لا يزال نادي الهلال السعودي يواصل كتابة تاريخه الذهبي، ليس فقط على مستوى البطولات الجماعية التي اعتاد عليها محليًا وقاريًا، بل أيضًا عبر نجومه الذين صنعوا المجد الفردي ورفعوا اسم النادي والقارة في المحافل الدولية. ومن بين هؤلاء الأساطير، يبرز اسم النجم الدولي الكبير سالم الدوسري، الذي واصل مسلسل تألقه الأسطوري بإضافته حلقة جديدة إلى سلسلة "أساطير الهلال"، بعد تتويجه مجددًا بجائزة أفضل لاعب آسيوي، ليؤكد أن الهلال مدرسة متكاملة في صناعة النجوم لا تُجاريها أي مؤسسة رياضية في آسيا. منذ تأسيسه، اعتاد الهلال أن يكون مصدر فخر للكرة السعودية، ليس فقط بالإنجازات والبطولات، ولكن أيضًا بتخريج لاعبين أصبحوا رموزًا على مستوى القارة. فمن نواف التمياط الذي حمل الجائزة في مطلع الألفية، مرورًا بياسر القحطاني الذي اختير أفضل لاعب آسيوي عام 2007، ثم ناصر الشمراني الذي واصل السلسلة عام 2014، وصولًا إلى سالم الدوسري الذي استعاد الجائزة عام 2022 ويكررها اليوم ليعزز مكانته بين الكبار. هذه الأسماء ليست مجرد لاعبين مرّوا في تاريخ النادي، بل هم محطات مضيئة في مسيرة الهلال، وكل منهم يمثل حقبة تميزت بأسلوبها وإنجازاتها الخاصة، والجامع بينهم أنهم جميعًا تشرّبوا ثقافة الهلال، القائمة على الانضباط، والاحتراف، والإيمان بأن القمة لا تُهدى بل تُنتزع. حين يُذكر اسم سالم الدوسري، فإن الحديث لا يكون عن لاعب موهوب فحسب، بل عن قائد بالفطرة، وصاحب تأثير فني ومعنوي هائل داخل وخارج الملعب. تدرّج في صفوف الهلال منذ الصغر، وعاصر أجيالًا متعاقبة، لكنه حافظ على مكانته الأساسية بفضل تطوره المستمر وقدرته على التكيّف مع كل مرحلة. نجح الدوسري في أن يجمع بين الموهبة والاحترافية، وبين الإبداع والثبات، وهو ما جعله يحافظ على مستواه في كل موسم، بل ويزداد نضجًا وتأثيرًا مع مرور السنوات. إنجازاته مع الهلال ومع المنتخب الوطني السعودي تشهد على قيمة هذا اللاعب الذي جسّد المعنى الحقيقي للالتزام والعطاء، وجعل من اسمه رمزًا للفخر الكروي السعودي. لم يعد فوز لاعب هلالي بجائزة أفضل لاعب آسيوي حدثًا استثنائيًا، بل أصبح عادة متكررة تؤكد عمق العمل الإداري والفني داخل النادي. الهلال لا يصنع نجومًا عاديين، بل يُخرّج أساطير تمثل القارة في المحافل الكبرى، والدوسري خير مثال على ذلك، فقد كان حضوره في كأس العالم 2018 و2022 لافتًا، وسجّل أهدافًا خالدة في ذاكرة الجماهير، أبرزها هدفه في شباك الأرجنتين، أحد أبرز المنتخبات في العالم. هذا الامتداد من المحلية إلى العالمية لم يأتِ صدفة، بل هو نتيجة منظومة احترافية متكاملة، تبدأ من الإدارة الواعية، مرورًا بالجهازين الفني والإداري، وانتهاءً بجمهور يدعم ويؤمن أن كل لاعب يرتدي القميص الأزرق يحمل إرثًا ومسؤولية. جائزة أفضل لاعب آسيوي ليست مجرد تكريم فردي، بل هي انعكاس لتفوق المنظومة الهلالية بكاملها، فالهلال خلال العقد الأخير سيطر على البطولات القارية، وتواجد بشكل دائم في منصات التتويج، ما جعل لاعبيه في دائرة الضوء والمنافسة على الجوائز الفردية. سالم الدوسري، بهذا التتويج، لا يمثل نفسه فقط، بل يمثل كل ما بناه الهلال من هوية وثقافة احترافية جعلت النادي أنموذجًا يُحتذى به في آسيا والعالم العربي، فالإنجاز لا يصنعه لاعب واحد، بل بيئة تهيئ النجاح، وهذا ما فعله الهلال منذ عقود. ربما تتغير الأسماء، وربما تختلف الأجيال، لكن الثابت أن روح الهلال واحدة، هي الروح التي تُلهم كل لاعب يرتدي شعاره أن يسعى لأن يكون الأفضل، وأن يواصل الطريق الذي بدأه من سبقه من الأساطير، ولهذا لا عجب أن كل جيل من الهلاليين يُسلّم الراية للجيل الذي يليه، فيتواصل مسلسل المجد بلا انقطاع. وسالم الدوسري اليوم ليس إلا حلقة جديدة في مسلسل الأساطير، لكنه أيضًا رمز لجيل قادم يتعلّم منه أن المجد لا يُورّث، بل يُصنع بالعزيمة والإصرار والانتماء. خلاصة القول: إن تتويج سالم الدوسري بجائزة أفضل لاعب آسيوي يكرّس حقيقة أن الهلال ليس ناديًا عاديًا، بل مؤسسة رياضية متكاملة تصنع النجوم وتؤسس للنجاح، هو نادٍ يجمع بين التاريخ والحاضر والمستقبل، وبين البطولات الجماعية والإنجازات الفردية. فكل جائزة تضاف إلى سجل أحد نجومه، إنما هي صفحة جديدة في كتاب المجد الأزرق الذي لا تنتهي فصوله، بل يزداد بريقه مع كل جيل جديد من أساطير الهلال. وليد بامرحول