لسنا بخير دائمًا، لكننا نتقن التظاهر بذلك؛ بين ابتسامةٍ يومية وألمٍ داخلي، تختبئ معارك لا تُرى، وصمتٌ يُخفي خلفه الكثير من الوجع. في عالمٍ يمضي بسرعةٍ تفوق قدرتنا على اللحاق به، يغيب عن أذهان الكثيرين أن الصحة النفسية ليست خيارًا ثانويًا، بل أساس الحياة المتوازنة. فالعقل المرهق لا يُبدع، والقلب المثقل لا يستطيع العطاء. والاهتمام بالنفس لم يكن يومًا ضعفًا، بل هو وعيٌ عميق بأننا لا نستطيع خدمة الآخرين ما لم نكن نحن بخير أولاً. لأن النفس تستحق العناية؛ الصحة النفسية لا تعني غياب الألم أو القلق، بل تعني القدرة على التكيّف، وإدارة المشاعر، وتقبّل الضعف كجزءٍ من إنسانيتنا. فجميعنا مررنا بلحظات ضعف، بفقد، وبقلة حيلة، لكنها لا تنتقص منّا، بل تُذكرنا بأننا بشر نشعر، ونسقط، ثم ننهض من جديد. أن نطلب المساعدة لا يُنقص منّا شيئًا، بل يعكس وعينا بذواتنا وشجاعتنا في مواجهة ما لا يُقال. فكما نحرص على تغذية أجسادنا، علينا أن نُغذي أرواحنا بالهدوء، بالكلمة الطيبة، وبالراحة التي تمنحنا القدرة على النهوض من جديد. حين نعي.. نكون أرحم؛ فالوعي بالصحة النفسية يجعلنا أكثر تفهمًا ولطفًا مع أنفسنا ومع الآخرين، نُدرك أن خلف كل تصرف رواية، وخلف كل صمت وجعٌ لم يُفهم بعد. نُصبح أكثر وعيًا بأن الدعم لا يكون دائمًا بالكلام، بل أحيانًا بالاكتفاء بالحضور، الوعي النفسي ليس ترفًا ولا شعارًا، بل حياة تُنقذ بصمت، وتُضيء داخلنا من جديد. خذ نفسًا عميقًا.. وامنح نفسك فرصة لتكون بخير، فسلامك الداخلي هو البداية لكل إنجاز جميل. رسالة من القلب: في لحظة ما، سنفهم أن أقوى ما نفعله لأنفسنا هو أن نتوقف قليلًا، أن نعترف بتعبنا، ونُرمم ما انكسر بصبرٍ لا يراه أحد. ليس ضعفًا أن تبكي، ولا عيبًا أن تحتاج مساحة هدوء، فكل قلبٍ مثقل يستحق استراحة. تذكّر دائمًا أن الضوء لا يأتي من الخارج، بل من داخلك حين تختار أن تُحب نفسك رغم كل ما مررت به، فكل عثرة كانت درسًا، وكل وجع كان طريقًا نحو وعيٍ أجمل وسلامٍ أعمق.