تداول بعض المقاطع والحديث خلال الأيام الماضية ارتفاع أسعار أونصة الذهب والتي تجاوزت مستويات 4300 دولار، ومعظم المؤسسات المالية ترى أن مستويات 5000 دولار ليست بعيدة بل هدفا ليس بعيدا، هذا التسارع خلق رأيين الأول هو أن رفعا للذهب أتى من خلال تأثير أميركي "بشكل أو آخر"!! حسب ما يتداول، والرأي الآخر أن ارتفاع الذهب لرفع قيمة الأصول الأميركية من الذهب كقيمة لتصبح أصلا يمكن أن يكون ضمانا لاقتراض أعلى، هذان الرأيان وفق معطيات اليوم لا يعتبران موضوعيين، بشرح مبسط، الذهب الأميركي هو 8133 طنا وإذا حولنا هذه الكمية إلى أونصات فهي تعني 261,360,000 أونصة، وبسعر اليوم 4300 دولار "أعلى أقل" فهي تقارب قيمتها 1,123 تريليون دولار، والدين الأميركي المتنامي يتجاوز اليوم 36 تريليون دولار ومستمر، يعني أن قيمة الذهب تقارب 3,1 % من الدين الأميركي، فأين عملية السداد للدين الأميركي التي لا منطق لها اليوم هنا، وإذا ثبتنا الوضع اليوم من الدين الأميركي فيجب أن يكون الذهب بسعر 125 ألف دولار تقريبا للأونصة، فهل هذا ممكن أن يصل له؟ والتوقعات أن عام 2026 سيصل 5000 دولار أو أكثر قليلا فماذا عن 125 ألف دولار. ثانيا أصل الذهب كأصل ليس الأساس للاقتراض الأميركي من خلال السندات، بل لأنه التصنيف الائتماني مهم واقتصاد الولاياتالمتحدة الأكبر عالميا ويستوعب كل هذه الأموال الضخمة من السيولة لاستثمارات الدول بشراء السندات بصدارة اليابانوالصين وغيرها ومعها وصلت لمستويات 36 تريليون دولار وستزيد الأساس هو الاقتصاد الأميركي، والدولار عملة التجارة الدولية رغم المحاولات اليوم للحد من تعامل بالدولار ولكنه يظل الأهم، وأسواق المال الأميركية التي تجتذب مئات المليارات لا يمكن أن تستوعبها اقتصاديات أخرى بهذا الحجم. أونصة الذهب في عام 1970 كانت بسعر 38.90 دولارا، وتم فك ربط الدولار بالذهب 1971 وفق اتفاقية بريتون وودز، واليوم أكتوبر 2025 بلغ سعرها 4300 دولار، والذهب يزداد أهمية وقوة مع الأزمات المالية وهي عديدة خلال رحلة من 1970 إلى اليوم، مما ساعد ودعم بقوة الذهب على حساب الدولار الذي يتآكل، خسر الدولار من قيمته منذ 1970 ما يقارب 99.2 % أي الدولار اليوم يساوي 0.8 % من قيمته عام 1970، هذا يعني أن الأسعار زادت 100 مرة تقريبا، والدولار لا يعتبر مخزن قيمة كما هو الذهب، فمن كان يشتري بدولار واحد عام 1970 يحتاج اليوم 8 دولارات لشراء نفس السلعة كفرضية، الدولار يفقد قوته وزخمه حتى أن الصين الآن تعتمد في تبادلاتها التجارية على اليوان الصيني ووصلت مستويات كبيرة تتجاوز 24 %، والصين تتخلى عن 600 مليار دولار أميركي وتشتري 640 طنا من الذهب، والذهب لا يتأثر بتقلب العملات بشكل عام، ولا التضخم، ولا يتلف ولا يطبع، وقوة الشراء الكبيرة من البنوك المركزية والأفراد كبيرة جدا وحققت نموا هائلا خلال آخر ثلاث سنوات خصوصا, والذهب مهما صحح " تاريخيا " يعود للارتفاع وبذلك يحقق الحفاظ على قيمته، ولا يمنع أن يحدث تصحيحات طبيعة وأن كانت قاسية أحيانا، وضعف الدولار يدعم ارتفاع الذهب، وخفض الفائدة يشجع على الذهب فعوائد السندات تنخفض، الديون الأميركية وطباعة الدولار ترهق الدولار وتزيده ضعفا مع تنامي الدين، والذهب مستمر إلى أين ؟؟!! أصعب إجابة.