الأهلي يتوج بالسوبر المصري للمرة ال 16 في تاريخه    فيفا يُعلن إيقاف قيد نادي الشباب    15 شركة صحية صغيرة ومتوسطة تدخل السوق الموازي    انطلاق مناورات "الموج الأحمر 8" في الأسطول الغربي    الشرع في البيت الأبيض: أولوية سوريا رفع قانون قيصر    هدنة غزة بوادر انفراج تصطدم بمخاوف انتكاس    أمير تبوك يشيد بحصول إمارة المنطقة على المركز الأول على مستوى إمارات المناطق في المملكة في قياس التحول الرقمي    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    تحت رعاية الملك ونيابةً عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر دورة ألعاب التضامن الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأويل النص الإعلامي
نشر في الرياض يوم 07 - 11 - 2025

يُعد مفهوم التأويل (أو الهرمينوطيقا Hermeneutics) من المفاهيم الفلسفية التي وجدت طريقها إلى الدراسات الإنسانية والاجتماعية، ثم إلى الدراسات الإعلامية المعاصرة. يعود المصطلح إلى الفكر اليوناني القديم، لكنه تطوّر مع الفلسفة الحديثة بوصفه علماً لفهم النصوص وتفسيرها، خاصة في حقول الدين والأدب والتاريخ، ثم امتد لاحقاً ليشمل الخطاب الإعلامي والثقافي بوصفه نصاً يحتاج إلى فهم وتفسير ضمن سياق اجتماعي وثقافي محدد.
وهناك تداخل بين علم التأويل والظاهراتية، حيث يرى الفيلسوف الألماني هانس جورج جادامر أن التأويل ليس مجرد منهج لتحليل النصوص، بل هو فعل إنساني وجودي يتأسس على التفاعل بين القارئ والنص. وفي كتابه الشهير (الحقيقة والمنهج)، يرفض جادامر الفهم الموضوعي الخالص، بل أن الفهم هو عملية تاريخية تتأثر بآفاق القارئ الثقافية والتاريخية، أي أن القارئ لا يواجه النص من فراغ، بل يقترب منه وفي ذهنه مجموعة من التوقعات المسبقة والتجارب السابقة التي يسميها (أفق الفهم). هذا التفاعل بين أفق القارئ وأفق النص يولّد ما يسميه جادامر (اندماج الآفاق)، وهو لحظة الفهم التي يتم فيها التفاعل بين الماضي (النص) والحاضر (القارئ).
أما المفكر الفرنسي بول ريكور، فقد قدم رؤية أعمق وأكثر تفصيلاً للتأويل، إذ جمع بين الفلسفة الظاهراتية والتحليل اللغوي والتأمل الوجودي. يرى ريكور أن النص لا يحمل معنى واحداً جاهزاً، بل هو فضاء مفتوح لتعدد المعاني. فالنص، عندما يُكتب، ينفصل عن مؤلفه وعن سياقه الأصلي، ليصبح كياناً مستقلاً قابلاً لإعادة القراءة ضمن سياقات جديدة. ومن هنا فإن مهمة التأويل عند ريكور هي استكشاف (إمكانيات المعنى) الكامنة في النص. وفي كتابه (الزمان والسرد) وكتبه الأخرى، يوضح أن الفهم يمر بمراحل ثلاث: الفهم المبدئي، ثم الشرح التحليلي، ثم الاستيعاب التأويلي الذي يعيد ربط النص بتجربة القارئ والحياة الواقعية.
يرتبط هذا المفهوم بما يُعرف ب (الدائرة الهرمنيوطيقية)، وهي فكرة محورية في فلسفة التأويل تعني أن فهم الجزء يعتمد على فهم الكل، وفهم الكل يعتمد على فهم الجزء. فالقارئ يبدأ من انطباع أو فرضية أولية، ثم ينتقل بين التفاصيل والبنية العامة للنص في حركة دائرية متواصلة، إلى أن تتكوّن لديه رؤية متكاملة للمعنى. هذه الدائرة توضح لنا أن الفهم عملية مستمرة وتراكمية وديناميكية لا تنتهي عند تفسير واحد نهائي.
ومن أبرز الباحثين الذين طبّقوا المنهج الهرمينوطيقي في الدراسات الإعلامية الباحث البريطاني روجر سيلفرستون Roger Silverstone الذي شكّلت مؤلفاته منعطفاً مهماً في فهم العلاقة بين الإعلام والحياة اليومية من منظور تأويلي. في كتابه (التلفزيون والحياة اليومية) وكتاب (لماذا ندرس الإعلام؟) طرح سيلفرستون فكرة أن دراسة الإعلام ليست مجرد تحليلٍ للمضامين أو التقنيات، بل هي فهم للكيفية التي يصبح بها الإعلام جزءاً من نسيج التجربة الإنسانية اليومية، وكيف يشكّل وعينا بالعالم وبأنفسنا.
أما في كتابه (الإعلام والأخلاق) فقد قدّم رؤية هرمنيوطيقية عميقة حول ما يسميه المدينة الإعلامية (ميديابوليس) أي الفضاء الرمزي الذي نعيش فيه مع وسائل الإعلام من حولنا، والذي تتشكّل فيه أخلاقياتنا الجماعية من خلال التفاعل مع الصور والأخبار والتمثيلات الإعلامية. يرى سيلفرستون أن فهم النص الإعلامي يقتضي تأويلاً أخلاقياً، لأن كل رسالة إعلامية تحمل ضمنياً دعوة إلى موقف أو إحساس أو حكم أخلاقي تجاه الآخر والعالم. وهنا يتجاوز التأويل الفهم اللغوي أو الرمزي إلى بعد فكري يربط بين المعنى والمسؤولية الأخلاقية في الاتصال. تتضح الهرمينوطيقا في أعمال سيلفرستون من خلال تركيزه على العلاقة الدائرية بين النص والسياق، وبين الإعلام والحياة اليومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.