أكد تقرير تصدّر المملكة العربية السعودية قائمة الدول الأسرع تقدمًا عالميًّا في تطور البيئة الاستثمارية، وحصولها على المرتبة الثانية عالميًّا في مؤشر بيئة منح الرخص التعدينية، ودخولها ضمن أفضل "10" دول في السياسات المالية الخاصة بالتعدين، إلى جانب تقدمها في مؤشر البنية التشريعية والتنظيمية لتصبح من بين أفضل دول العالم في الأطر التشريعية، وذلك يعكس الثقة الدولية المتزايدة في البيئة الاستثمارية للمملكة، ويؤكد مكانتها قوة صاعدة في قطاع التعدين العالمي. وفي هذا الشأن كشف تقرير الاستكشاف التعديني في المملكة العربية السعودية، أدلت به وزارة الصناعة والثروة المعدنية، أن الإنفاق على الاستكشاف في المملكة ارتفع بأكثر من خمسة أضعاف خلال الفترة من عام 2020 حتى عام 2024، ليصل إلى نحو "1.05" مليار ريال وهو أعلى مستوى في تاريخ المملكة، حيث جاءت هذه الزيادة نتيجة النمو الكبير في استثمارات القطاع الخاص التي ارتفعت بنسبة "397 %" لتبلغ "770" مليون ريال في عام 2024، مقارنة ب"155" مليون ريال في 2020، فيما ارتفع الإنفاق الحكومي بنحو "16" ضعفًا، ليصل إلى "180" مليون ريال في عام 2024، مقارنة ب"11" مليون ريال في 2020، وهو ما يعكس التحول الكبير في هيكل القطاع، إذ أصبح القطاع الخاص المحرك الرئيس للإنفاق والنشاط الاستكشافي في ظل بيئة تنظيمية محفزة ومبادرات حكومية داعمة للاستثمار المستدام في التعدين. وارتفع الإنفاق على الاستكشاف إلى "539" ريالًا لكل كيلومتر مربع في عام 2024، مقارنة ب"105" ريالات فقط في عام 2020، لتتقدم المملكة من المرتبة العشرين إلى المرتبة الثانية عشرة عالميًّا في هذا المؤشر، محققة معدل نمو سنوي يقارب "50%" خلال أربع سنوات، وهي من أعلى نسب النمو المسجلة عالميًّا. كما تميزت المملكة بتركيزها على المراحل المبكرة من الاستكشاف، حيث وجَّهت أكثر من"(70%" من إنفاقها نحو مشاريع في المناطق الجديدة "التي لم تستكشف من قبل" والمناطق التي لا تحتوي أصلًا على نشاط تعديني أو تمعدن معروف، وهي أعلى نسبة بين"21" دولة مشمولة في المقارنة العالمية، مما يؤكد التزام المملكة بتوسيع قاعدة مواردها المعدنية المكتشفة واستكشاف مناطق جديدة واعدة بالثروات الطبيعية. وعلى صعيد الشركات العاملة، ارتفع عدد شركات الاستكشاف النشطة من "6" شركات في عام 2020 إلى "226" شركة في عام 2024، أي بنمو يزيد على "36" ضعفًا، في حين ارتفع عدد الرخص النشطة إلى "841" رخصة حتى مطلع عام 2025، مقارنةً ب"500" رخصة في عام 2020، أي بنمو يقدَّر بنحو "68%" كما بقي إجمالي المساحة الخاضعة للاستكشاف مستقرًّا نسبيًّا خلال الأعوام الأخيرة، إذ ارتفع من "38" ألف كيلومتر مربع في عام 2020 إلى نحو "42" ألف كيلومتر مربع في عام 2025، ما يعكس تركيز الجهود الحالية على التعمق في الدراسات الفنية ضمن المناطق القائمة بدلًا من التوسع الأفقي في مناطق جديدة، بما يسهم في رفع كفاءة عمليات الاستكشاف وتعزيز جودة المخرجات الجيولوجية. كما أوضح التقرير أنه من خلال جولات التراخيص الثمانية التي بدأت من العام 2022، التزمت شركات الاستكشاف بقيمة مالية قياسية تجاوزت "1.2" مليار ريال على أنشطة الاستكشاف، مع توسع كبير في عدد المواقع المطروحة الذي ارتفع من موقع واحد في الجولة الأولى إلى "29" موقعًا في الجولة التاسعة التي أُطلقت في عام 2025. كما شهد قطاع الاستكشاف التعديني اهتمامًا واسعًا من كبرى الشركات والتحالفات العالمية، إذ بلغت نسبة المستثمرين في قطاع التعدين من الشركات والتحالفات الأجنبية نحو "66%"، مقابل "34%" من المستثمرين المحليين، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين الدوليين في البيئة الاستثمارية والتنظيمية التي وفرتها المملكة. وتنوعت الدول المشاركة بين كندا وأستراليا والمملكة المتحدة والصين والهند وإندونيسيا. وشهدت جهود القطاع الخاص في مجال الاستكشاف نموًّا ملحوظًا، مما يعكس التزام الشركات العاملة بتوسيع نطاق عملياتها وتعزيز استثماراتها في هذا المجال الحيوي. وجاء نشاط الحفر في مقدمة بنود الإنفاق، مرتفعًا من "152" مليون ريال في عام 2023 إلى "230" مليون ريال في عام 2024. كما ارتفع الإنفاق على الاختبارات المعملية بشكل لافت، ليبلغ "81" مليون ريال في عام 2024 مقارنةً ب"21" مليون ريال في العام السابق، أي ما يقارب أربعة أضعاف، إلى جانب مصروفات أخرى شملت الدراسات الفنية، وأعمال المسح ورسم الخرائط، والنفقات التشغيلية، والالتزامات البيئية (ESG)، في تأكيدٍ على تنوع أنشطة القطاع الخاص واتساع دوره في تطوير منظومة الاستكشاف الجيولوجي بالمملكة. ويعكس الإطار العام للإنفاق الاستكشافي في المملكة تكامل الجهود بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، بقيادة هيئة المساحة الجيولوجية السعودية التي تطوِّر قاعدة بيانات وطنية شاملة عبر البرنامج الجيولوجي الإقليمي (RGP) وبرنامج الاستكشاف المسرع (AEP) لتحديد الإمكانات المعدنية وتسريع جمع وتحليل البيانات. ومن الناحية الجيولوجية، تمتلك المملكة قاعدة موارد معدنية ثرية تضم "933" موقعًا استكشافيًّا في مراحل تقييم مختلفة داخل رخص الكشف الصادرة، تشمل "691" موقعًا للذهب والمعادن المصاحبة و"242" موقعًا لمعادن الأساس كالزنك والنحاس. وتشير التقديرات الأولية إلى أن حجم الإمكانات المعدنية للذهب ومعادن الأساس يبلغ نحو "67" مليون أوقية من الذهب و"3.87" ملايين طن من النحاس و"5.24" ملايين طن من الزنك، في حين بلغت الاحتياطيات التعدينية منها نحو "12" مليون أوقية من الذهب و"60" ألف طن من النحاس و"33" ألف طن من الزنك، وتعكس هذه الأرقام ثراء القطاع بالمعادن، وتؤكد قدرة المملكة على أن تكون لاعبًا محوريًّا في سلاسل الإمداد العالمية في مجالات الطاقة النظيفة والصناعات التحويلية.