تكامل الجهود أبرز محفزات الجذب السياحي في القصيم    ترامب يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض    مطالبة المناطق الاقتصادية بالرياض باستكمال البناء المؤسسي    فيصل بن سلمان: نهج القيادة ثابت في إكرام ضيوف الرحمن    "رينارد" يستبعد "تمبكتي" من معسكر الأخضر بسبب الإصابة    السعودية والكويت توقعان 4 مذكرات تفاهم في عدة مجالات    القادسية يتوج ببطولة المملكة للمصارعة الحرة والرومانية ب26 ميدالية في مختلف الفئات السنية    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة جازان تُحبط تهريب ( 11) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    الملك يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تستعرض جهودها في موسم الحج خلال «مؤتمر ومعرض الحج»    فيروس البيروقراطية    لكي لا يمسخ الذكاء الاصطناعي وعي الإنسان    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11243) نقطة    140 جلسة في مؤتمر ومعرض الحج لمناقشة تطوير خدمات ضيوف الرحمن    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير فرع الهيئة العامة لتنظيم الإعلام بالمنطقة    برعاية ولي العهد.. وزارة العدل تنظم المؤتمر العدلي الدولي الثاني 23 نوفمبر في الرياض    مذكرة تفاهم ثلاثية لتأسيس محفظة تنموية ب300 مليون ريال لخدمة ضيوف الرحمن    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ذاكرة بصرية لتأريخ الحج وعمارة الحرمين    رئيس الشؤون الدينية التركي يشيد بعناية المملكة بضيوف بيت الله الحرام    استقرار سعر الدولار    جمعية رؤية تختتم برنامج الإلقاء والخطابة للأطفال ذوي الإعاقة 2025    الهوية السعودية بين الموروث والثقافة السعودية في جلسة حوارية ضمن مبادرة الشريك الأدبي    قوات الاحتلال تواصل اقتحامها للمدن والبلدات الفلسطينية    ويتكوف وكوشنر اليوم في إسرائيل.. تحرك أمريكي لبحث أزمة مقاتلي حماس في رفح    شجار زوجين يؤخر إقلاع طائرة    إسلام آباد تبدي استعدادها لاستئناف الحوار مع كابل    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًّا بمؤتمر ومعرض الحج 2025    لص يقطع أصبع مسنة لسرقة خاتمها    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    بعد ختام ثامن جولات «يلو».. العلا يواصل الصدارة.. والوحدة يحقق انتصاره الأول    «إثراء» يستعرض المشهد الإبداعي في دبي    مغنية افتراضية توقع عقداً ب 3 ملايين دولار    الثقافة تصعد جبال طويق    استعداداً لوديتي ساحل العاج والجزائر قبل خوض كأس العرب.. لاعبو الأخضر ينتظمون في معسكر جدة    عبر 11 لعبة عالمية.. SEF أرينا تحتضن البطولة الكبرى للدوري السعودي للرياضات الإلكترونية    ارتفاع تحويلات الأجانب    العلاقة الطيبة بين الزوجين.. استقرار للأسرة والحياة    مطوفي حجاج الدول العربية شريكاً إستراتيجياً لمؤتمر ومعرض الحج 2025    النوم بعد الساعة 11 مساء يرفع خطر النوبات    المقارنة الاجتماعية.. سارقة «الفرح»    «الغذاء والدواء»: إحباط دخول 239 طناً من الأغذية الفاسدة    مستشفى الملك فهد بالمدينة صديق للتوحد    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تحقق 37 ألف ساعة تطوعية    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    تناولوا الزنجبيل بحذر!    تعزيز تكامل نموذج الرعاية الصحية الحديث    على وجه الغروب وجوك الهادي تأمل يا وسيع العرف واذكر الأعوام    معجم الكائنات الخرافية    الأهلي يتوج بالسوبر المصري للمرة ال 16 في تاريخه    فيفا يُعلن إيقاف قيد نادي الشباب    15 شركة صحية صغيرة ومتوسطة تدخل السوق الموازي    انطلاق مناورات "الموج الأحمر 8" في الأسطول الغربي    الشرع في البيت الأبيض: أولوية سوريا رفع قانون قيصر    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعوديات في قلب الاقتصاد
نشر في الرياض يوم 30 - 10 - 2025

شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة تحولات نوعية كبرى في تمكين المرأة وإشراكها في بناء الاقتصاد الوطني، حيث أصبحت المرأة شريكًا أساسيًا في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي وضعت تمكينها الاقتصادي والاجتماعي في صميم خططها التنموية. فقد تجاوز دور المرأة حدود القطاعات التقليدية ليمتد إلى مجالات الاستثمار وريادة الأعمال، مما يعكس تحوّلًا جوهريًا في النظرة لدورها بوصفها عنصرًا فاعلًا في التنمية المستدامة، لا مجرد مستفيدة من التغيير، ترافق هذا التوجه مع إطلاق مجموعة من البرامج والمبادرات الحكومية التي دعمت حضور المرأة في بيئة الأعمال، وساهمت في تمويل مشاريعها الريادية وتوسيع مشاركتها في القطاعات الاستثمارية الكبرى.
فالدولة اليوم لا تكتفي بتمكين المرأة على الورق، بل تُترجم الدعم إلى خطوات عملية تشمل تسهيل الإجراءات، وتوفير الحوافز التمويلية، وتهيئة بيئة تنظيمية مرنة تشجعها على الابتكار والمنافسة. كما ساهمت المؤسسات الوطنية مثل بنك التنمية الاجتماعية وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في فتح الآفاق أمام الرياديات، ما أدى إلى ازدياد عدد المشاريع النسائية ونمو مساهمتها في الناتج المحلي، في المقابل، أثبتت المرأة السعودية قدرتها على قيادة التغيير وتحقيق النجاحات في مجالات كانت حكرًا على الرجال سابقًا، مثل الطاقة، والمالية، والتقنية، والعقار، والسياحة. وأصبحت نماذجها الملهمة في عالم الاستثمار مثالًا يحتذى به في المنطقة، بعدما جمعت بين الطموح والمعرفة والقدرة على التكيّف مع متطلبات السوق الحديثة. هذا التوسع النسائي في ميادين الأعمال يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية تنويع مصادر الدخل الوطني وتعزيز التنافسية الاقتصادية من خلال الكفاءات النسائية المؤهلة، إن دعم دور المرأة في ريادة الأعمال ومشاركتها في القطاعات الاستثمارية الكبرى لا يمثل مجرد هدف مرحلي، بل هو ركيزة استراتيجية تضمن استدامة النمو الاقتصادي وتحقق التكامل بين الجنسين في صناعة المستقبل. ومع استمرار الإصلاحات والتشريعات، يبدو أن المشهد الاقتصادي السعودي يسير بخطى ثابتة نحو مرحلة جديدة يكون فيها للمرأة موقع قيادي، يرسّخ صورتها كمحرك رئيسي للتنمية، وشريك فعلي في بناء اقتصاد مزدهر ومتنوع.
تمكين المرأة
جاءت رؤية السعودية 2030 لتحدث تحولًا جذريًا في مكانة المرأة ودورها في المجتمع والاقتصاد، إذ لم تعد مشاركتها خيارًا تكميليًا بل أصبحت عنصرًا أساسيًا في تحقيق التنمية الشاملة. وقد وضعت الرؤية تمكين المرأة في صميم أهدافها من خلال رفع نسب مشاركتها في سوق العمل، وتوسيع نطاق حضورها في القطاعات الحيوية، وإزالة العوائق التي كانت تحد من دورها الريادي. فالمرأة السعودية اليوم تمثل نموذجًا متطورًا للقيادة والابتكار، بعد أن فُتحت أمامها آفاق جديدة في مجالات التعليم، والاقتصاد، والإدارة، والقطاعين العام والخاص، ولم يكن هذا التحول وليد الصدفة، بل نتيجة جهود مؤسسية منظمة بدأت منذ إطلاق برامج الرؤية، مثل "برنامج التحول الوطني" و"برنامج جودة الحياة"، اللذين أكدا على دعم مشاركة المرأة في سوق العمل وتوفير بيئة مهنية مرنة وآمنة. كما تم تعديل العديد من الأنظمة والتشريعات التي كانت تحد من حريتها في ممارسة العمل أو تأسيس المشاريع، مما مكّنها من خوض مجالات جديدة بثقة واستقلالية. وقد ساهمت هذه الإصلاحات في ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من أقل من 20 % إلى ما يفوق 35 % خلال سنوات قليلة، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ المملكة، إلى جانب الإصلاحات القانونية، أُنشئت مبادرات نوعية تستهدف تمكين المرأة الريادية والمستثمرة، مثل برامج التدريب القيادي، والتمويل الميسر، وحاضنات الأعمال. كما شجعت الدولة المؤسسات والشركات الكبرى على استقطاب الكفاءات النسائية في مواقع صنع القرار، ما أدى إلى صعود أسماء سعوديات في مجالس الإدارات والهيئات الاقتصادية. هذا الدمج المتزايد يعكس وعي الدولة بأن تمكين المرأة ليس قضية اجتماعية فحسب، بل استثمار وطني في نصف رأس المال البشري، إن ما تحقق حتى الآن يبرهن أن رؤية 2030 لم تكتفِ بإشراك المرأة كمستفيدة، بل جعلتها شريكة فاعلة في صياغة مستقبل المملكة. ومع توسع حضورها في مجالات الأعمال والاستثمار، يتعزز دورها بوصفها محركًا للتنمية ومصدرًا للابتكار، في مشهد اقتصادي يتّجه بثبات نحو التنوع والاستدامة.
الأعمال النسائية
يشكل دعم الدولة لريادة الأعمال النسائية أحد أبرز ملامح التحول الاقتصادي في المملكة، إذ أدركت الحكومة مبكرًا أن تمكين المرأة من تأسيس وإدارة مشاريعها الخاصة ينعكس بشكل مباشر على النمو الوطني، ويخلق فرص عمل مبتكرة، ويساهم في تنويع مصادر الدخل. لذلك، جاءت السياسات الحكومية شاملة ومتكاملة لتوفير البيئة التي تساعد المرأة على دخول سوق الأعمال بثقة، بدءًا من التشريعات، مرورًا بالتمويل، ووصولًا إلى التدريب والتسويق والتوسع الإقليمي، في البداية، سعت المملكة إلى إزالة جميع العوائق النظامية التي كانت تحد من قدرة المرأة على ممارسة الأنشطة التجارية بحرية. فأصبح بإمكانها اليوم استخراج السجلات التجارية إلكترونيًا دون الحاجة إلى موافقة ولي الأمر، وامتلاك مؤسساتها الخاصة، والتوقيع باسمها القانوني في التعاملات الرسمية. هذا التغيير التشريعي كان بمثابة نقطة انطلاق نحو تأسيس جيل جديد من الرياديات اللواتي وجدن في السوق السعودي مساحة مفتوحة للإبداع والمنافسة، على صعيد الدعم المالي، أطلقت الدولة عبر بنك التنمية الاجتماعية مجموعة من برامج التمويل الموجهة للنساء، مثل "مسارات" و"ناشئة الأعمال"، والتي تقدم قروضًا ميسرة بدون فوائد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب برامج الإرشاد والمتابعة لضمان استدامة المشروع. كما أسست الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) مبادرات خاصة بالرياديات مثل برنامج "مركز دعم المرأة" الذي يقدّم استشارات مجانية، ودورات متخصصة في الإدارة والتسويق الرقمي والتوسع التجاري، أما من حيث البيئة الحاضنة للأعمال، فقد نشطت الحاضنات والمسرّعات في الجامعات السعودية ومراكز الابتكار مثل "حاضنة نماء" و"مسرعة وادي مكة" لتوفير الدعم التقني واللوجستي للمشاريع الناشئة التي تقودها نساء. هذه المنصات لا تكتفي بتوفير التمويل الأولي، بل تبني شبكة علاقات بين الرياديات والمستثمرين والموجهين، ما يرفع من احتمالية نجاح المشاريع واستمرارها في السوق، كما أولت الدولة اهتمامًا خاصًا بريادة المرأة في القطاعات المستقبلية، مثل التقنية المالية، والسياحة، والطاقة المتجددة. فتم إدراج النساء ضمن برامج الابتكار وريادة الأعمال في "نيوم" و"مشروع البحر الأحمر"، ما مكّن العديد منهن من المشاركة في تصميم حلول ذكية مستدامة تخدم الاقتصاد الوطني. وترافق هذا التوجه مع إطلاق مسابقات مثل "هاكاثون ريادة المرأة" و"جائزة الأميرة نورة لريادة الأعمال" التي تسلط الضوء على الابتكار النسائي وتكافئ أفضل المشاريع الناشئة ذات الأثر المجتمعي، ولأن ريادة الأعمال لا تقتصر على التمويل، ركزت الدولة على جانب التمكين المعرفي من خلال التدريب والتأهيل المستمر. فقد أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برامج تعليمية متخصصة مثل "قادة الغد" و"المهارات الريادية للنساء" التي تهدف إلى بناء قدرات فكرية وإدارية تمكّن المرأة من قيادة مشاريعها بفعالية. كما عززت الجامعات السعودية شراكاتها مع الجهات الدولية لتقديم برامج ريادة نسائية معترف بها عالميًا، ما أوجد جيلًا من المستثمرات المؤهلات للمنافسة في السوقين المحلي والعالمي، إن هذا الدعم المتكامل يعكس التزام الدولة الجاد بتحويل المرأة السعودية من متلقية للدعم إلى صانعة للفرص. فالسياسات الحالية لا تستهدف فقط زيادة أعداد المشاريع النسائية، بل تسعى إلى خلق منظومة متكاملة تضمن استدامتها ونموها. ومع كل مبادرة جديدة، تتضح ملامح اقتصاد سعودي حديث تشارك فيه المرأة بفاعلية، وتصبح ريادة الأعمال إحدى أهم أدواتها في الإسهام في التنمية الوطنية وتحقيق الازدهار الشامل.
نساء في قلب الاقتصاد الوطني
لم يعد حضور المرأة السعودية في الاقتصاد مقتصرًا على المشاريع الصغيرة أو المتوسطة، بل امتد إلى القطاعات الاستثمارية الكبرى التي تشكل ركائز الاقتصاد الوطني، مثل الطاقة، والمالية، والعقار، والتقنية، والسياحة. هذا التحول الاستراتيجي يعكس إيمان الدولة بقدرة المرأة على قيادة التحول الاقتصادي والمنافسة في مجالات كانت حكرًا على الرجال لعقود طويلة. وقد أصبح تمثيلها اليوم في هذه القطاعات جزءًا من سياسات التمكين المؤسسية التي تنتهجها المملكة لتعزيز التنوع في مواقع القيادة واتخاذ القرار، في قطاع الطاقة، الذي يعد أحد أعمدة الاقتصاد السعودي، برزت المرأة بقوة في السنوات الأخيرة بفضل برامج التوظيف والتأهيل التي أطلقتها الشركات الوطنية الكبرى، وعلى رأسها أرامكو السعودية وسابك. فقد باتت المرأة تشغل مناصب هندسية وإدارية متقدمة، كما ساهمت في مشروعات الاستدامة والطاقة المتجددة، خصوصًا في مجالات أبحاث الوقود النظيف وإدارة الكربون. إن تمكين المرأة في هذا القطاع الحيوي لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل جزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى تنويع الكفاءات وتعزيز الابتكار في الصناعات النفطية والبتروكيميائية، أما في القطاع المالي والمصرفي، فقد شهدت السنوات الماضية قفزة نوعية في مشاركة السعوديات، سواء في البنوك المحلية أو في الهيئات الاستثمارية الكبرى. فقد ارتفعت نسب توظيف المرأة في المؤسسات المالية بشكل غير مسبوق، كما تولّت سعوديات مناصب قيادية في إدارات إدارة المخاطر، والتمويل، والاستثمار، وإدارة الأصول. إضافة إلى ذلك، أصبحت المرأة حاضرة في مجالس إدارة البنوك وصناديق الاستثمار، مما يعكس ثقة القطاع المالي في قدراتها القيادية والتحليلية. كما أطلق البنك المركزي السعودي مبادرات تدريبية موجهة لتأهيل الكوادر النسائية في مجالات التكنولوجيا المالية (FinTech) التي تمثل مستقبل القطاع المالي العالمي، وفي القطاع العقاري والسياحي، ساهمت المرأة في إعادة تشكيل الصورة الاقتصادية الحديثة للمملكة. فقد دخلت مجال التطوير العقاري وإدارة المشاريع الفندقية والسياحية، وبرزت أسماء نسائية في مشاريع عملاقة مثل الدرعية والعلا ومشروع البحر الأحمر. وتمثل مشاركتها في هذه القطاعات نقلة نوعية لأنها تجمع بين الحس الإبداعي والرؤية الاستثمارية، ما أضفى على هذه المشاريع بعدًا ثقافيًا وإنسانيًا يعزز الهوية السعودية ويجذب الاستثمارات الأجنبية، كما حققت المرأة السعودية حضورًا متزايدًا في قطاع التقنية وريادة الابتكار، حيث تأسست شركات نسائية في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتجارة الإلكترونية، والتطبيقات الذكية، بدعم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وهيئة منشآت. وتلعب هذه المشاريع دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد الرقمي وتوفير فرص عمل جديدة للنساء، إن مشاركة المرأة في هذه القطاعات الكبرى لا تمثل مجرد إنجاز شخصي أو مهني، بل هي مؤشر على التحول العميق في بنية الاقتصاد السعودي نحو الشمول والاستدامة. فوجود النساء في مواقع صنع القرار يعزز من كفاءة المؤسسات، ويرفع مستوى الشفافية والتنافسية، ويخلق بيئة أكثر توازنًا بين الرؤية الاقتصادية والمجتمعية. ومع استمرار الدعم المؤسسي والتشريعي، يبدو أن السنوات القادمة ستشهد توسعًا أكبر في حجم وأثر استثمارات النساء، ليصبحن شريكات حقيقيات في بناء مستقبل اقتصادي متنوع ومزدهر.
أثر يتجاوز الأرقام
أصبحت مشاركة المرأة السعودية في الاقتصاد الوطني واقعًا ملموسًا تتجاوز نتائجه حدود الأرقام والمؤشرات، إذ أثبتت التجربة أن تمكين المرأة لا ينعكس فقط على نمو الناتج المحلي، بل يمتد ليشمل التحول الاجتماعي، وبناء ثقافة إنتاجية جديدة داخل المجتمع. فمع ارتفاع نسب مشاركة النساء في سوق العمل وريادة الأعمال، بدأت تظهر نتائج نوعية تعيد رسم المشهد الاقتصادي والاجتماعي في المملكة بصورة أكثر توازنًا واستدامة، على الصعيد الاقتصادي، ساهمت مشاركة المرأة في زيادة حجم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ورفع نسبة التنوع في القطاعات الإنتاجية، مما دعم توجه المملكة نحو اقتصاد متنوع لا يعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل. وتشير الإحصاءات الحديثة إلى أن المشاريع النسائية أصبحت تسهم بمليارات الريالات في الناتج المحلي سنويًا، فضلًا عن كونها مصدرًا رئيسيًا لتوليد الوظائف، خاصة في مجالات التقنية، والتجزئة، والخدمات الإبداعية. كما أن ريادة المرأة أسهمت في تحفيز روح المنافسة بين المنشآت، ودفع الشركات الكبرى إلى تبني سياسات أكثر شمولًا وعدالة في التوظيف والإدارة، أما على المستوى الاجتماعي، فقد أفرز تمكين المرأة تحولات عميقة في بنية المجتمع. فقد أصبحت النساء أكثر حضورًا في الحياة العامة وأكثر استقلالية في اتخاذ القرار المالي والمهني، ما عزز الثقة بالنفس ورفع الوعي بأهمية المساهمة الفاعلة في التنمية. كما أسهمت هذه المشاركة في تغيير النظرة النمطية لدور المرأة، من كونها مجرد عنصر مساعد داخل الأسرة إلى شريك حقيقي في البناء الاقتصادي والاجتماعي. ومع ازدياد عدد القياديات في المؤسسات الحكومية والخاصة، باتت المرأة قدوة للأجيال الجديدة، تفتح أمامهن آفاق الطموح والتميز في مختلف المجالات، ومن جهة أخرى، كان لدخول المرأة إلى عالم الأعمال أثر إيجابي على المسؤولية الاجتماعية والاستدامة. فالكثير من المشاريع التي تديرها نساء تتبنى توجهات إنسانية وبيئية واضحة، مثل دعم الحرف المحلية، وتمكين الأسر المنتجة، وتشجيع الاقتصاد الدائري. هذا الوعي المجتمعي جعل من ريادة المرأة قوة ناعمة تدفع عجلة التنمية بطريقة متوازنة تراعي القيم والهوية الوطنية، ولا يمكن إغفال البعد العالمي في هذا التحول؛ إذ ساهمت إنجازات المرأة السعودية في رفع تصنيف المملكة في مؤشرات التمكين الاقتصادي ومشاركة المرأة عالمياً، ما عزز صورة المملكة كدولة داعمة للتنوع والفرص المتكافئة. كما أصبحت قصص نجاح السعوديات تُروى في المنتديات الاقتصادية الدولية، لتبرهن أن تمكين المرأة في السعودية لم يعد مجرد مبادرة داخلية، بل تجربة ملهمة يمكن الاستفادة منها عالميًا، إن الأثر الحقيقي لمشاركة المرأة السعودية في الاقتصاد يتجاوز المكاسب المادية ليصل إلى بناء مجتمع أكثر وعيًا وعدالة واستدامة. فهي اليوم ليست فقط جزءًا من قوة العمل، بل شريكة في صياغة ملامح المستقبل، تثبت يومًا بعد يوم أن التنمية لا تكتمل إلا بتكامل طاقات الرجال والنساء في مشروع وطني واحد هدفه الازدهار الشامل.
آفاق التمكين القادمة
رغم ما تحقق من إنجازات ملموسة في تمكين المرأة السعودية اقتصاديًا ورياديًا، فإن الطريق نحو التكامل الكامل ما زال مليئًا بالتحديات، لكنها تحديات من نوعٍ إيجابي تُحفّز على التطوير والابتكار. فمرحلة الانطلاق انتهت، وحان وقت التوسع النوعي في مشاركة المرأة لتصبح ركيزة استراتيجية في الاقتصاد الوطني، خصوصًا في ظل التحولات الرقمية والتقنية التي تشهدها المملكة والعالم بأسره، من أبرز التحديات التي تواجه المرأة الريادية اليوم، محدودية الوصول إلى شبكات التمويل الكبرى مقارنة بنظرائها من الرجال. فبرغم توفر البرامج الحكومية، إلا أن الكثير من النساء ما زلن يحتجن إلى توجيه متخصص في كيفية بناء نماذج مالية قوية، وإقناع المستثمرين بخطط النمو والتوسع. كما أن بعض القطاعات الاستثمارية الكبرى لا تزال تتطلب خبرات تقنية أو صناعية متقدمة تشكل حاجزًا أمام النساء الراغبات في دخولها، خصوصًا في مجالات مثل الصناعات التحويلية أو التقنية المتقدمة، وتواجه بعض الرياديات أيضًا تحديات تسويقية وتشغيلية، مثل ضعف الوصول إلى الأسواق الإقليمية، أو نقص الخبرة في إدارة الفرق الكبيرة وسلاسل الإمداد. لكن هذه التحديات ليست عوائق دائمة، بل هي فرص لتطوير القدرات وبناء منظومة دعم نسائية متكاملة من التدريب، والاستشارات، والتحالفات الاستثمارية، على الجانب الاجتماعي، ما زال هناك تحدٍ ثقافي بسيط يتعلق بتغيير بعض المفاهيم التقليدية حول أدوار المرأة في بيئة الأعمال. ومع أن هذه النظرة تتلاشى تدريجيًا، إلا أن تجاوزها بالكامل يتطلب وقتًا وجهدًا في التوعية، وتسليط الضوء المستمر على النماذج الناجحة التي كسرت الحواجز وقدّمت صورة واقعية عن المرأة السعودية كقائدة ومنتجة، أما في المقابل، فإن الفرص المستقبلية أمام المرأة السعودية تبدو واسعة وغير محدودة. فالرؤية الاقتصادية للمملكة تتجه نحو قطاعات ناشئة مثل الاقتصاد الأخضر، والتقنية المالية، والذكاء الاصطناعي، والسياحة المستدامة، وهي مجالات تتطلب مهارات إبداعية ومرونة فكرية تبرع فيها المرأة بطبيعتها. كما أن التحول الرقمي الذي تتبناه الدولة يفتح آفاقًا جديدة أمام المشاريع النسائية الصغيرة لتصبح شركات ذات تأثير عالمي، بفضل التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي والمنصات الذكية، كذلك، يتزايد اهتمام المؤسسات الحكومية والخاصة بإنشاء شبكات نسائية قيادية لتعزيز التعاون بين الرياديات، وتبادل الخبرات، وإقامة تحالفات استثمارية عابرة للقطاعات. هذا الاتجاه نحو التمكين الجماعي يسهم في خلق منظومة نسائية مترابطة تشكل قوة اقتصادية ناعمة تدعم الاقتصاد الوطني وتنافس إقليميًا، إن المستقبل القريب يحمل للمرأة السعودية فرصًا غير مسبوقة لتوسيع حضورها في الاقتصاد العالمي، خاصة مع انفتاح المملكة على الاستثمارات الأجنبية والشراكات الدولية. ومع استمرار الدعم الحكومي، وتطور البنية التحتية الاقتصادية، ونمو ثقافة ريادة الأعمال بين النساء، ستتحول التحديات القائمة إلى محطات نجاح جديدة. فالمشهد السعودي اليوم يهيئ بيئة ناضجة تكون فيها المرأة جزءًا أصيلًا من التنمية، لا كمشاركة فحسب، بل كصانعة للفرص ومُلهِمة للتغيير.
يمثل حضور المرأة السعودية في ريادة الأعمال والقطاعات الاستثمارية الكبرى أحد أبرز إنجازات التحول الوطني في العصر الحديث، إذ تحوّل تمكينها من شعارٍ إلى واقعٍ متكاملٍ تُجسده الأرقام والقصص والإنجازات اليومية. فما بين رؤية طموحة تقودها الدولة، وإصرارٍ فردي لدى المرأة السعودية على اقتحام مجالات جديدة، وُلد جيل نسائي استثنائي قادر على بناء اقتصاد أكثر تنوعًا وابتكارًا واستدامة، لقد أثبتت المرأة السعودية أن نجاحها ليس استثناءً بل قاعدة جديدة لمرحلة من النضج الوطني. فقد امتلكت أدوات المعرفة، وتشبّعت بروح المبادرة، واستفادت من البيئة الداعمة التي وفّرتها القيادة الرشيدة، لتصبح اليوم مساهمة في صياغة مستقبل المملكة الاقتصادي. ومن خلال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والحضور المتزايد في قطاعات الطاقة، والتقنية، والمالية، والعقار، والسياحة، استطاعت المرأة أن تضع بصمتها في أهم ميادين الاستثمار وأن تقدم نموذجًا وطنيًا متوازنًا يجمع بين الطموح والمسؤولية، إن دعم الدولة للمرأة لم يتوقف عند حدود التمكين المهني، بل تجاوز ذلك إلى بناء منظومة متكاملة تشمل التعليم، والتدريب، والتشريعات، والتمويل، مما جعل البيئة الاقتصادية أكثر شمولًا ومرونة. كما أن المؤسسات الوطنية مثل منشآت، وبنك التنمية الاجتماعية، والجامعات السعودية، لعبت أدوارًا تكاملية في تأهيل الرياديات وتمكينهن من المنافسة محليًا وعالميًا. هذا التكامل المؤسسي يعكس وعيًا استراتيجيًا بأن استثمار طاقات المرأة ليس خيارًا تجميليًا، بل ضرورة وطنية لتحقيق أهداف النمو المستدام، وعلى الصعيد الاجتماعي، أحدث حضور المرأة في ريادة الأعمال تحولًا ثقافيًا عميقًا. فقد أصبحت رمزًا للجدية والمسؤولية والالتزام، وأسهمت في ترسيخ مفهوم الإنتاج لدى الأجيال الجديدة من النساء والفتيات. كما ساهمت قصص نجاح السعوديات في بناء صورة عالمية مشرقة عن المملكة، بوصفها دولة تحتضن الإبداع وتؤمن بتكافؤ الفرص دون تمييز، ومع استمرار مسيرة الإصلاح والتمكين، يتّضح أن دور المرأة السعودية في الاقتصاد لم يبلغ ذروته بعد، بل يقف على أعتاب مرحلة جديدة من التأثير الدولي. فالتحول الرقمي، والانفتاح على الأسواق العالمية، وتنامي حضور المرأة في مواقع القيادة، جميعها مؤشرات على أن المستقبل يحمل فرصًا أوسع ومساحات أرحب للإبداع والابتكار النسائي، إن المرأة السعودية اليوم ليست فقط رمزًا للنهضة الاقتصادية، بل شريكة حقيقية في بناء وطنٍ مزدهرٍ ومتوازن. فبقدر ما أُعطيت من دعم وثقة، أعادت للوطن أضعاف ما قُدّم لها من إنجاز وفخر. وهكذا، يكتمل المشهد التنموي بصورةٍ تُجسد روح رؤية 2030: "وطن طموح، ومجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر"، تكون فيه المرأة قلب الحراك وصانعة غده المشرق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.