في الأسبوعٍ الماضي كسرت شركة إنفيديا حاجز الخيال، فقد أصبحت أول شركة في التاريخ تتخطّى قيمتها السوقية خمس تريليونات دولار.. ليست هذه مجرد أرقام؛ إنها شهادة ميلاد ثورة صناعية جديدة، يقودها جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي للشركة الأمريكية، المهندس العبقري الذي يؤمن أن الذكاء الاصطناعي لن يدمر البشر، ويؤكد: "كل ما يفعله الذكاء الاصطناعي هو معالجة البيانات.. شركتي لا تصنع قنابل"، لهذا يعتقد أن الذكاء الاصطناعي قوةٌ للتقدم، تُحفّز ثورةً صناعيةً جديدة. وُلد هوانغ في تايوان، وانتقل مع والديه للإقامة في الولاياتالمتحدة حين كان عمره 10 سنوات فقط، وتُعدّ قصته مثالاً واضحاً على نجاح المهاجرين، وقد درس الهندسة الكهربائية في جامعة ولاية أوريغون، حيث التقى زوجته لوري، وحصل كلاهما على وظيفة في قلب وادي السيليكون، ومع ذلك، واجه الرجل الكثير من الأوقات الصعبة، عندما انهارت أسهم إنفيديا مع فقاعة الإنترنت في 2001، حينها لم يستسلم، بل راهن على رقائق الرسوميات التي ستُغذّي الألعاب، ثم السيارات ذاتية القيادة، ثم الذكاء الاصطناعي.. واليوم، تتجاوز ثروته 174 مليار دولار، بينما يُحقق موظفوه، البالغ عددهم 30 ألف موظف، أرباحًا سنوية تزيد عن مليون دولار. لم يكتسب هوانغ شهرة واسعة إلا مؤخرًا، ومع ذلك، فقد أمضى الرجل 32 عامًا في منصب الرئيس التنفيذي، وهي مدة أطول من فترة قيادة بيل جيتس لشركة مايكروسوفت، وهو يعمل أكثر من 12 ساعة يوميًا، ستة أيام في الأسبوع، ولعل هذا هو السبب في عدم رغبة أيٍّ من ولديه في البداية في العمل في مجال التكنولوجيا، فقد أرادت ابنته أن تصبح طاهية، وابنه مصورًا فوتوغرافيًا، لكنهما انتهى بهما المطاف للعمل في الشركة: الابنة مديرة تسويق والابن في قسم الروبوتات. يرى هوانغ في نفسه "شخص جاد يُنجز عملاً جاداً"، ولطالما كان يصرخ في وجه موظفيه عندما يشعر بخيبة أمل من أدائهم أو إخفاقهم، لكنه كان يسعى جاهداً لتحسين أدائهم، ولم يكن فصلهم إلا ملاذاً أخيراً، حيث كان كريماً للغاية مع الموظفين الذين يعانون من مشاكل صحية، ولهذا، فإن معظم موظفيه يُحبونه، ويُكنون له تقديرًا كبيرًا، وكما ذكرت إنفيديا في تقريرها السنوي الأخير: "يميل موظفونا إلى المجيء والبقاء"، ولم لا يحبون البقاء وقد حولهم العمل في إنفيديا إلى مجموعة من الأثرياء بشكل لا يُصدق. يصفه أصدقاؤه المقربون بأنه: "ساحر، مرح، متواضع، ورجل عائلة، ويحتفظ بآرائه السياسية لنفسه، على عكس بعض أقرانه، لا يفترض أن كونه ثريًا وموهوبًا في الهندسة يجعله أذكى شخص في أي مكان وخبيرًا في أي مجال، ولم يحضر حفل تنصيب ترامب، كما المليارديرات"، أما عن طريقة تفكيره، فيؤكد المقربون منه أنه لا يفكر كرجل أعمال، بل كمهندس عبقري موهوب، ومع ذلك، تظل لديه ثغرة كبيرة في المؤسسية، وهو أنه لم يضع خطة لخلافته في الشركة، وليس هناك من يحمل الراية من بعده، إذ لا يوجد من الموظفين الخمسة والخمسين التابعين له مباشرةً نائبٌ واحد مُعيَّن، يستطيع خلافته عند الضرورة.