ختمت أكاديمية فنسفة الثقافية للتدريب النسخة الأولى من برنامجها الفلسفي «الحياة معنى.. الفلسفة نافذة الحياة الفضلى»، بمحاضرة ختامية حملت عنوان «عزاءات المتن الجمالي»، قدّمها القاص والكاتب العراقي ميثم الخزرجي، وذلك ضمن سلسلة البرامج غير الربحية التي تنفذها الأكاديمية في سياق اهتمامها بتعزيز الوعي الفلسفي والفكري في المشهد الثقافي العربي. وركّزت المحاضرة، التي شهدت حضور عدد من المفكرين والأدباء والروائيين، على استحضار الدور الذي تؤديه الجدلية الديالكتيكية في تشكيل الوعي الجمالي للنص الأدبي العربي، وسبر العلاقة بين الفلسفة والجمال باعتبارهما ركيزتين أساسيتين في بناء الحياة الفضلى للإنسان. وأوضح الخزرجي في مستهل حديثه أن حضور الفلسفة في النص الأدبي يسهم في تفكيك الواقع وإعادة تركيبه وفق منظومة فكرية تمنح النص متعة عقلية وجمالية في آن واحد، مشيراً إلى أن إدخال السؤال الفلسفي في المتن الأدبي يطيل عمر النص ويمدّه بطاقة تأملية تكشف عن عمق التجربة الإنسانية. واستعرض الخزرجي نماذج أدبية وفكرية شكّلت علامات بارزة في هذا الاتجاه، بدءًا من محاورات أفلاطون، مرورًا بسارتر في روايته الغثيان وكامو في الغريب، وصولًا إلى التجارب العربية المتمثلة في نجيب محفوظ الذي تناول الهمّ الإنساني من زاوية فلسفية عميقة، وموسى كريدي الذي منح نصوصه بعدًا وجوديًا يعمّق حضور السؤال في السرد العربي. كما تناول الخزرجي علاقة الذهنية الأدبية العربية بالمشاريع الفلسفية الحديثة، مؤكداً أن استيعاب النظريات الوجودية والمعرفية داخل المتن الجمالي العربي يفتح آفاقًا أوسع لتقبل الفكر النقدي والتأمل الجمالي. وأشار إلى أن المتغيرات الاجتماعية والثقافية أسهمت في تشكيل مفردة جمالية ما تزال محدودة الانفتاح على التساؤلات الجدلية، لافتًا إلى أن فلسفة هيجل القائمة على التجدد المستمر تقدم نموذجًا يمكن الاستفادة منه في صناعة النص الجمالي العربي المعاصر. وفي ختام اللقاء، دار نقاش موسع بين الحضور من الأدباء والمفكرين، ناقشوا خلاله محاور المحاضرة وأثرها في توسيع نطاق الحوار بين الفلسفة والأدب، مؤكدين أن المتن الجمالي يمكن أن يكون عزاءً للإنسان حين يقف على حافة السقوط الجسدي أو الفكري، عبر ما يقدمه من وعيٍ ودهشةٍ قادرة على تجديد معنى الوجود الإنساني