اليوم تعيش المملكة تحولات كبيرة سيمتد تأثيرها إلى دول أخرى، ثورة ثقافية واقتصادية وسياسية وعسكرية؛ هدفها النهائي بناء دولة حديثة وقوية، تحقق الأمن والرخاء والعدل، وتنشد السلام، دولة تركز على جودة الحياة، وتكافح الفقر والمخدرات والجريمة والعنف الأسري بكل أشكاله، وتهتم بالمواطن تعليماً وتدريباً.. كل ذلك يستلزم أن يواكب المواطن خطوات التغيير المتسارعة.. التعاملات الإلكترونية تضاهي ما في الدول المتقدمة.. خدمة أبشر اختصرت المواعيد والطوابير الطويلة والانتظار، جواز سفرك ورخصة القيادة وغيرها تصلك في بيتك خلال يومين، مركز العمليات (911) يستجيب لكل البلاغات بسرعة واحترافية، مركز الرعاية الصحية الأولية في الحي يجري لك الفحص الطبي، ويوفر التطعيمات المطلوبة، والعناية بالأسنان، مركز (937) نافذة تفاعلية بين المواطن ووزارة الصحة؛ يجيب عن الاستفسارات ويقدم الخدمات.. وفي مجال التعليم ذكر لي مدير المدرسة الثانوية في الغاط أن مستوى الطلبة في تحسن مستمر، وكل عام أفضل من الذي قبله. المشاريع العملاقة تنشأ في مناطق مختلفة، ومنها الحدائق الكبيرة، والصحراء تتحول تدريجياً إلى واحات خضراء كما كانت قبل الرعي الجائر والاحتطاب. لم يعد اقتصادنا يعتمد على مصدر واحد، البطالة تدنت من 12 % إلى أقل من 7 %.. الصناعة وأمن الاتصالات والذكاء الاصطناعي لها مشاريع وتعاون مع دول وشركات رائدة، المحتوى المحلي أصبح واقعاً، أصبحت المملكة وجهة سياحية عالمية، تعيش المرأة أفضل أيامها على الإطلاق. تحولات كبيرة تعيشها المملكة، وكل التحولات الإيجابية في العالم يقودها قادة استثنائيون تلهمهم غايات عظيمة، لديهم طموح حدوده السماء، يستسهلون المصاعب، ويحطمون القيود، ينظرون إلى المستقبل في أكثر من زاوية واتجاه، يؤمنون أنه ليس للنجاح حدود، يصنعون عالماً مدهشاً من النجاح لهم ولشعوبهم وللعالم.. هؤلاء قلة. وفي القرن العشرين برز قادة خلدهم التاريخ، الملك عبدالعزيز كان واحداً من هؤلاء، وحّد البلاد، ونشر الأمن والتنمية. والرئيس السنغافوري لي كوان يو حول المستنقعات الآسنة إلى بلد جميل وغني، والرئيس الصيني دنق شياو بينغ أحدث التغيير الجذري في عام 1978، ونقل الصين من سجن الأيديولوجيا إلى فضاء التكنولوجيا، وفتح أبواب الصين على العالم بهدوء وروية، والجنرال بارك في كوريا الجنوبية. ومهاتير محمد في ماليزيا، وتورقت أوزال في تركيا، وبول كاغامي في رواندا الذي جعل بلاده من أنظف بلدان أفريقيا بعد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، والمذابح بين قبيلتي الهوتو التوتسي. والمملكة اليوم تحظى بقائد استثنائي هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي تتلمذ على يد والده القائد والمثقف الملك سلمان، الذي منحه الصلاحيات اللازمة لأخذ المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، وكل ما سبق ليس سوى بعض الشواهد على ما أحدثته الرؤية "2030" بأهدافها وبرامجها. اليوم تعيش المملكة تحولات كبيرة سيمتد تأثيرها إلى دول أخرى، ثورة ثقافية واقتصادية وسياسية وعسكرية؛ هدفها النهائي بناء دولة حديثة وقوية، تحقق الأمن والرخاء والعدل، وتنشد السلام على مستوى المنطقة والعالم، دولة تركز على جودة الحياة، وتكافح الفقر والمخدرات والجريمة والعنف الأسري بكل أشكاله، وتهتم بالمواطن تعليماً وتدريباً، كل ذلك يستلزم أن يواكب المواطن خطوات التغيير المتسارعة، ومن أهم ما يجب التركيز عليه ما يأتي: أولاً: لا توجد عادة تفتح العقل وتوسع الأفق كالقراءة، وتعلو بالفكر، وتكافح الانغلاق والتطرف والغلو، وتحسن الإنتاج، وبالأخص حين تتنوع الكتب، ويحسن اختيارها. ومن جميل الصدف أن نعيش هذه الأيام حدثا ثقافيا مهما، هو معرض الرياض الدولي للكتاب في جامعة الأميرة نورة، ويستمر حتى الحادي عشر من أكتوبر، ولعل المدارس تستغل هذه الفرصة لأخذ الطلبة والطالبات لزيارة المعرض، وتشجيعهم على شراء الكتب وقراءتها، وهكذا مع الأسرة، فالأطفال بحاجة للتعود على القراءة مبكراً، ولعل معرض الكتاب يقام في كل منطقة من مناطق المملكة لما فيه من حراك ثقافي واقتصادي واجتماعي. ثانياً: الشعوب الحية والمنتجة تتمتع بعقول نيرة، وبنية بدنية قوية، تكافح الأمراض المزمنة في سنّ مبكرة، كثير من آلام البشر وأمراضها وإعاقاتها في سنّ متأخرة لها أسباب تتعلق بسلوك المريض حين كان في كامل صحته ونشاطه في شبابه. لا بد من مكافحة التدخين والمسكرات والمخدرات في سنّ مبكرة، في البيت والمدرسة، والتشجيع على الرياضة بأنواعها، الشباب بحاجة إلى قدوة، ولا أفضل من الأب والأم والمعلم والمعلمة لأداء هذا الدور الحيوي. ثالثاً: الحلول العلمية المبنية على الدراسات الميدانية هي أفضل الحلول لمشاكل المجتمع وأمراضه، وهي الأكثر مصداقية، ونتائجها الأقرب للحلول الصحيحة، وهذا يتطلب أن يكون لدينا المزيد من مراكز الأبحاث، ليس في المجالات العلمية فقط؛ ولكن في العلوم الإنسانية والاجتماع، ومكافحة أمراض المجتمع، فلا يوجد مجتمع خالٍ من الأمراض ومسبباتها. علينا أن نسعى لنصبح في مصاف الدول المتقدمة من حيث الصحة والقوة والإنتاج العلمي والفني، وليس الأوائل في نسبة السمنة، وما تحتضن من أمراض مزمنة كالسكري وأمراض القلب والمفاصل، ولا نريد أن نكون الأوائل في قلة الإنتاج والسهر والكسل ونسبة المدخنين، علينا أن نكافح الخوف الزائد من العين والسحر والشعوذة، اليوم تهيأت الظروف، وصح العزم في عهد الحزم والتمكين، لنستثمر هذا الزخم في تنمية العقول والأبدان، لنبهر العالم بأخلاقنا وقيمنا وعاداتنا وإنجازاتنا على كل المستويات.