تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز انطلقت النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، أمس الثلاثاء، في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمراتبالرياض، تحت شعار "مفتاح الازدهار".. ويستقطب المؤتمر أكثر من 8000 مشاركٍ و650 متحدثا بارزا من خلال 250 جلسة حوارية، مما يُعزّز مكانة الرياض مركزًا عالميًا رائدًا يجمع القياديين والمبتكرين من مختلف دول العالم، لتحويل الرؤى إلى إستراتيجيات عملية تُشكّل مستقبل الاستثمار. وسيشهد المؤتمر خلال الفترة من 28 حتى 30 أكتوبر، مجموعة متنوعة من الجلسات التي ستتناول موضوعات حيوية مثل: تأثير الذكاء الاصطناعي والروبوتات على الإنتاجية، وتكوين الثروة في ظل تزايد عدم المساواة، والآثار الجيواقتصادية لندرة الموارد، والتحولات الديموغرافية التي تُعيد تشكيل القوى العاملة المستقبلية، إلى جانب إستراتيجيات تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية. وعلى مدى الأيام القادمة سيشارك رؤساء الدول، وصناديق الثروة السيادية، وكبار المسؤولين التنفيذيين، والرواد في مجالات التكنولوجيا، والطاقة، والرعاية الصحية، والمناخ، والتمويل، والثقافة، في مناقشات رفيعة المستوى ترسم ملامح مستقبل النمو العالمي، والاستثمار، والتقدم الإنساني. وحول ذلك أكد محافظ صندوق الاستثمارات العامة رئيس "مبادرة "مستقبل الاستثمار"، ياسر الرميان، عن بلوغ حجم الصفقات التي أُبرمت خلال النسخ الماضية من مبادرة مستقبل الاستثمار بنحو 250 مليار دولار، وذلك في الأعوام ال9 السابقة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن العالم شهد تغييرًا في عام وطموحات المستثمرين والشركات زادت مع الفرص المتاحة. وأفاد الرميان أن مجموع الناتج المحلي العالمي أكثر من 111 تريليون دولار. وأفاد الرميان، أن العالم يحتاج إلى نموذج جديد وتعاون دولي من أجل الازدهار، مؤكدًا أن مبادرة مستقبل الاستثمار تقوم بهذا الدور في جمع قادة دول العالم وصناع القرار للتعاون وبذل الجهود لإحداث التغيير، مفيدًا أن النسخة التاسعة من الحدث ستشهد إعلانًا مهمًا يوحّد جهود قادة العالم بتحقيق "الازدهار".كما أشار أن هناك تخوفا متزايدا من تأثير الذكاء الاصطناعي على العدالة عالميًا، موضحًا أن انعدام المساواة ليس فجوة اقتصادية فقط، وإنه عائق أمام طموح الإنسان وقدرته على تحقيق أهدافه. وأوضح الرميان أن نمو الاستثمارات الأجنبية للمملكة بنسبة 24 % خلال العام الماضي، لتصل إلى 31.7 مليار دولار، مبينًا أنه على الحكومات والقطاع الخاص العمل كشركاء لتحقيق الازدهار العالمي. من جهته قال رئيس اللجنة التنفيذية لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار ريتشارد أتياس، إن حلم مبادرة مستقبل الاستثمار منذ تأسيسها، جمع صناع القرار العالميين للتعاون لا للتنافس ولتشكيل المستقبل لهذا العالم، مؤكدًا أن نسخة هذا العام تسجل رقمًا قياسيًا بمشاركة 9 آلاف وفد و2000 متحدث وإعلامي من مختلف العالم. وبين أتياس، أن الحدث في نسخته الحالية يعكس البحث عن مستقبل أكثر استدامة وشمولًا وإنسانية، مؤكدًا أن مبادرة مستقبل الاستثمار أصبحت حركة عالمية تمثل الجرأة في مجالات الصحة والذكاء الاصطناعي والتنمية البشرية.وأضاف أن المبادرة تستكشف هذا العام، الفرص الاستثمارية لكل قادة العالم وهي حركة تدعم التقنية والذكاء الاصطناعي. إلى ذلك تطرقت أولى الجلسات الحوارية لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، إلى الحديث عن صناعة التغيير الجيواقتصادي، بمشاركة قادة الشركات الدولية الكبرى وكبار الرؤساء التنفيذيين، حيث أكد خلالها الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، لاري فينك، أهمية دول الخليج وتحديدًا السعودية التي أصبحت الوجهة الرئيسة لرؤوس الأموال العالمية. وفي هذا الشأن أوضح الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، أن من الرائع رؤية التحول الكبير الذي تشهده السعودية مرة أخرى، مشيرًا إلى أن العودة إلى هنا مجددًا أظهرت تغيرًا هائلًا في مختلف المجالات. وتابع فينك، أن شركته نفذت مؤخرًا صفقة في السعودية، وشهدت طلبًا يفوق العرض بخمس مرات، مشيرًا إلى أن حجم الأموال المهتمة بالاستثمار في المملكة بلغ مستوى قياسيًا من مختلف أنحاء العالم. وأضاف أن هذا الإقبال الكبير يمثل دليلًا واضحًا على التحول الكبير الجاري في البلاد والمنطقة بأكملها. وبيّن فينك أن دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت بشكل متزايد واحدة من الوجهات الرئيسة لرؤوس الأموال العالمية، بعد أن كانت المنطقة تقليديًا أقل استثمارًا من قبل المؤسسات العالمية. وأكد أنه لا يرى تحركًا كبيرًا في الأسواق حاليًا، لافتًا إلى استمرار الإيمان العميق بالفرص في السوق الأميركية، مضيفًا أنه خلال الربع الثاني من هذا العام، جاء أكثر من 40 % من النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة من الإنفاق الرأسمالي على التكنولوجيا، وهو ما لا يُرى في مناطق أخرى من العالم. وواصل فينك، هذا الإنفاق يشمل مراكز البيانات وتوسيع قدرات الطاقة وبناء توربينات الغاز. وفي حديثه عن القضايا التي تشغل البنوك المركزية حاليًا، أشار فينك أن أبرز التساؤلات تتعلق بدور "الترميز الرقمي" و"الرقمنة"، ومدى السرعة التي يجب أن تفكر بها هذه المؤسسات في رقمنة عملاتها الوطنية. كما تساءل عن تأثير ذلك على دور الدولار إذا أصبحت كل العملات رقمية، وعن انعكاساته على أنظمة المدفوعات البنكية وشركات الدفع مثل "ماستركارد" و"فيزا". وأكد فينك أن العالم يقضي وقتًا طويلًا في مناقشة الذكاء الاصطناعي، لكنه لا يمنح الاهتمام الكافي لموضوع ترميز الأصول المالية وتسريع التحول نحو المحافظ الرقمية، التي ستتيح نقل الأصول مثل صناديق المؤشرات وغيرها بشكل رقمي. وواصل أن هذا التحول سيحدث بسرعة على مستوى العالم، ومعظم الدول ليست مستعدة له بعد، ولا تُقدّر بالكامل مدى تأثير التكنولوجيا في هذا المجال، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا ستُحدث تحولًا كبيرًا في "البنية التحتية المالية" تمامًا كما تفعل الآن في مجال الذكاء الاصطناعي. من ناحية أخرى، ذكر الرئيس التنفيذي لبنك إتش إس بي سي، جورج الحداري، في نفس الجلسة، أن البنك وُلد قبل 160 عامًا في هونغ كونغ، وبعد نحو 10 سنوات فقط كان قد تأسس بالفعل في سان فرانسيسكو، مشيرًا إلى أن هذه المسيرة الطويلة تعكس عمق خبرة البنك وتاريخه العريق في مجال الخدمات المالية. وطبقًا لجورج، البنك واصل عمله في المملكة دون انقطاع لأكثر من 70 عامًا، لافتًا إلى أهمية بناء التواصل من خلال الثقة والعلاقات والفهم التاريخي للاحتياجات والثقافات المحلية، مؤكدًا أن هذا النهج هو ما يسعى البنك لترسيخه في جميع عملياته حول العالم. وأضاف أن بنك إتش إس بي سي يعمل مع شركاء ومنافسين كبار، من ضمنهم نظراؤه الأميركيون، مشددًا على أن التكامل والتعاون بين المؤسسات المالية يضمن أن تكون الخدمات المالية مشتركة ومتكاملة لصالح الجميع. وحول العلاقة مع الحكومة الصينية، أشار جورج إلى أن البنك يمارس أعمالًا واسعة في بكينوهونغ كونغ، مبينًا أن التعامل مع بعض المتطلبات الوطنية كان دائمًا تحديًا، لكنه في الوقت نفسه يرى أن هناك فرصًا كبيرة في فهم طبيعة الأصول الوطنية الجديدة. وبيّن أن العديد من الأصول أصبحت وطنية في مختلف الدول، مثل الأكواد التقنية، والرقائق الإلكترونية، والسحابة، والبيانات، مؤكدًا أنه متى ما تم فهم مفهوم "الأصول الوطنية" في هذه الأنظمة، فإن هناك "محيطًا من الفرص" يمكن استثماره من خلال التواصل والربط العالمي. ياسر الرميان شاشات مخصصة لعرض الجلسات