ارتفعت أسعار النفط، أمس الأربعاء، وسط انخفاض مخزونات النفط الخام الأميركية، والتفاؤل باجتماع قادة الولاياتالمتحدةوالصين، أكبر مستهلكين للنفط في العالم. ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 22 سنتًا، أو 0.34 %، لتصل إلى 64.62 دولارًا للبرميل عند الساعة 07:45 بتوقيت غرينتش، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 20 سنتًا، أو 0.33 %، لتصل إلى 60.35 دولارًا. وأعلنت وزارة الخارجية الصينية، يوم الأربعاء، أن الرئيس الصيني شي جين بينغ سيلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يوم الخميس في مدينة بوسان الكورية الجنوبية. وأضافت أن الاجتماع "سيُعطي زخمًا جديدًا لتطوير العلاقات الأميركية الصينية"، مُضيفةً أن بكين مُستعدة للعمل معًا لتحقيق "نتائج إيجابية". وأعربت الصين أيضًا عن انفتاحها على مواصلة التعاون مع الولاياتالمتحدة بشأن الفنتانيل، بعد أن صرّح ترمب بتوقعه خفض الرسوم الجمركية على السلع الصينية مقابل التزام بكين بكبح صادرات المواد الكيميائية الأولية للفنتانيل. وأفادت مصادر في السوق، نقلاً عن بيانات معهد البترول الأمريكي الصادرة يوم الثلاثاء، بانخفاض مخزونات النفط الخام والبنزين ونواتج التقطير في الولاياتالمتحدة الأسبوع الماضي. انخفضت مخزونات الخام بمقدار 4.02 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 24 أكتوبر. وانخفضت مخزونات البنزين بمقدار 6.35 مليون برميل، بينما انخفضت مخزونات نواتج التقطير بمقدار 4.36 مليون برميل عن الأسبوع السابق. أدت عمليات السحب التي فاقت التوقعات إلى ارتفاع قصير الأجل في الأسعار خلال جلسة التداول الأخيرة، وواصلت دعم السوق. وقالت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق في فيليب نوفا، إن السحب المفاجئ من المخزونات الأميركية ساهم في دعم الأسعار، إلا أن تفاعل مخاطر العقوبات وموقف أوبك+ يُحرك الأسواق. وأضافت: "هذا لا يعني أن هذا الارتفاع له آفاق صعودية غير محدودة. فبينما تتزايد التوقعات بشأن العقوبات والإمدادات، لا يزال الطلب ضعيفًا، ولا تزال الطاقة الإنتاجية الفائضة موجودة". وسجل خام برنت، وخام غرب تكساس الوسيط الأسبوع الماضي أكبر مكاسب أسبوعية لهما منذ يونيو بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عقوبات على روسيا تتعلق بأوكرانيا لأول مرة في ولايته الثانية، مستهدفًا شركتي النفط الرئيسيتين لوك أويل، وروسنفت. مع ذلك، ضغطت الشكوك، في أن العقوبات ستُعوّض فائض العرض، والحديث عن زيادة إنتاج أوبك+، على الأسعار، حيث انخفض كلا الخامين القياسيين بنسبة 1.9 %، أو أكثر من دولار واحد، في الجلسة السابقة. وصرح الكرملين يوم الثلاثاء بأن روسيا توفر طاقة عالية الجودة بسعر جيد، وأن شركاءها سيقررون بأنفسهم ما إذا كانوا سيشترون طاقتها بعد تطبيق الولاياتالمتحدة عقوباتها. وأفادت مصادر في قطاع التكرير بأن العديد من مصافي التكرير الهندية أوقفت طلباتها الجديدة على النفط الروسي مؤقتًا في انتظار توضيحات من الحكومة والموردين، بينما لجأ بعضها إلى السوق الفورية بحثًا عن بدائل. ومع ذلك، أعلنت شركة النفط الهندية المملوكة للدولة يوم الثلاثاء أنها لن تتوقف عن شراء النفط الروسي طالما أنها تمتثل للعقوبات. من جهة أخرى، صرح وزير الاقتصاد الألماني بأن الحكومة الأميركية قدمت ضمانات كتابية بأن أعمال شركة روسنفت في ألمانيا ستكون معفاة من العقوبات لأن أصولها لم تعد تحت السيطرة الروسية. وفي السياق ذاته، أوضح المحلل في مجموعة "برايس فيوتشرز" فيل فلين، أن منح واشنطن هذا الإعفاء لألمانيا يشير إلى إمكانية وجود هامش للتحايل على العقوبات، ما يخفف المخاوف بشأن تراجع كبير في الإمدادات. على صعيد الامدادات، أفادت مصادر أن أوبك+، أكبر تجمع للدول المنتجة للنفط في العالم، تتجه نحو زيادة متواضعة في الإنتاج في ديسمبر، بزيادة قدرها 137 ألف برميل يوميًا. وذكرت شركة هايتونغ للأوراق المالية في مذكرة لها، أنه مع دخول النصف الثاني من الأسبوع، قد يدعم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي المرتقب بشأن أسعار الفائدة، واجتماع قادة الولاياتالمتحدةوالصين، معنويات السوق. الطلب على النفط الخام قوي في جانب آخر، صرّح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط، أمين الناصر، يوم الثلاثاء، بأن الطلب على النفط الخام كان قوياً حتى قبل فرض العقوبات على شركات النفط الروسية الكبرى، وأن الطلب الصيني لا يزال قويًا. وقال الناصر إن الذكاء الاصطناعي رهان أرامكو للسنوات العشر المقبلة، وإن الشركة ستُركز خلال السنوات العشر المُقبلة على زيادة إنتاج الغاز وتعزيز استثمارات الطاقة المتجددة، لكنه أوضح أن عنصر الذكاء الاصطناعي والرقمنة سيكون حاسمًا في عمليات الشركة. وكشف الناصر، عن التوجه نحو زيادة إنتاج الغاز بأكثر من 60 % بحلول عام 2030، إلى جانب تنمية استثمارات الطاقة المتجددة والكيميائيات المُسالة، للاستفادة من النمو القوي الذي تشهده الأسواق المختلفة. وأكد أن "النفط والغاز سيستمران في لعب دور محوري ضمن مزيج الطاقة العالمي لعقود مقبلة". وعن الذكاء الاصطناعي والرقمنة في أعمال أرامكو، قال الناصر: "جميع مرافقنا متصلة عبر أنظمة رقمية متقدمة، ولدينا بيانات عالية الجودة ومواهب مدربة في الذكاء الاصطناعي، يبلغ عددهم نحو 6000 متخصص". ووفقًا للناصر، بلغت القيمة المحققة من التكنولوجيا في أرامكو ملياري دولار في 2023، ويتوقع أن ترتفع إلى 4 مليارات دولار في 2024، بينما يُنتظر أن تتراوح بين 2 و4 مليارات دولار سنويًا في 2025، موضحًا أن نصف هذه القيمة يأتي من الذكاء الاصطناعي وحده، والنصف الآخر من مشاريع الرقمنة. وأبرمت شركة أرامكو السعودية مع تحالف صفقة ب11 مليار دولار لمشروع الجافورة للغاز، بنظام استئجار وإعادة تأجير لمرافق معالجة الغاز في الجافورة، وذلك مع ائتلاف مكوّن من مستثمرين دوليين، بقيادة صناديق تديرها "جلوبال إنفراستركتشر بارتنرز"، المعروفة باسم "جي آي بي" والتابعة لشركة "بلاك روك". ويتكون ائتلاف المستثمرين الذي تقوده "جي آي بي" من: شركة حصانة الاستثمارية، والصندوق العربي للطاقة، و"إنفستكورب أبردين إنفراستركتشر بارتنرز"، بالإضافة إلى مستثمرين مؤسسيين آخرين من شمال وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط. وكجزء من الصفقة، ستقوم شركة الجافورة لنقل ومعالجة الغاز (جي إم جي سي) – وهي شركة تابعة لأرامكو السعودية تم إنشاؤها حديثًا – باستئجار حقوق التطوير والاستخدام لمعمل الغاز في الجافورة، ومرفق رياس لتجزئة سوائل الغاز الطبيعي، وإعادة تأجيرها مرة أخرى إلى أرامكو السعودية بموجب اتفاقية لمدة 20 عامًا. وستحصل شركة (جي إم جي سي) على تعرفة تدفعها أرامكو السعودية مقابل منحها الحق الحصري في استلام ومعالجة الغاز الخام المستخلص من الجافورة. ولا تفرض الصفقة أيّ قيود على كمّيات إنتاج أرامكو السعودية التي ستحتفظ بحصة ملكية قدرها 51 % في شركة (جي إم جي سي)، بينما يحتفظ المستثمرون بقيادة (جي آي بي) بحصة 49 % المتبقية. وفي تطورات الرسوم الجمركية الامريكية، أظهر تقرير نشرته شركة ديلويت يوم الأربعاء أن الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سترفع تكاليف التشغيل، وتعطل سلاسل التوريد، وتضعف زخم الاستثمار في صناعة النفط والغاز في عام 2026. يعتمد قطاع الطاقة بشكل كبير على سلاسل التوريد العالمية، وتُعد المواد المستوردة دوليًا، مثل منصات الحفر والصمامات والضواغط والصلب المتخصص، أساسيةً لعملياته. وأفاد التقرير أن الرسوم الجمركية الأميركية على هذه المكونات وغيرها من مواد الإدخال الرئيسية، بما في ذلك الصلب والألمنيوم والنحاس، قد تزيد من تكاليف المواد والخدمات عبر سلسلة القيمة بنسبة تتراوح بين 4 % و40 %، مما قد يُقلص هوامش ربح الصناعة. فرضت الولاياتالمتحدة رسومًا جمركية على مجموعة واسعة من الواردات، بما في ذلك رسوم تتراوح بين 10 % و25 % على المواد الخام غير المشمولة باتفاقية الولاياتالمتحدة والمكسيك وكندا، و50 % على الفولاذ والألمنيوم والنحاس. وأفادت ديلويت في تقريرها بأن هذه الرسوم قد تُعيد تشكيل هيكل تكاليف صناعة النفط والغاز، وتُزيد من حالة عدم اليقين بشأن مصادر المواد الخام. وقد يُؤجّل التضخم وعدم اليقين المالي الناجمان عن الرسوم الجمركية قرارات الاستثمار النهائية ومشاريع الحقول البحرية الجديدة التي تزيد قيمتها عن 50 مليار دولار إلى عام 2026 أو بعده. ونتيجةً لذلك، قد يُواجه المُشغّلون صعوبةً في تعويض التكاليف المرتفعة، مما قد يُضعف في نهاية المطاف نشاط الاستثمار في هذا القطاع، وفقًا للتقرير. ومع ارتفاع تكاليف المدخلات وتزايدها عبر سلسلة القيمة في شكل تعديلات على الأسعار، تتوقع ديلويت أن تعيد شركات النفط والغاز التفاوض على العقود مع تضمين بنود التصعيد والقوة القاهرة لتقاسم المخاطر والحد من التعرض للتقلبات. وأفادت ديلويت بأن الاضطرابات المستمرة قد تدفع الشركات إلى إعطاء الأولوية لمرونة سلسلة التوريد على حساب المصادر الأقل تكلفة، والتحول إلى موردين محليين أو غير خاضعين للرسوم الجمركية، واستخدام مناطق التجارة الخارجية أو إعادة تصنيف الرسوم الجمركية لإدارة الرسوم. ويُعد هذا التحول مهمًا بالنظر إلى اعتماد الولاياتالمتحدة على الواردات، حيث سيتم تلبية ما يقرب من 40 % من طلب الدول النفطية على السلع الأنبوبية في عام 2024 من مصادر أجنبية. وكانت أسعار النفط قد ارتفعت بشكل طفيف في التعاملات الآسيوية يوم الأربعاء، حيث هدد تجدد العمل العسكري بين إسرائيل وحماس بزعزعة وقف إطلاق النار الأخير، على الرغم من أن الحذر الذي ساد قبل اختتام اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أبقى المتداولين على الحياد. لكن أسعار النفط الخام ظلت هشة وسط مخاوف مستمرة من وفرة وشيكة في المعروض، خاصة وأن التقارير الأخيرة أظهرت أن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها يستعدون لزيادة الإنتاج مجدداً. توقفت مكاسب أسعار النفط إلى حد كبير بسبب ترقب قرار الاحتياطي الفيدرالي. من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، خاصةً بعد أن أظهرت بيانات الأسبوع الماضي مزيدًا من التباطؤ في التضخم الأمريكي. لكن التركيز سينصبّ بشكل مباشر على تعليقات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بشأن الاقتصاد والسياسة النقدية المستقبلية، خاصةً مع انقسام الأسواق حول مدى استمرار خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة.