الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    أمير المدينة يستقبل مدير فرع الإفتاء    التزام خليجي - أوروبي ب«حلّ الدولتين»    حسام بن سعود يطلق «عبيّة»    10.1% نموا في إنفاقات أمن المعلومات    تداول يواصل الارتفاع ويقفز 76 نقطة    «ثقة» تحصد مراكز متقدمة في مؤتمر عالمي    طباخ ينقذ حياة زبون تخلف عن «الروتين»    «مسار كدانة» يجذب آلاف الزوار في مكة    حدثوا أبناءكم وذكروهم    وسط إصرار إسرائيل على استبعاد البرغوثي.. حماس تشدد على الإفراج عن «كبار الأسرى»    كييف تتهم موسكو بتصعيد الهجمات.. روسيا ترفض الاتهامات الأوروبية بشأن المسيرات    الرئيس السوداني المعزول ضمن المتهمين.. «الجنائية الدولية» تدين «كوشيب» بجرائم حرب في دارفور    بعد تتويجهما بكأسي الخليج لكرة القدم.. وزير الرياضة يستقبل لاعبي منتخبي الأخضر تحت 17 و19 عاماً    العروض الأوروبية تغري ثنائي الهلال    تفوق على فيرغسون وفينغر.. غوارديولا يحقق 250 فوزاً في زمن قياسي    53%من المرافق السياحية المرخصة للشقق    بهدف تنظيم العلاقة التعاقدية وحفظ الحقوق.. اعتماد عقد العمل الموحد سنداً تنفيذياً في النزاعات العمالية    إيقاف معلمة يابانية شبهت طفلة بسمكة    «الهريفي على أرض الحقيقة»    «كازابلانكا 2» يجمع منة شلبي وأمير كرارة    «وِرث» يبرز التراث السعودي عالمياً    خادم الحرمين يوجه بفتح «مسجد القبلتين» على مدار الساعة    خادم الحرمين الشريفين يوجّه بفتح مسجد القبلتين في المدينة المنورة على مدار (24) ساعة    طول المواعيد في المستشفيات الحكومية    نوم أقل.. وزن أكثر (2)    «الأخضر» يفتتح معسكر الأحساء    القيادة تهنئ رئيس مصر بذكرى يوم العبور لبلاده    السعودية وإندونيسيا.. 10 مواجهات والتفوق "أخضر"    ثلاثة صقور ب935 ألف ريال    الترجمة بين قلبيها    النفط يرتفع بعد إعلان أوبك+ زيادة أقل من المتوقع في الإنتاج    ترمب: بحث التفاصيل النهائية لإنهاء الحرب    70 قتيلاً ضحايا الفيضانات في نيبال والهند    أمير الرياض يستقبل السلطان وسفير اليونان    «إكرام الجود» توقّع اتفاقية تعاون مع «ملكية مكة والمشاعر»    مكاتب «مدينتي».. وجهة موحدة لخدمات أمانة الرياض    معرض الرياض للكتاب القلب النابض لثقافة الشرق    جامعة جازان تعزز جودة المخرجات والخطط الدراسية    جازان تحتفي بالمعلم بشعار إعادة صياغة التدريس كمهنة تعاونية    ملتقي طبي يناقش أحدث التطورات في تشخيص وعلاج التهاب الأمعاء    قافلة إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    خلاف حول ملكية أرض يودي بحياة قاضي في المحكمة    اليوم.. ظهور أول قمر عملاق في 2025 في سماء المملكة والعالم العربي    أمانة الأحساء تطلق مبادرة «تطوعك يبني مستقبل»    الغذاء والدواء تضبط أكثر من 150 ألف دواء منتهي الصلاحية بالدمام    المرجعية الدينية عودة إلى الأصل    نائب أمير جازان يستقبل قائد المنطقة الجنوبية    متخصصون: توحيد خطبة الجمعة لتكون عن سلبيات المبالغة في رفع الإيجارات تفعيل مجتمعي لدور المنابر    موعد مباراة الأهلي والاتحاد في ديربي جدة    "محمية الإمام تركي" تنضم لليونسكو    مقترح بدراسة بحثية عن سرطان الثدي في الشرقية    "صحي مكة" يطلق العام الأكاديمي وبرنامج الدراسات العليا    إكتشاف طفرة جينية لمرضى الكلى    3 سائقين سعوديين يؤكدون حضورهم في بطولة السعودية للفورمولا4 لعام 2025    نائب أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بتبوك    بهدف تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل بالعاصمة.. إطلاق برنامج «تحول الرياض البلدي»    نماء الأهلية تحتفي باليوم الوطني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة ونهضة الأمم
نشر في الرياض يوم 07 - 02 - 2020

المملكة مهيأة لقيادة العالم العربي ثقافياً بما تملك من مقومات النهضة الثقافية، وأهمها القيادة الطموحة والمدركة لأهمية الثقافة وتأثيرها، وتوفر العنصر البشري المتعلم، وأجواء الحرية التي تسمح بالمراجعة والتصحيح والنقد البنّاء، دون التعرض للماضي ورموزه باللوم أو التجريح..
ركز الدكتور زكي نجيب محمود في مؤلفاته الكثيرة على أهمية دقة التعريف حتى نفهم المعنى ومن ثم ننطلق للمشاركة في الرأي، لذا من المهم أن نعرّف الثقافة ولا نحصرها في مفهوم ضيق كالفنون والآداب فقط، لكنها المحرك لتصرفات الفرد، والمؤثر الحقيقي لمسيرة الأمم، فالثقافة هي المحصلة لكل ما نؤمن به من معرفة وعقائد وعادات وقيم وأخلاق وفنون وآداب وتعليم وأنظمة، أي أنها محصلة ما يتعلمه الفرد منذ صغره، وهذا يعني أن الإصلاح الثقافي بحاجة إلى مراجعة كل ما سبق وتصحيحه وإبراز ما يتناسب ومتطلبات العصر الذي نعيشه حتى يكون داعماً ومؤثراً وصانعاً لثقافة عصرية تحث على البناء والتعايش والسلام، ثقافة لديها القدرة على احتواء كل ما يسمو بالأخلاق، ويرتقي بالذوق العام، ويحافظ على مكتسبات الوطن، وحماية البيئة بكل مكوناتها.
وحين نراجع أهم ما قامت به الدول التي نهضت ووصلت إلى العالم المتقدم نجد أنها بدأت بالإصلاح الثقافي رغم ما يمر به هذا العمل من مصاعب وحواجز ومثبطات، لكن الإرادة السياسية والرغبة في التقدم تذلل المصاعب وتجعل العمل ممكناً، وتسهم في نهوض كل أوجه الحياة، والإصلاح الثقافي بالنسبة للمملكة مهم وفي هذا الوقت بالذات من أجل المساهمة في تحقيق الرؤية التي تنشدها القيادة، وحتى تتبوأ المملكة مكانها اللائق بين دول العالم المتقدم بكل ما فيه من قوة واستقرار وأمن ورخاء.
وحين نستعرض أمثلة من التاريخ الحديث نجد أن الدول التي نهضت بدأت بمراجعة كل الروافد التي تغذي الثقافة من تعليم وتراث ومعتقدات وعادات وفنون، واستبعدت كل ما من شأنه أن يكون عامل تثبيط أو تواكل أو روح عدائية ضد الآخر، وأبرزت كل ما يحث على البناء وامتلاك القوة والمساهمة في تنشئة مواطن سليم في عقله وبدنه وتصرفاته، فاليابان على سبيل المثال وكما ذكر المستشرق الياباني "نوبوأكي نوتوهارا" في كتابه "العرب من وجهة نظر يابانية" ذكر أن اليابان راجعت كل مخزونها الثقافي وجعلت هدفها هو التقدم والتوجه لامتلاك أهم مصادر القوة وهو بناء الإنسان ونبذ الروح العسكرية العدائية والغزو العسكري للدول المجاورة، وأسندت القرارات المصيرية للبرلمان وإقرار دستور يكفل ذلك، ومن هنا انطلقت نهضتها من ركام دمار الحرب والبطالة والفقر إلى التركيز على الاقتصاد المبني على إنتاج سواعد وعقول أبنائها، وما تجود به جامعاتها ومراكز أبحاثها ومصانعها.
وهكذا كانت الحال في كوريا الجنوبية في عهد رئيسها الفريق بارك الذي أنشأ لجنة خاصة تراجع الثقافة السائدة بكل مكوناتها لتفرز منها ما يناسب العصر والتطور وجعله ضمن مناهج التعليم والإعلام والفنون، واستبعاد كل ما لا يتناسب مع روح العصر، بعكس كوريا الشمالية التي سارت على خطى الاتحاد السوفييتي وأيديولوجيته التي لا تقيم وزناً للفرد وقدراته وحريته وإبداعاته.
ومن الأمثلة الحية سنغافورة التي قفزت إلى مصاف الدول المتقدمة رغم التحديات الكثيرة التي صاحبت استقلالها عن بريطانيا وانفصالها عن ماليزيا، فركزت قيادتها السياسية على بناء الإنسان، فكانت أولى خطوات الإصلاح هي تطوير التعليم وحسن إعداد القادة ومكافحة الفساد بكل أنواعه، والاهتمام بالبيئة، وأرسل باني نهضتها "لي كوان يو" الوفود تجوب العالم تبحث عن الفرص وتدرس التجارب وكان "لي كوان يو" على رأس أهم الوفود واللجان التي تضع الأسس لبناء النهضة التي جعلت دخل الفرد في هذه الدولة الصغيرة هو الثاني على مستوى العالم.
المملكة اليوم تعيش أفضل الفرص للتحول إلى دولة عصرية قوية تمتلك كل مقومات القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية مما يحتم مراجعة المكون الثقافي ومن خلال تشكيل لجنة من المفكرين والمختصين للتركيز على كل ما يدعو للقوة وتقدير العمل وتوضيح الفرق الكبير بين التوكل والتواكل، وضرورة التعايش مع الآخر المختلف كما أعلن عنه في وثيقة مكة المكرمة التي صدرت عن رابطة العالم الإسلامي في العام الماضي، ووضع ذلك ضمن المناهج ومواد الإعلام والأنشطة الثقافية والترفيهية، لتصب جميعها في بناء مجتمع سليم متحفز ومتعايش مع الآخر.
المملكة مهيأة لقيادة العالم العربي ثقافياً بما تملك من مقومات النهضة الثقافية وأهمها القيادة الطموحة والمدركة لأهمية الثقافة وتأثيرها، وتوفر العنصر البشري المتعلم، وأجواء الحرية التي تسمح بالمراجعة والتصحيح والنقد البنّاء، دون التعرض للماضي ورموزه باللوم أو التجريح؛ فتلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولنا ما كسبنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.