قدّم الدكتور نايف الرشدان محاضرة بعنوان "اللغة الشعرية التصويرية عند البدر وجمالياتها الفلسفية"، ضمن الفعاليات الثقافية والفنية التي أشرفت عليها وزارة الثقافة في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، الذي أقيم مؤخرًا في ألمانيا، وسط حضور نوعي من الباحثين والأكاديميين والمثقفين من مختلف الجنسيات. أدار اللقاء الأستاذ عبدالعزيز العساكر، الذي استهل الجلسة بعددٍ من الأسئلة التمهيدية للمحاضر، مفسحًا المجال أمامه لتقديم رؤية تحليلية حول تجربة الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن، أحد أبرز رموز الشعر السعودي الحديث. وأوضح الدكتور الرشدان أن اختيار شخصية البدر جاء تماشيًا مع توجهات وزارة الثقافة في تسليط الضوء على الرموز الوطنية التي أثرت المشهد الأدبي والفكري، مشيرًا إلى أن الأمير بدر يمثل مدرسة شعرية فريدة بلغتها وصورها ومعانيها التي تجمع بين الأصالة والتجديد، لافتًا إلى أنه "شاعر التجديد لا الحداثة"، إذ حافظ على أصالته الشعرية مع مواكبته للغة العصر التصويرية. وبيّن الرشدان أن الفلسفة تلعب دورًا جوهريًا في الشعر، إذ تمنح الشاعر بعدًا تأمليًا يميّزه عن غيره وتشكّل مصدرًا من مصادر الإبداع الفني، قائلاً: إن "الرؤية الفلسفية هي سر من أسرار النجاح الإبداعي المؤثر، لأنها تضيء فكر الشاعر وتكشف عمق تجربته الإنسانية". كما تطرق إلى أبرز ملامح تجربة البدر، موضحًا أنه أول من جدّد في القصيدة الشعبية وأضفى عليها بعدًا فنيًا مؤثرًا، مستثمرًا القيم الجمالية في بناء التراكيب وتوظيف المفردات بأسلوب يعبّر عن ارتباطه بالبيئة المحلية، ما جعل عباراته تحمل حمولات معرفية وثقافية ووجدانية غنية. وسلّط الرشدان الضوء على أبرز دواوين الأمير بدر بن عبدالمحسن، وهي: ما ينقش العصفور في تمرة العذق، رسالة من بدوي، فوق هام السحب، لوحة ربما قصيدة، مشيرًا إلى أن قصائده التفعيلية تمثل الأفق الإبداعي الأوسع لتجربته الشعرية. وخلال المحاضرة، قدّم الرشدان قراءة تحليلية تطبيقية لقرابة 77 مقطعًا شعريًا من أعمال البدر، استعرض من خلالها الجوانب الجمالية والفكرية في نصوصه، وربطها بالرؤى الفلسفية التي شكّلت محور التميّز في تجربته الشعرية، ما أثار تفاعل الحضور الذي تنوع بين الباحثين والأدباء والنقاد من مختلف الدول. وفي ختام اللقاء، شهدت الجلسة عددًا من المداخلات؛ حيث وصفت الدكتورة منيرة الغدير (من الجامعة الأمريكية) لغة البدر بأنها "باذخة ومؤثرة"، مشيدة بقدرة الدكتور نايف على إبراز جمالياتها بأسلوبه التحليلي المتقن. فيما أشار الباحث الكردي خليل خليل إلى أن حديث المحاضر بالعربية الفصحى قرّب المادة الشعرية للحضور غير العرب. أما الباحثة المغربية بشرى أمين، فأكدت أن التحليل كشف عن عمق تجربة البدر الفنية، فيما رأى الكاتب الألماني مايكل مو أن المحاضرة قدّمت "إشارات ذكية" في الربط بين مدرسة فرانكفورت الفلسفية والانعكاسات الجمالية للنص الشعري العربي.