قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الأحد إنّ الرئيس أحمد الشرع سيبحث رفع ما تبقّى من عقوبات على بلده وإعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن في نوفمبر الحالي، ليصبح أول رئيس سوري يجري زيارة رسمية إلى الولاياتالمتحدة. وأوضح الشيباني خلال مشاركته في منتدى "حوار المنامة" في البحرين أنّ الشرع "سيكون في البيت الأبيض في بداية شهر نوفمبر، معتبرا أن "هذه الزيارة بالتأكيد تاريخية". وقال "هناك الكثير من المواضيع التي سيتم الحديث عنها: بداية رفع العقوبات". مضيفا "نحن اليوم لدينا مكافحة "داعش"، سورية تعاني من هذا الموضوع (..) نحن بحاجة للدعم الدولي" في هذا المجال. ولفت وزير الخارجية السوري إلى أن المحادثات ستتناول أيضا عملية الاستقرار وإعادة الإعمار في بلده. وأكدت وزارة الخارجية السورية أنّ الزيارة ستكون الأولى على الإطلاق لرئيس سوري إلى البيت الأبيض. وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توم براك قال السبت إن الشرع سيتوجّه إلى واشنطن، حيث سيوقع "على الأرجح" اتفاق الانضمام إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم "داعش". وستكون هذه الزيارة الأولى للرئيس السوري إلى واشنطن، والثانية له إلى الولاياتالمتحدة بعد مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي. وفي مايو الماضي، التقى الشرع الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمرة الأولى في الرياض، خلال زيارة تاريخية تعهّد خلالها الرئيس الأميركي رفع العقوبات المفروضة على سورية. ورغم أنّ سورية وإسرائيل لا تزالان رسميا في حالة حرب، فقد بدأ البلدان مفاوضات مباشرة بعد إطاحة حكم بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي. وأعرب ترمب عن أمله بأن تنضمّ سورية إلى الدول العربية التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل في إطار "الاتفاقيات الإبراهيمية". لكن الشيباني قال إنّ "هذا حديث غير مطروح ولم يطرح". وكان مسؤول سوري قال لوكالة فرانس برس في وقت سابق من العام الحالي إنّ دمشق تتوقّع إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية مع إسرائيل عام 2025. وعقب إطاحة الأسد، تقدّمت القوات الإسرائيلية إلى مواقع في المنطقة العازلة في الجولان والقائمة بموجب اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974. وشنّت الدولة العبرية مئات الغارات على مواقع عسكرية سورية، وأعلنت مرارا تنفيذ عمليات برية وتوقيف أشخاص تشتبه بقيامهم بأنشطة "إرهابية" في الجنوب السوري. واحتلّت إسرائيل هضبة الجولان السورية في حرب 1967، ثم ضمّتها إليها عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وتطالب إسرائيل بأن يكون الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح. وقال الشيباني "نحن قلنا إننا ملتزمون باتفاقية 1974 وأننا ملتزمون أيضا ببناء اتفاقية تضمن السلام والتهدئة بيننا وبين إسرائيل. لا نريد لسورية أن تدخل حربا جديدة وليست سورية أيضا اليوم بمكانة تهديد أي جهة بما فيها إسرائيل". وأضاف "أعتقد أن اليوم هناك مفاوضات أو مسارات تسير باتجاه الوصول إلى اتفاق أمني لا يهز اتفاقية 1974 ولا يقر واقعا جديدا قد تفرضه إسرائيل في الجنوب". الشرع يطبق القانون قالت وزارة الإعلام السورية لرويترز إن الشرع رتب "اجتماعا وديا غير رسمي" في إدلب مع قادة سابقين ومسؤولين وشخصيات بارزة أخرى، تطرق إلى التحديات السياسية والأمنية وكذلك الحاجة إلى تغيير "ثقافة الاستثمار التي أرساها النظام السابق". وقالت الوزارة إنه "أكد على عدم التسامح مع أي شبهة فساد بين موظفي الدولة". ويمكن رؤية مساعي الشرع لتحقيق التوازن حتى داخل عائلته. ويشغل شقيقان أكبر سنا منصبين كبيرين في الحكومة الجديدة. ويشرف حازم على الأعمال والاستثمارات الأجنبية والمحلية في سورية، بما في ذلك عمل مقاتلي المعارضة السابقين المكلفين بإصلاح الاقتصاد السوري. أما ماهر، طبيب أمراض النساء الذي يحمل الجنسية الروسية، فهو الأمين العام لرئاسة الجمهورية ويرأس اجتماعات رسمية ويحضر محادثات مع شخصيات أجنبية مرموقة مثل لقاء الشرع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو هذا الشهر. وقال عدة مسؤولين سوريين إن اعتماد الشرع على أقاربه والمقربين منه نابع من حاجته إلى سد الثغرات سريعا في إدارته الجديدة عقب الانهيار المفاجئ لحكومة الأسد. وجاء التحذير الذي وجهه الشرع إلى الموالين له في أغسطس في أعقاب شكاوى من مواطنين سوريين في اجتماع مع الرئيس في وقت سابق من ذلك الشهر بشأن علامات البذخ التي ظهرت على بعض المعارضين السابقين الذين يعملون الآن في الخدمة المدنية، وفقا لأحد الحاضرين. ومنذ ذلك الحين، يكرر الشرع حديثه علنا في دمشق عن مكافحة الفساد. في مقطع فيديو بتاريخ 13 أكتوبر وبثته وسائل الإعلام الرسمية، أبلغ الشرع المسؤولين بضرورة الكشف عن استثماراتهم الحالية وبحظرهم من الدخول في مشاريع خاصة جديدة. ودعا كذلك إلى تجنب العلاقات الشخصية مع رجال الأعمال محذرا إياهم من تكرار النموذج الذي ساد في عهد الأسد. وقالت وزارة الإعلام إن بعض الأشخاص المشتبه في تلقيهم رشوة مقابل إطلاق سراح معتقلين أو لإنجاز أعمال رسمية أخرى أحيلوا إلى "تحقيق فوري". وتجري عمليات تسوية يبرمها مسؤولون حكوميون مع أشخاص متهمين بصلاتهم بالأسد. وبدأت هذه الصفقات، التي يسلم بموجبها أصحاب الأعمال أصولا مقابل السماح لهم باستئناف أنشطتهم في سورية، تتبلور فور السيطرة على دمشق. وبحسب ستة أشخاص منهم مسؤولون حكوميون ورجال أعمال مطلعون على الأمر، تحاول السلطات توجيه كل هذه التسويات عبر لجنة للمكاسب غير المشروعة تشكلت في مايو قبل تحويل الأصول إلى صندوق ثروة سيادي جديد لا يزال قيد الإنشاء. وقالت المصادر الستة إن الصندوق يضم الآن مئات الشركات والمباني الإدارية والمصانع وغيرها من الأصول المرتبطة بأشخاص متهمين بصلات مع نظام الأسد. لكن الكيانين الناشئين في موضع تدقيق أيضا. وذكرت المصادر لرويترز إن محاميين يعملان في الصندوق قبض عليهما على ذمة التحقيقات بشأن تهم فساد، واحتُجز أحدهما لأكثر من شهر. وأكدت وزارة الإعلام اعتقالهما قائلة إن المحاميين يخضعان للتحقيق بتهمة سرقة لم تثبت بعد. وأضافت الوزارة أن بعض أعضاء لجنة الكسب غير المشروع، المكلفة بالتحقيق في الفساد، احتُجزوا أيضا للتحقيق معهم في مخالفات مشتبه بها رغم عدم اعتقالهم رسميا.