أراك ركبتَ في الأهوال بحراً عظيماً ليس يُؤمن من خطوبهْ تُسَيّرُ فلْكهُ شرْقاً وغَرْباً وتُدْفَعُ من صَبَاهُ إلى جنوبه وأصعبُ من ركوبِ البحر عندي أُمُورٌ ألجأتكَ إلى ركوبه علنا نجد في صورة (الوجد) بعض بقايا الصور التي نفتش عنها في مثل هذه المواضيع. وذلك لأن الوجد هو صوت الضمير، بل هو تلك النافذة المشروعة على دواخل النفوس وقراراتها، الأطلال والآثار، قد تكون صوراً من الماضي ترسم وتقدم لنا التاريخ بواقعه وواقعاته، لكنها قطعاً لا تأخذنا إلى السكوت عنه إلى ذلك الداخل الذي تستقر فيه صورة العالم.. الحياة.. الأمل.. وكل المفردات!! هنا ثمة من (يتوجّد) بسيناريو آخر حاد ومؤلم قال فيه أحد الشعراء: عن الوطن قزّاه فقره ودينه دينه كثير ٌوْلا بقى عنده رْيال فوق البحور ولا استقر بمدينه دايم دوام ٍ فوق غبّات الأهوال ثم انطبع به مركبٍ شاحنينه أيّس ولا له حيلةٍ كود يحتال قام يْتذكّر عليةٍ .. مرتجينه لا عندهم عم ٍ ولا عندهم خال هذه صورة الغربَة والسفر، في الذهن الاجتماعي، حيث تعتكرها المأساة منذ كونها فكرة، وحتى تتم ساعة مواجهة الغرق وفقدان الحول والقوّة حيث تنثال الحميمات إزاء أولئك الذين دفعوا إلى الاغتراب وركوب البحر لتصطدم بأحلامهم الصغيرة والتي لا تتجاوز الأمل بلقمة العيش، إذا تظل تعلق هذه الأحلام رغم قسوة الجوع على ذلك الشاطئ البعيد، شاطئ العودة. يالله.. كم هي مفزعة تلك الحياة،كم هو مؤلم أن يجد الإنسان نفسه وفي أصعب المواقف مضطراً لتذكر تلك البطون الخاوية في أواسط الجزيرة.. نبني أمالها على (رجاء) العودة خلف مساحة شاسعة من الأيام والشهور في الوقت الذي يعضّها فيه الجوع والغربة وجفاف لقمة العيش وسط أهوال البحار وأمواجه المتلاطمة مهنة الأجداد التي أخذتهم أوقاتاً طويلة في عبابها بحثاً عن الرزق بعيداً عن الأهل والأصحاب. يقول الشاعر ضويحي الهرشاني: يا بحر فيك الرزق لاشك مخطور اكبر خطر غوص البحور الغزيره واكبر مصيبة عندنا يا بو منصور لا هبت رياح ٍقوية خطيره وإلا نساك السيب في جمة بحور اما نعس والا تعومس مريره والنوخذة لا صار ضايق ومحشور نضيق من ضيقه ونعجب نظيره لعيون خلي سيد البيض والحور سيد البنات اللي نهوده صغيره لزيد في ذاك الخطر سبع شهور ان كان ذا يرضي خوافي ضميره و يقول سعد الضحيك: يا ناشد عني تراني تكودرت وسط البحر يا مطير كني هبيلي يضيع فكري بالمجاديف والشرت وان خايرو من عند خور الجبيلي انا ليا مني تذكرت وافكرت ليا جرت المجداف ما تستويلي يقول عبداللّه العضياني: يابحر ياللي تلتطم فيك الأمواج وش حيلتك فاللي تعكر مزاجه يا بحر جيتك من همومي والإزعاج لقيت نفسي وسط موج وعجاجه دقت هجوس القلب من كل منهاج وقلبٍ طرى طاريه وشهو خراجه تلعب بي هجوسي على كل مدراج وإلها على نبض الخفوق إندراجه ويقول الشاعرعيد بن صلهام الكبيسي وصف المعاناة مع البحر: يا ما تعبنا في البحر واشتقينا سمت الأيادي قطعت باليدينا والنوخذة بالدوم ينهم علينا والله لا يسقي البحر مع طواريه خوينا ليا مرض زاد شره إش لون يا ذا الناس ما تذوق حره النوخذة غلس ولا به مسرة ويقول صوب البرما اقدر أودِّيه مريضنا أصبح يونون علينا كَلَ السمك كله وتونّط علينا يا عونة الله يا عرب وش بيدينا ما عندنا دختر علاجه يداويه يا بو سعد عزيل من ضاعت ارياه وبرغم أن البحر يجذب الإنسان بسحره وجماله بلونه الأزرق الذي يبعث الأمل والشعور بالهدوء ويعتبر مصدر الهام للشعراء في التعبير عن مشاعرهم فينظمون أرق الكلمات ويفشى اليه المحبين أسرارهم ويشكون له همومهم والبحر يعتبر رمزا للعطاء فهو مصدر رزق وثراء الكثير. وبرغم عن ما تقدم إلا أن البحر يعد مضربا للمثل بالغدر والخيانة فتقلباته المفاجئة والعنيفه تكون سببا لخسارة الإنسان لحياة من يحب فيتحسر على فراقه كما فعلت الشاعرة موضي العبيدي عندما فقدة ابنها فقالت: قلبه حزين ودمع عينه يهلي يسهر طوال الليل والنوم ما جاه في مرقده كنه بنارٍ يملي على حبيبٍ سمت الحال فرقاه الطيب اللي بالقرايب يهلي مدري درادير ازرق الموج وداه والا كلاه الحوت وا كبر غلي يا ليتني طبيت بالهير وياه موج البحر فوقي وفوقه يزلي ليتي تقاسمت الغرابيل وياه نصيفةٍ حقه وابي نصفهن لي ليتي حضرته يوم قربت مناياه ما كان يا مشكاي بالهير خلي ويوسف خطف بشراع واقفى وخلاه وانا موصيته على جبرة لي الله يسود وجه يوسف وجزواه ما شاف دمعٍ من نظيري يهلي جتني هدومه بعد فقده مطواه لا وفق الله نوخذٍ جابهن لي ليته ورى سيلان والهند مرباه وارجي يجيبه لي سفينٍ امعلي البندق اللي عندنا له مخباه نقالها بعده لعله ايولي وصلاة ربي عد ما حل طرياه وأعداد ما سار القلم بالسجلي.. سفينة شراعية أكبر خطر غوص البحور الغزيره إبراهيم الجبر