يشهد مؤشر الدولار الأمريكي تذبذبًا ملحوظًا في الأسواق، بعد أن استعاد بعض المكاسب الأخيرة. ونسبت رانيا جول، كبيرة محللي الأسواق في إكس اس دوت كوم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هذا التراجع بوضوح حالة عدم اليقين التي تعيشها الولاياتالمتحدة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي. فالإغلاق الحكومي، أصبح ثالث أطول انقطاع تمويلي في التاريخ الأمريكي الحديث، وما زال بلا حل واضح في الأفق. واستمرار هذا الجمود لا يضعف فقط الثقة في إدارة الحكومة، بل يؤثر أيضًا على معنويات المستثمرين الذين ينظرون إلى الدولار الأمريكي كملاذ آمن، وهو ما قد يضاعف ضغوط الهبوط على العملة في الأسابيع المقبلة. وإلى جانب الضغوط السياسية، يواجه الدولار تحديًا جديدًا من توقعات الأسواق بشأن تخفيض أسعار الفائدة، حيث إن الأسواق تعطي احتمالات شبه مؤكدة لخفض الفائدة في أكتوبر، واحتمالًا كبيرًا آخر في ديسمبر. وهذه التوقعات تعكس قناعة المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يلجأ إلى تخفيف السياسة النقدية لمواجهة تباطؤ الاقتصاد وحماية سوق العمل، مما يقلل من جاذبية الدولار أمام العملات الأخرى. وسيؤدي أي خفض جديد للفائدة على الأرجح إلى ضغط إضافي على الدولار، خصوصًا إذا لم تصدر بيانات اقتصادية قوية تعزز الثقة في استقرار الاقتصاد الأمريكي. والتصريحات الأخيرة من رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، ألبرتو موساليم، تزيد من حالة عدم اليقين هذه، إذ شدد على أن البنك قد يدعم مسار خفض أسعار الفائدة إذا ظهرت مخاطر على سوق العمل أو فشل احتواء التضخم، مع التأكيد على أن الفيدرالي يجب أن يتبنى نهجًا مرنًا ومتوازنًا بدل الالتزام بمسار محدد مسبقًا. وهذا يعني أن الأسواق ستظل في حالة ترقب مستمرة لكل تصريح رسمي أو بيانات اقتصادية، مما يجعل الدولار عرضة لتقلبات سريعة. فعلى الجانب الإيجابي، يمكن أن تساهم التطورات في العلاقات التجارية مع الصين في تخفيف الضغط على الدولار. وتصريحات الرئيس ترمب حول استعداد بلاده لخفض الرسوم الجمركية مقابل إجراءات إيجابية من الصين، مثل شراء كميات أكبر من فول الصويا، قد تدعم المعنويات في السوق. ومع ذلك، مثل هذه الأخبار غالبًا ما توفر دعمًا مؤقتًا ولا تعالج التحديات الأساسية التي يواجهها الدولار، والتي ترتبط أساسًا بالسياسة النقدية الداخلية والاستقرار السياسي. ومن هذا المنطلق، يبدو أن مؤشر الدولار الأمريكي يمر بمرحلة معقدة تجمع بين الضغوط الداخلية وفرص الدعم المؤقتة من تطورات التجارة الدولية. والسيناريو الأكثر ترجيحًا، هو استمرار التذبذب حول مستويات 98.00-98.50، مع ميل محتمل نحو الهبوط إذا استمر الإغلاق الحكومي أو إذا نفذ الفيدرالي خطوات خفض الفائدة الفعلية. في المقابل، أي أخبار إيجابية عن تطورات تجارية أو توافق سياسي داخلي قد تمنح الدولار فرصة للتعافي بشكل مؤقت. ويظل الدولار الأمريكي عملة تتأثر بشكل أكبر بالعوامل الداخلية الأمريكية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، مقارنة بالعوامل الخارجية. لذلك، يجب على المستثمرين والمتداولين تبني استراتيجيات مرنة ومراقبة مستمرة لتطورات السياسة النقدية والبيانات الاقتصادية، لأن أي حدث جديد قد يؤدي إلى تحولات سريعة في مسار العملة. من خلال متابعة هذه المتغيرات عن كثب، يمكن للمستثمرين التكيف مع التذبذب الحالي واتخاذ قرارات مستنيرة تتماشى مع الواقع المعقد للأسواق اليوم.